الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصحة عقلية لكل عربي

سهيلة بورزق

2008 / 2 / 11
كتابات ساخرة


التقينا صدفة في محطة القطار، للصدف في حياتي الكثير من الألق والدفء والأسئلة، كنت أتأبط صحيفة أمريكية وكان يحضن أكثر من كتاب، لم ألتقه منذ سنة تقريباً، بدا لي وجهه أنحف من أي وقت مضى، لقد قسَتْ عليه الغربة، أرغمته على تحمّل الحياة رغم صلابتها وجنونها، مددت يدي إليه لأصافحه وفي قلبي تمنيت لو أُقبِّله، شدِّ يدي إليه بقسوة المحب وضمني إليه.
قال: أينكِ؟
قلت: هنا وهناك، أشعر أنني في كلّ مكان.
قال: لقد دخلتُ مصحة نفسية منذ شهر، كدت أجنّ بعد الذي حدث لي.
قلت متلهفة: وماذا يمكن أن يحدث لطبيب ناجح مثلك؟
قال: ستصدمين لو قلت لك.
قلت: احكِ أرجوك.
قال بصوت مفجوع: بعت جميع ممتلكاتي هنا في أمريكا، وقررت العودة إلى الوطن وبدء حياة جديدة بين أحضانه، اشتغلت لمدة شهر واحد في الجامعة كأستاذ محاضر، ثم قررت فتح عيادة طبية خاصة وضعت فيها ثروتي كلها، وبعد مدة وجيزة وصلتني رسالة من المحكمة تقول إن العمارة التي اشتريتها تُعتبر ملكاً للدولة وعليّ إخلاؤها في ظرف أسبوع، لكنهم لم يمهلوني حتى نصف يوم وهدموا العمارة بما فيها في اليوم التالي..
الأقدار تفعل بنا ما تريد دائما وأبداً، وهي التي تمدّنا بتفاصيل المسرحية الحياتية التي ننغمس في حلوها ومرّها فاتحين لها قلوبنا أكثر من منطق العقل، ومندمجين في فوضاها حدّ التعب والحزن وأحياناً الانتحار .
من منا لم يفكر في الانتحار على طريقته، من منا لم يقرر الصمت عن الحياة يوماً؟؟.
الإنسان العربي هو الأكثر حزناً وهماً وانتحاراً في العالم، وهو الوحيد الذي لا يقدِّر خطورة ذلك على نفسه وعلى الأجيال اللاحقة، ربما لأننا لا نتقن البحث في الأسباب وإن كانت بسيطة في مجملها، وربما لأنّ حكامنا العرب عودونا على اختزال الحياة كلها في قطعة خبز، حتى أصبحت عقولنا مشلولة أمام إنجازات التكنولوجيا الرقمية، مات فينا الوعي أو ربما انتحر، واستيقظت أفواهنا الجائعة.
نحن مساكين بقدر كافر، نجيد التسكع في الأحلام باسم الحاجة، لم تعد لنا أهداف مقنعة للحياة، قد تكون فكرة إعدام جيل كامل من حكامنا العرب نقطة فعالة نستهدفها حتى لا تنقرض رغبتنا في الحياة، ونفتك بها قبل أن يغلبنا سلطان الحزن، وهو كفيل بحرق عراقة الإنسانية فينا، ألا توافقونني الرأي ولو بمرارة؟.
سأتحمل خصائص الضريبة وحيدة إن صمتم، سأكون كفيلة بذلك، وحينها سأضرب في جميع الجهات كمجنونة صدّقت نكتة التغيير في أوطان تتكالب فيها الأنفس على الصمت بدرجة جد انتحارية .
لم يجن صديقي من طعنة الوطن له، لكنّه قرر أن يخسره إلى الأبد، وقررت أنا تعليم أولادي أن الوطن هو الذات وأينما نجحت الذات هو ذاك الوطن











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟