الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحديث الجائرعن منظمات حقوق الإنسان الدولية في سوريا

بشار السبيعي

2008 / 2 / 12
حقوق الانسان


يتبجح بعض النقاد والكتاب الذين يلبسون العبائة الأكاديمية ويهتفون بمرادفات فوقية ضد أعمال منظمات ولجان حقوق الإنسان في سوريا، ويتهمون تلك المنظمات واللجان الدولية بالتبعية للإمبريالية العظمى والمحسوبية لأموال أجنبية لإثارة الفتن الطائفية والعرقية بين أفراد المجتمع السوري. النقد اللاذع والمبطن ضد هذه الجمعيات الدولية وأعمالها النبيلة في مجال حقوق الإنسان العالمية، يلبس قناع الليربالية والحداثة مغلفاً بالوطنية المصطنعة ويتجاهل التركيبة الأمنية والإستبدادية لنظام سلطوي عائلي أصبح الفساد مستشري في عروق مؤسساته وحكوماته، يشوه الصورة الحقيقية للواقع المأساوي على الأرض التي تعيشه سوريا منذ أكثر من خمس وأربعون عاماً.

من الطبيعي أن نسمع مثل هذه الأصوات المأجورة أو المحسوبة على أنظمة الإستبداد والديكتاتورية تندد في تلك المنظمات الدولية، فبعد أن إحتكرت الحكومات العربية السلطة في جميع البلدان العربية من خلال التبعية البدوية أوالعرقية لمجتمعاتنا النامية وأخلت الساحة السياسية من كل مايشبه من أصوات معارضة لأنظمتها، لم يبقى في حلبة الصراع الأيديولوجي بين الموالاة والمعارضة إلا المؤسسات والمنظمات التي تسلط الضوء على تلك الإنتهاكات اليومية لحقوق الإنسان في البلاد العربية. فيأتي اليوم أولئك النقاد والكتاب لينالوا من تلك المنظمات ويتهموها بالحيادية والخيانة الوطنية في أعمالها المشرفة في مراقبة التعسف والإضطهاد السياسي والإجتماعي تحت أشد الظروف والإستفزازات الأمنية المفروضة عليها في سوريا وبقية البلدان العربية.

النقد المفتري في حق تلك المنظمات تجاوز الخطوط الأخلاقية إلى درجة تسمية تلك المنظمات ب "الطابور الخامس" وإتهامهم بإعطاء صورة "سلبية" عن واقع مجتمعاتنا العربية "المفكك"! وكأن جميع الأسباب التاريخية المسؤولة عن تشتت وتخلف النضوج الفكري والسياسي في مجتمعاتنا الغارقة في الإستبداد والقمع والإرهاب الذي يمارسه الحاكم ضد المحكوم أصبحت هي العامل الأساسي في خلق تلك الظاهرة الشيفونية عند الحاكم العربي، وأن تلك المنظمات هي التي سببت ذلك المرض العضالي في كرسي الحاكم العربي عامة والحكم السوري خاصة. غريب أمر أولئك الكتاب!! فإن حالف الحظ مجتمعاتنا العربية أن تقع تحت وطئة الظلم والإرهاب السياسي لحاكم مستبد جاء على ظهردبابات الجيش السوري، فهي المذنبة في نظرهم وعليها أن تتفحص أسباب ذلك الغبن والإثم السلطوي التاريخي وتراجع كل مفاهيمها الإجتماعية التي أدت بها إلى القبول بذلك الحاكم الذي أصبحت فروع أمنه المخابراتية تفوق عدد وزارات دولته وأعداد مساجين الرأي والضمير والمثقفين في أقبية زنزاناته بالمئات بينما وصل عدد المفقودين منهم إلى الألاف.

في رأي أولئك النقاد أن تلك اللجان هي المسؤولة عن أمن الدولة وصيانة سماؤها من الإختراقات الجوية لحرمة الأجواء الوطنية وليس قدرات الجيش السوري أو قياداته، فهي إن لم تندد وتهلهل في هذه الأفعال الشنيعة من قبل العدو الصهيوني ضد الوطن السوري، كانت في عداد الخونة والعملاء وهذا دليل على مدى تورطها في أشباك المؤامرة الأمريكية ضد سوريا وشعبها العظيم. هراء مابعده هراء.. فكيف لعاقل أن يكتب مثل هذا الكلام ويحسب أن هناك من سامع أو مصدق لهذا الهزل الكلامي الذي إن كان دل على شئ فهو الدليل على إحتقار الكاتب لقرائه و تسفيه الشعب السوري في قدرته على الإستيعاب وفهم ما يجري من حوله على الساحة الإقليمية والعالمية.

هناك نقص في الوعي أو الإستيعاب لمهام تلك المنظمات في سوريا أو البلدان العربية عند هؤلاء النقاد عندما يطالبون تلك المنظمات بتحليل التركيبة الإجتماعية والثقافية والتاريخية والحضارية للمجتمع السوري قبل أن يقوموا في مهامهم الأساسية التي تتضمن مراقبة الأحكام العرفية الجائرة وتوثيق إنتهاكات الحقوق المدنية والإنسانية للمواطن السوري من قبل فروع أمن الدولة تحت ذريعة حكم الطوارئ الذي مازال يفتك في حقوق الشعب السوري منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن. فقبل أن يتهجم أولئك النقاد على تلك المنظمات ومهامها في رفع الظلم والإستبداد التي تمارسه الدولة ضد المواطن السوري يومياً، عليهم أن ينظروا في أعماقهم بشفافية مطلقة وإخلاص كامل عن الأسباب الحقيقة وراء هذا الظلم السياسي والفكري الذي أصبح يتناول خيرة المفكرين والمثقفين السوريين الذين كرسوا حياتهم لإحياء النضال السلمي ضد الديكتاتورية والفاشية التي تمارسها السلطة اليوم في سوريا.

سوريا اليوم تخضع لإنتهاكات حرمة حقوق مواطنيها الإنسانية والمدنية في الحرية الفردية التي أعطاها الخالق لكل كائن حي من قبل حكومة فقدت شرعيتها منذ سنوات طويلة لتصبح محتكرة من قبل عائلة واحدة تنهب خيرات الشعب وتنسف أماله وأحلامه في بناء دولة العدل والمواطنة لترتقي بسوريا لتصبح واحدة من الدول المدنية والحضارية والديمقراطية الأخرى في صفوف العالم المتحضر. فقبل أن يسلطوا أقلامهم الجائرة على منظمات ترتقي في أعمالها الإنسانية الجليلة في حقوق الإنسان العالمية، يجب على أولئك النقاد أن ينظروا نحو قصرالمهاجرين ليسألوا ساكنه أن يرفع يده الجائرة عن أعناق الشعب السوري ليفتح أبواب زنزاناته المعتمة ليطلق سراح أحرار سوريا وأبناء الوطن.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انتهاك حقوق الانسان في العراق على يد المالكي
الاستاذ حميد ( 2012 / 4 / 22 - 10:36 )
عاجل ..عاجل إعتقالات واسعة تشهدها مدينة كربلاء ليلة السبت الموافق 21 / 4 / 2012م

لازالت يد الظلم تمتد يوم بعد يوم للنيل من المرجعية العراقية العربية المتمثلة بسماحة المرجع الديني العراقي العربي آية الله العظمى السيد الصرخي الحسني دام ظله الشريف ، فقد طالت يد الظلم الليلة ليلة السبت الموافق 21/ 4 / 2012م إعتقالات واسعة لأنصار ومقلدي المرجع العراقي العربي في مدينة كربلاء ، حيث قامت مليشيات مسلحة وبمساندة قوات الأمن في المدينة بمداهمة وإعتقال العديد من الأنصار في جنح الليل المظلم حيث تم إعتقال سماحة الشيخ الخفاجي ومجموعة كبيرة من الاخيار الأنصار ، فأي ظلم وجور يتكرر يوم بعد يوم ؟؟؟؟

http://www.al-hasany.com/vb/showthread.php?t=319805

اخر الافلام

.. آلاف المجريين يتظاهرون في بودابست دعما لرئيس الوزراء أوربان


.. إسرائيل وافقت على قبول 33 محتجزا حيا أو ميتا في المرحلة الأو




.. مظاهرات لعدة أيام ضد المهاجرين الجزائريين في جزر مايوركا الإ


.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يتظاهرون في باريس بفرنسا




.. فوضى عارمة في شوارع تل أبيب بسبب احتجاجات أهالي الأسرى