الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيار البشرية اليوم : إما الهمجية أو مقاومة الإمبريالية

ثائر دوري

2003 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


إن رايخ الخمسمائة عام ، كما يسميه المفكر نعوم تشومسكي ،  الذي نعيش في ظله  منذ سقوط غرناطة و انهيار العصر العربي – الإسلامي و علاقاته الإنسانية . إن هذا الرايخ قد عاد بنا إلى ما دون مرحلة الاجتماع البشري . لقد تشظت المجتمعات البشرية و عاد الإنسان سيرته الأولى يوم وجد على هذه الأرض وحيداً بين أشجار الغابات و في الكهوف ، أما اليوم فيعيش وحدته بين غابات الاسمنت و أحدث منجزات التكنلوجيا .
إن الإجتماع البشري ليس معطى بيولوجياً كما هو الحال في مجتمعات النحل و النمل . بل هو سيرورة تطور و ارتقاء استمر آلاف السنين للتغلب على النوازع الوحشية و ترويض الغرائز الفردية و ضبطها ضمن الجماعة و لصالح الجماعة ، كما أن الاجتماع البشري ليس معطى نهائيا يتم اكتسابه مرة واحدة بل على البشر أن يكافحوا دائما و أبداً من أجل الحفاظ على علاقاتهم المجتمعية . لذلك فقد يرتد الإنسان بسهولة إلى ما دون مرحلة الاجتماع البشري و يصبح أسوأ من الحيوان ، الذي هناك حد معين لا ينزل عنه ، فالنملة لا تقتل نملة أما الإنسان فقد يقتل الإنسان بل و يأكل لحمه .
لقد ارتدت الإمبريالية ، التي تحكم العالم اليوم ، بالبشر إلى ما دون مرحلة الاجتماع البشري فلم نعد نرى إلا نزعات فردية طاغية و تمجيد لهذه النزعات في وسائل الإعلام المسيطرة و ما ينجم  عنها من تضخيم للأنا إلى حد الانفجار .
 تدمير لكل أشكال الإجتماع البشري من القبيلة إلى الدين إلى القوميات ليبقى الفرد الذراتي الوحيد في هذا الكون ، و الذي يسبح  في سديم لا شكل له و لا وصف و لا معنى ، هو الفضاء المعولم بإرادة الرأسمالية . و في هذا الفضاء السديمي لا  يواجه الفرد الذراتي إلا قلقه و حقائق الوجود و العدم فتتحول الحياة برمتها إلى حالة مقرفة مثيرة للغثيان . تتحول الحياة إلى عبء على الإنسان بدل أن تكون مصدر متعة .
إن مهمة الشرفاء و المناضلين في كل أنحاء العالم اليوم تتلخص في إعادة بناء الحضارة الإنسانية القائمة على الاجتماع البشري على كافة الصعد ، الوطنية ، والقومية ، و الدينية . و هنا يبرز خيار مقاومة هذا النظام العالمي الشرس على أنه الخيار الأكثر إنسانية و الوحيد المعول عليه لإعادة بناء الحياة المجتمعية و بالتالي استرداد إنسانية الإنسان .
نحن اليوم أمام خيارين إما الهمجية أو المقاومة ................. 
و ستدرك البشرية لاحقاً ، و قد بدأت قطاعات واسعة منها تدرك المعنى الإنساني العميق للمقاومتين الفلسطينية و العراقية . و قد تجلى ذلك بأفضل صوره في الحركة العالمية المناهضة للحرب و باستمرار دعم الانتفاضة الفلسطينية . و انكشاف الوجه القبيح لإمبريالية الأمريكية حتى في أوربا الحليف التقليدي لأمريكا كما عبر عن ذلك الاستطلاع الأوربي الشهير الذي اعتبر الكيان الصهيوني ، و الولايات المتحدة أكثر الدول في العالم تهديداً للسلم العالمي .
لا يمكن تخيل شكل العالم الكئيب لولا وجود المقاومتين العراقية و الفلسطينية . لا يمكن تخيل بأي وحشية سيتصرف هؤلاء المرابون لولا هاتين المقاومتين ، اللتان أوقفتا المشروع الإمبراطوري الهمجي و نبهتا البشرية إلى خطره على وجود الجنس البشري .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاح روسي جديد نجح مع فئران التجارب وسيتم تجريبه على البشر ق


.. أخبار الصباح | غانتس ينسحب من الحكومة الإسرائيلية.. وزلزال س




.. -بسبب الكحول المغشوش-.. وفاة أكثر من 8 أشخاص وتسمم العشرات ف


.. قائد فرقة غزة يعلن استقالته لفشله في هجوم 7 أكتوبر




.. مجلس صيانة الدستور في إيران يوافق على 6 مرشحين للرئاسة