الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقعية في المسرح (1)

فاضل خليل

2008 / 2 / 12
الادب والفن


بقلم : أ . تايروف
*** هكذا الواقعية ، وهكذا هو الواقع .
لكن هل يستطيع الواقعيون ، والواقعية أن يمروا خارج الحياة ؟؟
في سنوات شباب المسرح الصغير (*) ومن خلال البحث والتقصي ابتعدنا قليلا عن الحياة ، ولم نعطها الكثير من الاهتمام . ولكن بمرور الزمن وحين اكتشفنا التقصير عدنا إليها وأخذنا منها الكثير بل والكثير جدا . لأن الابتعاد عنها هو ضرب من ضروب المستحيل بعينه ، فمن غير الممكن أن تتحدث وتعمل بالواقع بعيدا عن الحياة ، فلا واقع خارج الحياة . ولكي لا ننسى فالحياة نفسها ليست هي الواقع على المسرح ، وان ارتباط الواقع بالحياة يهمنا كوجود أبدي يساعد على التفريق بين الطبيعية والواقعية . ولو كان هدف المسرح هو الحياة فقط فأن هذا الهدف يعتبر ناقصا من دون استخدام الفن مع الحياة على المسرح ، وهي ما تسمى : واقعية الحياة . ولو أن المسرح يبقى هدفا لخلق الحياة كما هي ، لامكننا القول : أننا استلمنا كل شئ عدى التلقائية التي هي ملح الحياة أو كما يطلق عليها (الإنتاج الطبيعي PRODUCT IO NATURAN ) . والإنتاج الطبيعي ، كما هو معروف لا يمتلك الخصوصية في التنفيذ ولا في التعبير ، كما يراد عند تجسيد الأفكار الكبيرة والمعمقة .
إن هذا الفهم المتقدم للحياة الواقعية يقود إلى الإبداع الحقيقي البعيد عن الضجر من ولادة فنا واقعيا ذو خصوصية وذا هوية واضحة غير متعكزة على فنون أخرى غريبة عن ثقافة البلد – روسية إن كانت الثقافة روسية – فتكون حتما روسية لانا مستندة له ثقافتها والى مسرحها .
*** واقعية النسب .
أول من عرف به هم الألمان ، والفن الألماني على وجه الخصوص . فعندما زارت روسيا فرقة المايننغتن ، حاملة معها العروض المتميزة في نظر الناس والنقاد ، وبعد أن نالت الإعجاب هناك كتب استروفسكي الذي لم يتفق على ذلك التميز فقال في مسرحية {يوليوس قيصر} :" انهم لم يتمكنوا أبدا من تقديم الممثل الموهوب ، ولا الشبيه بالقيصر ، الذي كان بالإمكان الجميع معرفة ملامحه . وهكذا فهم افترضوا الممثل القريب من الجنس الألماني ، لكنه لم يكن ذو أهمية بالنسبة للروس ، لقد نسي الناقد {كرونيك} أن يشير إلى انهم لم يدخلوا العرض من غرفة العمليات التي تؤشر الولادة الحية من خلال المشاهد الواقعية . أي أنهم لم يلعبوا في العرض على الحكاية الرومانية ، ولم يقدموا شكسبير . وأعتقد أن ذلك من حقهم لأن مسرحية يوليوس قيصر ، لايمكن أن تقدم بدون موهبة "(2) . هذا التيار يمثل الولادة الجديدة للواقعية الألمانية ذات السمات الخاصة التي تلعب دورا مستقلا في الحياة التي تحمل المعاني غير المدركة ، والتي لايمكن الوصول إليها إلا بمقدار معرفة الوسط الذي تتغذى منه ، وخصوصا عندما نريد بناء أو تكوين الشخصية الإنسانية القريبة من البيئة التي يعرض فيها العمل المسرحي ، وهذه بالضبط هي وجهة نظر الفنان التي لاتتم بعيدا عن فهم الحياة المادية . فالواقعية إذن واسعة ، ولها تفسيرات عديدة . لكن بساطتها تبدأ هناك في المكان الذي تبدأ فيه الولادة . فبدون هذا ليس هناك واقع ولا واقعية حقيقية .
*** أنا لاتهمني الواقعية .
نعم لا تهمني الواقعية كمفهوم أسلوبي وحسب . وانما يهمني أن يكون لكل جيل واقعيته ، بل أن يرمي كل جيل بالواقعية التي ورثها من خلفه ، انه يحدد واقعيته بمفهومه هو . ولو عدنا إلى تاريخ المسرح سنتذكر بأن واقعية – آدرين لوكوفرور – في عصره كانت أشبه باعتقاد القبيلة برئيسها . لكن عندما ظهر – راشيل – ألقى بواقعية – لوكوفرور – وتبنى فهمه الخاص لواقعية المسرح .
معروف أن واقعية مسرح ماللي MALEY THEATRE(**) ولسنوات طويلة كانت في القمة لفن المسرح الروسي . ستانسلافسكي وتلاميذه وكل جيله كان لهم واقعيتهم الخاصة أطلقوا عليها : واقعية مسرح ماللي . ولهم في إثبات رأيهم أمثلة كثيرة ، منها انطلقوا . وعليه فأن الواقعية ليست مفهوما أسلوبيا ثابتا ، ولكنها مفهوم فكري من حيث المحتوى والتعبير الخارجي والأسلوب الذي يعبر عنه بالاعتماد على الفكر المعبر لمرحلة عن المرحلة الأخرى التي سبقتها والمرحلة التي تليها . والواقعية الاشتراكية مثلا استفادت كثيرا من أفكارها الواضحة المحددة . ومن وجهة النظر هذه ، للواقعية الاشتراكية ، والواقعيين حاربوا من حاول اكتشاف العالم وحتى من حاولوا تفسيره . متناسين بأن الواقعية في الغالب هي اتجاه ، والواقعية الاشتراكية مثلا أرادت فهم الحياة واعادة تنظيمها بما يؤسس لها من خلال اليوم للغد . إن في هذه الواقعية توجد عناصر رومانسية حالمة بالقادم . وليس هناك ما يمنع أن نطلق عليها الواقعية الرومانسية ، أو الواقعية الخيالية . يقول مكسيم غوركي : " فننا يجب أن يرتفع فوق الواقع ، وان يرفع الإنسان فوق الواقع أيضا ، ومن دون أن يجزء الواقع . وحين يقترن الواقع بالخيال ينطلق السؤال التالي : هل هي هذا ؟ الجواب : نعم ، إذا كان البطل الثوري الاشتراكي طموحا ضد الجمود . هذا الطموح يمنح الحياة ظروفا جديدة في الأشكال ، ومن خلال ذلك يمكن أن ننطلق إلى الدعوة للرومانسية "(3) 0

الهوامش
1) موضوع { المسرح الثابت} من كتاب {عن المسرح} ، سلسلة علم وفكر ، صوفيا1984 – بلغاريا .
*) المسرح الصغير : هو المسرح الذي كان يقدم تايروف عليه تجاربه .
2) تنظر مجموعة (أ . ن . أوستروفسكي والمسرح) ص176 – موسكو .
**) مسرح مالي MALEY THEATRE واحد من أهم واكبر المسارح التجريبية في الاتحاد السوفيتي سابقا . يديره جو رجي توفستونوكوف .
3) ركزتايروف مقالته عن غوركي معتمدا على مقالة نقدية لغوركي نشرت عام 1973 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل


.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة




.. مخرجا فيلم -رفعت عينى للسما- المشارك في -كان- يكشفان كواليس


.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا




.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ