الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثماني سنوات على قانون لم يطبق

عماد الدين رائف

2008 / 2 / 15
حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة


آه لو يجدي الكلام... وتصدقون يا وزراء العمل!
لا بد لي، على الأقل، رفعاً للحرج الذي قد يصيب أحداً ما على طول خارطة الوطن الصغير لبنان، أن أقول إن "معاليهم" أي الوزراء المتعاقبين على وزارة العمل، كانوا يتحينون الفرص عندما يظهرون أمام الأشخاص المعوقين لإغداق الوعود عليهم؛ وعودٌ في بلد يكثر فيه الواعدون ويقل الصادقون.
فالوعود المتدفقة من معاليهم كادت تغرق الأشخاص المعوقين بآمال بتطبيق القانون 220/2000، وتحقيق الكوتا 3% المقتطعة من الوظائف في القطاعين العام والخاص لتوظيف هذه الفئة المهمشة من المجتمع اللبناني، هذه الفئة التي تتخطى عتبة 10% من اللبنانيين. فعلى الرغم من أن نسبة كهذه ينبغي أن تحظى باحترام ما، لا سيما وأننا نمجد كل يوم ديمقراطيتنا التوافقية، وأن نسبة كهذه تربو عن تعداد نسمات بعض الطوائف، على جداول الشطب، التي تناضل بشراسة من أجل مقعد هنا ونصف كرسي هناك؛ على الرغم من ذلك، يُهمش المعوقون كل يوم، ويعزلون، ويقصون، ولا "يُمنحون" أبسط حقوقهم في العمل الكريم من أجل العيش الكريم، بعيداً عن لغة الشفقة والإحسان، واستدرار العطف من قبل المؤمنين من خلال عرضهم على الشاشات بمناسبة وغيرها بهدف "رعايتهم" النبيل، بما يصاحب ذلك من ذل وإهانة بحقهم.

هذا القانون، في القسم الثامن منه، من المادة 68 إلى المادة 82، يضع إطاراً موضوعياً في حق الشخص المعوق بالعمل والتوظيف وبالتقديمات الاجتماعية. متناولاً شروط التوظيف، والتوجيه إلى سوق العمل، وتعويض البطالة. مخصصاً وظائف لهم في القطاعين العام والخاص، شارحاً المنافع العائدة على أرباب العمل في حال التوظيف الإضافي الذي يزيد عن الكوتا 3%. تشريع يلحظ الاحتياجات الإضافية على الرغم من ملاحظات المعوقين عليه. تشريع يحول بينه وبين أرض الواقع تفضلكم بالسعي إلى تطبيقه. فعندما يكون "للمعوق كما لسائر أفراد المجتمع الحق في العمل وفي التوظيف" يكفل هذه الحقوق ويفعلها القانون، كما نصت المادة 68، و"تلتزم الدولة العمل على مساعدة الأشخاص المعوقين للدخول في سوق العمل ضمن مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص"، يكون الحديث عن معاليكم، وليس عن أحد آخر!.
وعندما تنص المادة 73، على "تخصيص الوظائف في القطاع العام: تخصص وظائف في القطاع العام للأشخاص المعوقين بنسبة ثلاثة بالمئة على الأقل من العدد الإجمالي للفئات والوظائف جميعها"، تكونون أنتم على رأس المعنيين بهذا النص القانوني، الذي دفع المعوقون في سبيل إقراره تعباً وجهداً كبيرين فاقا التصورات خلال تسعينات القرن الماضي. وعندما "يعتبر بحكم الملغى كل نص يشترط لأي عمل أو وظيفة سلامة البنية أوالجسد أو عدم الإصابة بإعاقة.."، كما نصت المادة 69 في شروط التوظيف، فأنتم المسؤولون عن كل من رفض طلبه بسبب الإعاقة توهماً بأنه لن يستطيع أداء مهامه الوظيفية خلال السنوات الماضية.
أما عندما يعدل نظام التقاعد والصرف من الخدمة وفق المادة 76، لتنص على انه "لا يجوز صرف أي موظف بسبب إصابته بإعاقة ما لم تكن هذه الإعاقة تحول دون قيامه بالوظيفة التي يتولاها وبأية وظيفة أخرى ضمن الإدارة" فإنه يقع على عاتق معاليكم أي صرف تعسفي من الشركات والمؤسسات حدث بعد ان استجدت إعاقة لدى الموظفين في القطاع الخاص جراء حرب تموز الأخيرة، أو لدى عشرات من أبناء الجنوب الذين أفرغت عليهم الطائرات الإسرائيلية مئات آلاف القنابل العنقودية فاستضافهم عالم الإعاقة.
ولأن الأشخاص المعوقين طيبون بطبيعتهم المهمشة، ولأن كل المهمشين تجمعهم هذه الطيبة المشوبة بآمال تعقد عليكم بعد كل وعد! يحلمون بأن يحصلوا على عمل يتلاءم وقدراتهم تحترم فيه حقوقهم، فيتحولون به إلى قدرة منتجة تتحرك من خلالها عجلة الاقتصاد، يتحولون من مستهلكين إلى منتجين يملكون القوة والقدرة والخيارات، بطاقاتهم الكبيرة المحبوسة ضمن جدران المنزل والمؤسسة الرعوية. يأخذون بالتفكير المطول بما الذي يمكن أن يحول دونكم ودون حرصكم على شرعة حقوق الإنسان، والاتفاقيات والبروتوكولات، وآخرها الاتفاقية الدولية حول حقوق الأشخاص المعوقين وكرامتهم، والتي مرت مرور الكرام في مجلس وزرائكم الموقر، والتي سارعتم إلى تمريرها إلى مجلس النواب للتصديق عليها.

أهو القرار السياسي الذي لا يمكن لأحد في بلدنا العزيز أن يخطو خطوة بدونه؟
ولماذا يكون القرار السياسي هو السبب، فالإعاقة ليس لها طائفة أو مذهب أو مشرب؟.
أهو المجتمع الذي ما يزال ينظر إلى الأشخاص المعوقين من خلال الشفقة والسخرية، وتتحول كلمة "معوق" فيه إلى شتيمة؟ فما الذي منعكم من تحويل هذه النظرة الموروثة إلى النموذج الاجتماعي لينظر المجتمع مزوداً بالتوعية إلى أخوانه المعوقين تحت مظلة حقوق الإنسان؟
أهو التناحر السياسي إثبات وجهة نظركم الكريمة في مناكفاتكم اليومية ضد خصومكم، وأن مطالب المعوقين ومطالبتهم بأدنى حقوقهم "مش هلق وقتها"؟
فمتى يحين الوقت الملائم؟
أهو البلد الذي منذ ولادتنا وولادة آبائنا وهو يتقلب على كف عفريت؟
ثماني سنوات سبقتها سنوات طويلة من المطالبة ولم يحن الوقت!

معاليكم! وكلكم عارف بالأمور وبالمعاناة اليومية لعشرات الآلاف من الأشخاص المعوقين الأشد فقراً وتهميشاً، المرتهنة أرواح كثيرين منهم إلى المؤسسات الرعوية، والخيرية، والمذهبية، وزواريب "المحسن والمحسن إليه" ومزاريبه. أخاطبكم، ومن خلالكم لكل الوزراء والسياسيين المعنيين، مرت السنوات الثماني الأخيرة عجافاً على شريحة كبيرة من المجتمع اللبناني، فبعد النضال المرير الذي خاض غماره المعوقون أنفسهم لانتزاع حقوقهم منذ ما قبل إقرار اتفاق الطائف وحتى لحظة صدور القانون 220/2000، تأملوا خيراً بكم جميعاً. فوعدتم، وأنا على يقين من أنكم ستعاودون ترداد الوعود مجدداً إذا ما أحرجتم على شاشة ما، أو أمام ميكرفون ما، وسترددون نفس الكلام. لكن، بربكم ألم يحن الوقت لتنفيذ النزر اليسير من هذه الوعود؟
طبقوا القانون!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -اقطعوا العلاقات مع إسرائيل-.. طلاب يتظاهرون بجامعة غرناطة د


.. اليوم الجمعة.. دعم منتظر من الأمم المتحدة لمساعي فلسطين إلى




.. مشاهد لآلاف النازحين الغزّيين يتكدسون في دير البلح


.. طوابير ممتدة من النازحين في خان يونس




.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط معاناة إنسانية كبيرة