الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العائم 3

نبيل تومي
(Nabil Tomi)

2008 / 2 / 10
الادب والفن


كتابات من رواية عمرها 25 سنة ، تنشر أول مرة
العائم
3
هناك عدة أشكال للقتل ، ولكن الموت واحد ، فما الفرق في أن يعلقوا أو يقتلوا أحياء كانوا يعوا موتهم مرات عدة في اليوم الواحد ... وقد سمع البعض ما قيل في داخل إحدى صالات التعذيب ، حيث يرتفع صوت مـا وغير معروف .... هـاتفا " الموت عندنا لا يعني إنهاء القضية بل هو مبايعة حقيقية لجوهر تلك القضية ، قضية المبادئ الأنسانية ، وموتنا يعني الوفاء لها ، إنهُ مواجهة التـيارالمغرق المهلك والجاعل من الموت لذة أبدية سرمدية لأجل حياة ذات قيمة أنسانية . أنه أصعب بكثيرمن العيش والبقاء أذلاء منكسي الرؤس في الأوحال ، والصعوبة الحقه تكمن هنـا في حد ذاتها ، في كيفية التعامل مع هذا النوع الجديد من الحياة ، إنـنا لن نختار سوى الموت لأجل أن نحيا في القلوب ولكي نخلد في الذاكرة على الدوام ....

بدأوا يشعرون بالأسى الشديد على أنفسهم ، ولكي يبحثوا عن تفسيرات مقنعة ودقيقة وجب عليهم كبـشر أن يأخذوا الواقع بالحسبان قبل كل شيئ ، وبالتالي مصلحة أغلبية الناس وأن لا ينحسر مـا يقدمونه لأقلية مستغِلة وصغيرة وهذا يعني إنهُ عليهم أن يفكروا في الأمرمرتين قبل أختيارالطريق الذي سوف يسلكونه ، بالشكل العام وعلى أن لا يكون طريقاً خاصاً .
أمـعنوا مليا في ذواتهم وتعمقوا في البحث عن رغبات قلبهم ... ثم طرقوا الأبواب كلها لكنهم في محصلة الأمر لم يروا سوى المعلقين من رقابهم وقـد تحدوا بأجسادهم كل أشكال القهر.... محطمين كل القيود باختيارهم الخيار الصحيح ، تاركين خلفهم نفايات الماضي اللعين كلها والتي ولى زمانها وأنتهت ... ليحل محلها عالم جديـد ....

إنهم بهذه الحالة متأكدين من مصيرهم ؛ ويعلمون أن حتفهم هو الموت وحده وليس غير ، وهم بذلك يقدَمون عليه مرحبين ... إنه لدليل ناصع وتعبير كاف عن تقدمية حقـة ولو لفترة زمنية محدودة وإن كانت قصيرة إذاً لابد أن يبحثوا فيما بعد عن أشياء آخرى أكثر تقدمية ومختلفة عن الزمن الماضي ، عليهم تحطيم ذلك بحزم أشد وبقوة وموقف أكثر صلابة هكذا تشابكت وأختلطت الأفكار صراعاً وبسرعة مزدحمة بين من يمرون كالأشباح داخل الذاكرة الحية و لفترات طويلة ولكنها متقطعة ، أمامهم بحر من الحزم الفكرية المرئية والمخفية داخل شاشة الذاكرة العفويه وكلأ ينظر الى الأخرين من الزاوية المناسبة لموقفه . الثوري ، الأنتهازي ، العبثي ، البعثي ، القومي ، الشيوعي والرجعي المهزوز المتخاذل والمغدور والمسلوب أوالمسروق .... كثيرون متنوعون هذه الأيام ولعله يكـُشف آخرون غيرهم مستقبلأ . مع ذلك كانت الأفكار الرافضة تتلاطم في بحر الفقراء والجائعين المنتظرين الى مـا لا نهاية ، نهاية مضطهديهم ... وليس أمامهم خيار سوى الأندهاش من أولائك الصامدون، حيث كان لكل خيال و صورة لشخص ، تمرأمامهم في ذلك الشريط غيرالمرئي أثراً شديد واقع على نفوسهم وهم يعلمون بأنه سيأتي الوقت ليحل ،،، غيرهم محلهم ، أو يتبادلوا الأماكن. أوعله بعد وقت قصير و بعد أن يخفق الجلادين من ثني عزيمة المعلقين والمحتضرين ....كانوا قد احتضنوا الموت بأبهة وحفاوة وكثيراً من الإقدام بتلك الاضواء والحكمة كانوا يسيرون نحوالمستقبل بخطى واثقة . حيث كان ليصبح هؤلاء المعدمون والمقتولون الأمل والضوء القادم والنجمة المسافرة الى الخلود ، أصبحوا الفكرة الجهادية والراية النضالية لأجل المستقبل والنور القادم في النفق المظلم ، كانوا البعض منهم يذهب بعيداً عن أحاسيسهم ومشاعرهم و بأرادتهم الصلبة وقوتهم الحديدية المتحدية حتـى أقسى أنواع الموت .

أصبح موتهم خطاباً مؤثراً ، كلمات لها معان أنسانية نزلت كألهام سماوي و دروس تعليمية أولى كالتي يتناولها الأطفال بتلهف أيام جلوسهم إلى مقاعدهم الدراسية للمرة الأولى !!! ها قد أصبحوا الرمز ، وأصبحت كلماتهم المرصوصة بحكمة وعناية والخارجة بصدق وثقة عالية بالنفس ، أصبحت رصاصات موجهة في وجه أنظمة القتل المتعاقبة والسائرة في فلكهم . حيث يتضح جليا ً في كل مكان وفي كل حين ... وفي كل شبراً من الوطن تخرج أصابع أتهام موجهة للأنظمة المهترئة والزائلة لا محالة ، كانوا لا يتوانون في أن يفسروا ويشرحوا للمعتقلين جميعاً على الرغم من الخسائر ، فهذا كان يعني الثمن لديهم .... وهي الطريقة الأكثر صواباً لمن يبتغي التغير عليه أن يدفع الثمن ، و البديل لن يكون سوى أجساد وأرواح ..... مزهقة يمدونها جسوراً لأجل أن لا ينقطع المرور على الطريق ، لمن سيكمل المسيرة بعدهم ، هكذا كانو يعملون هناك ويحلمون ، مؤمنين كانوا بأن المعلمين هم شموع تحترق لتنير الدروب أمام الأخريين .
سهل جداً .... عند بعضهم الكلام ، كأنهم يعرفونه مسبقاً سلساً صريحاً نابعاً من قلبهم بصدق ، يتعاملون معهم بكل دفْ ، يقتربون من القلوب بسهوله ويدخلونها من دون آذن كالمحبين عند أول لقاء ، يحّسدون على ذلك حتى أنهم كانوا يبحثون عن أشلاء أرواحهم المبعثرة بين ضحايا الحياة العسيرة وخباياها الغامضة ، كانت تلك الأجساد ملقاة وممدده بين قضبان الحديد وتحت رحمة أياد ملوثة بالدماء .... دماء أبرياء من أمثالهم . ورغم كل شيئ فهم يعطون في موتهم إشارة وصرخة تقلق راحة الجلاديين وتقض مضاجعهم بل تخيفهم حتى القشعريرة ، فيهربون ليبحثوا عن جحور يخفون بها جلودهم وسمومهم القاتلة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور


.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان




.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل


.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض