الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموقع المهذب

خالد صبيح

2003 / 12 / 10
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن


قيل قديما: بضدها تعرف الاشياء
قد يبدوهذا العنوان اتهاميا للاخرين لكنه في الواقع  لايقصد احدا بعينه ولااسما محددا بقدر مايشير الى ممارسات غير مشرفة في بعض المواقع استدعت اطلاقه. وهذا هو مدخلنا للحديث عن الحوار المتمدن. فلكي تصف هذا الموقع عليك ان تنظر في امر المواقع الاخرى. والمسالة في عمومها ليست سلوكا فرديا وتنافسا مهنيا وانما هي مسالة صراع وتوجهات وعقليات.
في العام الماضي كانت الكتابة عن الحوار المتمدن مربكة لانها اثارت تحفظات من الوقوع في مطبات المجاملة الزائفة والمديح  المجاني الفارغ  ـ مع ان الحوار المتمدن لايمنع او يحجب حتى الشتائم بحقه ومن لايصدق فليقرا التقييمات في سجل الزوار ـ  حينذاك كانت هناك امور كثيرة لم تتضح معالمها بعد، على الاقل لي شخصيا. فقد كانت اطياف الوهم، او قل السذاجة،  تحوم على الوعي، والكثير من التسويقات الشكلية للمواقع ولاصحابها انطلت علينا ولم يدر في الخلد انذاك ان هناك من يبغي اشياء واشياء، معلومة وخفية،  من مواقعه غير مايدعي او يعلن او قل ابعد منهما. منها المجد والشهرة ومنها لعب ادوار خاصة ولاهداف خاصة وربما لنزوات نفسية تتوق للتحكم او الاحتكاك باصحاب القلم، فسعوا، كل بدوافعه، من اجل احتكار الاسماء والمواد وفرض الشروط والاملاءات. وبنفس الوقت تحولت ذات المواقع الى تجمع فئوي خاص لجماعة بعينها يتبادلون فيه الحوار والمديح  وتفخيم الذوات والنفخ الرخيص لبعضهم البعض، فهذا استاذ فاضل وذاك مفكر كبير واخر رمز العراق وصار ذكر العديد من الاسماء فيها مسبوق بسطر طويل من الالقاب والمدائح.  وحولا الموقع والعالم الى ملكية خاصة بهم يقصون منهما من يشاءون ويقربون (حبايبهم)  حتى ليشعر اي شخص خارج هذه( الهلمة)  بانه ضيف، ربما ثقيل، لانه لايلعب لعبة التهريج اياها، وعليه ان يجلس في ركن قصي، عند الباب، مستعدا لان يتقبل امر ابعاده من المكان في اية لحظة لان جوقة المرح لاتهضم حضوره الدخيل. وفعلا صارت بعض المواقع مواقع لشلل خاصة يتبادل فيها الرواد المدائح حيث يسبغون على بعضهم البعض الالقاب والمسميات التبجيلية في اسلوب سطحي وفج حتى تحول الدخول الى هذه المواقع لايبعث الا على الضيق والغثيان. وسادت في هذا الجو لعبة الزعل والدلال والاشتراطات،  فيعلن احدهم اعتزامه التوقف عن الكتابة( ولاادري لماذا يعلن ذلك؟ ) فتاتيه حملة تضامن مملوئة بالهتافات بمجده وبقلمه ودوره  في تهريج مخز  كعرس واوية حقيقي فتنتهي التمثيلية نهايتها المعهودة بعودة البطل ويحل السلام وتتحقق السعادة، واخر ينصب نفسه قاضيا وناقدا لما يرد من كتابات وبعناوين مختلفة نافثا احقاده ونرجسيته ومزاجيته مفترضا قدرته وصلاحيته للحديث بكل شان.
 طبعا هنا نبعد من هذا التوصيف والتقييم المواقع ـ الواجهات للاحزاب( العريقة) المنغلقة والمكتفية بذاتها، مالكة سر الحقيقة واكسير الخلود، لمأساوية وهزال اوضاعها، حيث تحولت مواقعها، التي هي شكل للصلة بينها وبين جمهورها، الى تجسيد صادق لحالة التيبس والجمود وتكلس العظام فصارت هياكل فارغة وشبحية ليس فيها سوى اعلانات وتبشيرات من بقايا اعلام الانظمة الاستبدادية وروائح الايدلوجية الشمولية تمجد فعاليات ونشاطات قائدها حتى في ذهابه الى الحمام.
احد الاسلاميين المصابين بغيبوبة حضارية شتم الحوار المتمدن في سجل الزوار زاعجا القارئ بجنجلوتيته عن فوز الاسلام( الف مبروك!!)  وسقوط الفكر الغريب والكافر، غافلا، لاضمحلال وعيه، عن ان الحالة الوحيدة التي مارس فيها انسانيته المفتقدة  بقوله لرايه المختلف اتاحها له موقع الحوار المتمدن الكافر وليس غيره!!.. وهو وغيره من المتحجرات يدرك ان لاهو ولا (الكفار) بمقدورهم قول كلمة يعلنون فيها اختلافهم في الرؤية مع الاسلاميين من على منابرهم الخاصة لانها حكر لظلاميتهم وعالمهم المغلق البائس. واخر راهن على ان كلمته (العبقرية) في تحقير الحوار المتمدن واتهامه بالارتزاق ستُرفع من الموقع لكن رهانه سقط.  مسكين فهو وامثاله مازالوا في حضيض الانغلاق وموت  الوعي السريري لايستطيعون تلمس حراك الحياة ومفاهيم التجديد والديمقراطية التي عاشوها، بغير قصد وعفوية، على موقع الحوار المتمدن.
 هذه صورة واقعية حسبما ازعم عن واقع المواقع الالكتروني التي يتفرد عنها الحوار المتمدن بانه بقي بعيدا عن خزعبلاتها، من اقصاء وتهريج وتمشدق. ممارسا حضوره بهدوء وفعالية،  فليس فيه شلل ولاجماعات ولامحابات لاحد اوتفضيل احد على اخر، وان تسللت اليه بعض الاقلام السمجة مستغلة انفتاحه وسعة صدره لتقدم خطابها السقيم والعدواني.( لكن ماذا نفعل فهذه حرية الراي علينا احتمال نتائجها). وعمل كذلك بدأب وصبر واحتمال على بناء ورعاية مشروع تقديم الفكر العلمي والعقلاني وتقديم صورة طيبة عن الاختلاف في الراي دون ادعاء وبفهم ناضج للحوار العصري والمتمدن.
اذن الموقف هذه المرة في الحديث عن الحوار المتمدن في ذكراه الثانية صار مختلفا.. فوسط هذه الاجواء الصراعية والمتشنجة صار الكلام عنه نوع من الدفاع عن قيم و عن عقلية  وليس مجاملة ومديح. فوسط الكوارث لم يبق لنا الا بعض القلاع الصغيرة تحمينا وتحمي فكرنا ومنها واولها الحوار المتمدن، فكثيرا مايتبادر الى الذهن، عند حصار المواقع الاخرى لنا، بان هذه القلعة هي الوحيدة التي ستبقي بابها مواربا لنا وستحتضننا  وسوف لن تتنكر لاحد كما ان لااحد سيتنكر لها لانها ببساطة لاتحارب احدا  ولاتعادي احدا ولاتستعدي احد على اخر.. ويبقى سلوك ادارتها المتواضع في تواريه عن الانظار وفي عدم فرض رؤيته ومزاجه على الاخرين، والحديث معهم بصوت خافت، ودود ومهذب، علامة قوة وجمال في الحوار المتمدن، فلا شيء اجمل ـ عندي ـ من الابتعاد عن الاضواء والحديث الهامس الخجول والصدق في التعامل  بغير ضجة ولابهرجة.
لهذا كله ولغيره صار من حق الحوار المتمدن علينا ان نصفه  وندعوه بالموقع المهذب.

السويد  
2003‏‏-‏12‏‏-‏09‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرشحون لخلافة نصرالله | الأخبار


.. -مقتل حسن نصر الله لن يوقف مشروع الحزب وسيستمرفي المواجهة -




.. الشارع الإيراني يعيش صدمة اغتيال حسن نصر الله


.. لبنان: مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلي




.. المنطقة لن تذهب إلى تصعيد شامل بعد مقتل حسن نصر الله