الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاتب العراقي و صناعة المستقبل

محمد الجوراني

2008 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية



لزمن غير قصير تواصل صخب السياسيين العرب الهادر بعبارات النضال المفرغ من محتواه غالبا، و ساهمت ظروف كثيرة باكتضاض منافذ الاعلام بمذكيي روح التطرف والكراهية. حتى ما عاد للكتاب المؤمنين بالسلم و الديمقراطية من العرب – و العراقيين تحديدا – منفذا للارتقاء بجموع المنهكين من الاصطراع العبثي باسم الامة.. تلك الامة التي أدمت نفسها و أقلياتها بحثا عن محاكاة لماض مشرق- مشكوك أصلا بمدى اشراقه - . دون أن يهدها هاد الى ضرورة التأسيس لمستقبلها بالاستفادة من التجارب الانسانية المعاصرة التي أثبتت نجاحها – بغض النظر عن الدين و القومية - .
و بعد زمن من الصراع العربي الاسرائيلي الذي استثمرته المؤسسات الدينية و السياسية في البلدان العربية و منها العراق لقيادة الجموع اليائسة نحو الاحتراب و التطرف و الكراهية المبررة باسم الرجولة و النخوة و الشهادة .. تلك الكراهية التي وصلت حد الانفجار الشديد غير الموجه الذي طال و هدد الجميع . مما استدعى السياسيين و الباحثين في دول المؤسسات الديمقراطية للبحث عن مخرج لمحاصرة ذلك الانفجار و تقليل خسائره على كل المستويات .اضافة لدخول القوات الامريكية ، و لجوئها للحل العسكري لفرض واقع سياسي تبنته السياسة الامريكية للعراق. كل ذلك كان له الدور الكبير في جمع شتات الهاربين من خسائر دنياهم الى مكاسب آخرتهم، فكان العراق و على مدى السنوات الاربع الماضية قبلة الارهابيين بعد أفول نجم قبلتهم السابقة في أفغانستان .
لقد ضيع السياسيون العراقيون الكثير من فرص الاستفادة من الوجود الحضاري العسكري للقوات الامريكية، لأسباب كثيرة منها افتقادهم للخبرة السياسية. و التي نتجت عن طول عهد دكتاتورية الحزب الواحد – المفتقد اساسا للحكمة السياسية و مؤهلات الايمان الحزبي - .. و لعل أوضح صور ذلك التخبط تتضح من خلال تبني غالبية الاحزاب لضرورة اخراج القوات الامريكية و عدم شرعية وجودها ، و سعي قادة تلك الاحزاب بذات الوقت لاستمالة الرئيس الأمريكي لمنحهم حصة أكبر من كعكة السلطة العراقية.. و لقد مارس الكثيرون من الكتاب العراقيين في الداخل و الخارج أخطاء مماثلة، منها لجؤهم للطريق الأسهل باستمالة وسائل الاعلام العربية و العراقية المتبنية لنفس المهام المريضة التي ربيت عليها الجموع لسنين طويلة. فربط هؤلاء كل النتائج السيئة بمسبب واحد هو الوجود الامريكي، كما أخضعوا كل التحليلات لنظرية المؤامرة – ايدز العرب و المسلمين - .
و رغم ان الكتاب العراقيين يحتاجون لزمن غير قصير شأنهم شأن السياسيين العراقيين ، للوصول الى فعل ايجابي يرتقي بالناس لصناعة مستقبل أفضل يستند الى مفاهيم الديمقراطية و التعايش السلمي على الصعيدين الداخلي و الخارجي. الا ان طول هذا الزمن يظل مرهونا الى حد كبير بقدرة هؤلاء الكتاب على التنازل عن اغراءات الشهرة و الكسب المادي الذين توفرهما لهم نسبيا بعض وسائل الاعلام العربي الغنية الممولة من نفط الخليج - المقادة من قبل ثلة من المتطرفين و محدودي الثقافة -. اضافة الى تحمل تبعات عدم ممالاة الجموع بتبني الخطاب الانفعالي الذي لا يقود لسوى المزيد من المآسي .. و ربما لا نكون مغالين ان قلنا بأن دور الكتاب العراقيين في المرحلة الراهنة – عكس المراحل السابقة – أكبر من دور السياسيين . و ذلك لوجود حيز ديمقراطي اعلامي حقيقي ، يرتقي بالكثير من القياسات على الموجود في الساحة العربية على الأقل. غير متناسين ما يفرزه التحسن الأمني خلال الفترة الأخيرة.
ان الكاتب العراقي يمتلك الكثير من المؤهلات اللازمة لتبني هذه المسؤولية ، لكن تعوزه في كثير من الاحيان الثقة الكافية بالنفس و بالشهرة و الكسب المادي الذين يمكن الوصول اليهما عن هذه الطريق – و لكن بزمن أطول - . و لعل الكتاب المقيمين في الخارج هم أوفر حظا من المقيمين في الداخل، بسبب الأمان و ما توفره لهم تلك البلدان من فرصة لمعاينة و معايشة فضائل الديمقراطية.. حيث لا يتصيد كتاب المعارضة أخطاء الحكومة، كما لا يطبل المؤيدون لنجاحات الحكومة كسبا للعطايا.. و حيث يسمي الكتاب الاقتتال حتى ضد الاحتلال بالمأساة و ليس البطولة .. حيث يدرك الجميع ان السياسة الحاكمة ليست الافضل ، لكنها الأحق ما دامت منتخبة، فلا يحاربونها بل يتركونها تعمل حتى يقيمونها فيصوتون لها لفترة حكم محدودة أخرى أو يصوتون لغيرها و يجربوا .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة برشلونة تقطع علاقتها مع المؤسسات الإسرائيلية


.. البنتاغون: لا يوجد قرار نهائي بشأن شحنة الأسلحة الأمريكية ال




.. مستوطنون يهتفون فرحا بحريق محيط مبنى الأنروا بالقدس المحتلة


.. بايدن وإسرائيل.. خلاف ينعكس على الداخل الأميركي| #أميركا_الي




.. قصف إسرائيلي عنيف شرقي رفح واستمرار توغل الاحتلال في حي الزي