الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقع الطريق بين الخصخصة والانهيار

فرات المهدي

2008 / 2 / 14
الصحافة والاعلام


يصاب الإنسان بالإحباط الشديد عندما يجد أن الكثير من الثوابت أصبحت في عداد الأوابد،أو في طريقها لأن تأخذ مكانها في متحف التاريخ الطبيعي بين الديناصورات،وسائرة في طريق الانحدار والتردي لتكون لا شيء في الواقع المعاش.
وما أنحدر إليه موقع الطريق يدعو للأسف الشديد،فقد كان المعروف عن الشيوعيين بعامة والعراقيين خاصة احتفالهم بالثقافة،واهتمامهم بها،وأنهم في طليعة الساعين لنشر الثقافة الحرة والفكر التقدمي،ولهم باع طويل طيلة تاريخهم المجيد في الثقافة العراقية،وأخذوا موقع الصدارة بين المثقفين حتى ندر أن تجد مثقف حقيقي أو علم من أعلام الشعر والأدب والمعرفة،إلا ويكون له مرورا في طريقهم الزاخر بالكثير الكثير من أفانين الثقافة وأفاق الفكر المبدع،وصنوف المعرفة الأصيلة،التي كانت الروافد الأساسية في مجرى الثقافة العراقية والعربية طيلة القرن الماضي،وكان الشعب العراقي ينظر الى الشيوعي نظرة التقدير والإكبار لما يتوفر عليه من ثقافة وفكر يجعله في المقدمة من أقرانه وأبناء جيله،وكانت الصحافة الشيوعية مدرسة للصحفيين العراقيين تخرج الآلاف منها ولا زالوا يتصدرون الأعلام العراقي،وكانت تتلقفها ألأيدي،وتتناهبها العيون،ومبيعاتها تزيد أضعاف مضاعفة على مجمل مبيعات الصحف العراقية طيلة عقود،وقد شارك في تحريرها أساطين الفكر والثقافة والأدب،فكانت الصحافة الشيوعية مدرسة للأجيال،ولا زال تأثيرها واضحا على الكثيرين ممن نهلوا من عبابها وتزودوا بزادها،وعلى ذلك أجماع العدو والصديق.
ولكن منذ سقوط النظام البائد،وظهور الحزب الشيوعي على الساحة من جديد،ظهرت صحيفته العتيدة طريق الشعب فقيرة الإمكانات سواء في الطباعة أو الإخراج أو المادة،وكنا نعذرها لمعرفتنا بالظروف المحيطة بالحزب وما يعاني من ضعف في المردودات المادية،لعدم ارتباطه بجهة من الجهات،أو انحداره الى مهاوي الفساد ليكون كالآخرين عندما سيطروا على المطابع الحكومية وصادروها بما لهم من قوة وهيمنة ونفوذ،وسعى الحزب لتطويرها،فكانت ساحة للكثير من الكتاب المتميزين،وابتدأت تعيد مجدها ورونقها،لتهبط من جديد بعد أن تولى أمرها أناس،لا أقول بعيدين عن الصحافة ولكنهم غير جديرين بتولي مسؤولية الأعداد والإخراج والإدارة،لافتقارهم الى الخبرة والممارسة والتجربة في هذا المجال،وضمورهم الفكري وانعدام شعورهم بالمسؤولية الشيوعية،واتكاليتهم وتقاعسهم عن الترقي والصعود الى آفاق أعلا في التطوير والإبداع،وخلفياتهم الحاوية للكثير من المطاعن والاتهامات،فكانت الجريدة باردة في طرحها،فقيرة في مضامينها،عاجزة عن مجارات التطور الإعلامي الذي يشهده العراق الجديد،بعد أن برزت الى جانبها عشرات الصحف التي تستحق التثمين،لأنها أخذت طريقها الطبيعي،وبدأت تأخذ مجالها في الذيوع والانتشار، فيما ظلت الطريق تتوكأ على رجال ليسوا أهلا لتولي مثل هذه المسؤولية،لافتقارهم الى الروح المبدئية السليمة في السعي نحو التطوير والإبداع،فكان تعاملهم روتينيا لا أباليا وكأنهم موظفين في دائرة يتعجلون نهاية الدوام،دون أن يفكروا بما أنجزوا من أعمال،أو قدموا من جديد،ولأن المشرف على أعلام الحزب الشيوعي بعيد عن هذا الجانب كما سنوضحه في آخر المقال.
وإذا كان للقائمين على الجريدة عذرهم بقلة الإمكانيات،وضآلة الأجور،وضعف الدعم،فما عذر المشرفين على موقع الطريق الذي لا يستوجب مالا أو يستدعي جهدا،وما على المشرف عليه سوى توظيب المقالات التي ترده مطبوعة،ليضعها في أماكنها،مما لا يتطلب منه سوى سويعات،فالقارئ الذي يتصفح الموقع الحبيب سيصاب بالإحباط وخيبة الأمل،لما آل إليه هذا الموقع الذي يجب أن يكون في صدارة المواقع العراقية لما توفر للحزب الشيوعي من خبرات متراكمة،ووجود أعضاء أكفاء قادرين على أدارة عشرات المواقع وإظهارها بمظهر رائع،كما هو الحال في المواقع اليسارية الأخرى التي يشرف عليها أبناء الحزب ممن خرجوا لأسباب،أو لا زالوا سائرين في خطه،فالموقع اليتيم لا يحتوي إلا على مقالين أو أربعة،ولا تجدد مواده إلا لأيام،لا لقطيعة من الكتاب معه،فالجميع على ما أعلم يرسلون مقالاتهم له،ولكن لضعف في أدارته وقصور لدى القائمين عليه،الذين يتعاملون مع الكتاب بلا مبالاة عجيبة،وللكثير منهم تجاربهم معه التي لا يشيرون إليها حفظا لود سابق،أو التزام بعدم النقد بانتظار شعور القوامين عليه بقصورهم،أو يأسا من تغييره للعقلية المتخلفة المهيمنة عليه،وابتعاد عن الدخول في أمور قد تجعلهم في عداد التحريفيين أو(المنحرفين)التروتسكيين أو الموتورين الانفصاليين،أو عملاء الإمبريالية الملاعين،وما الى ذلك من تعابير معدة سلفا توجه لكل من يرفع صوته داعيا للتغيير والتجديد في زمن الديمقراطية والتجديد.
ولي أن أتساءل كقريب من الحزب لصيق به،ناشطا في صفوفه،لماذا وصلت الأمور الى هذا الحد من التردي والانحطاط،فيما يسير الحزب في المجالات الأخرى بخطوات متوازنة في مختلف الصعد والمجالات،وله حيزه المحفوظ غي الأوساط الشعبية،وهو واثق الخطوة يمشي ملكا،فيه عزم ومضاء ووفاء،في الوقت الذي يتأخر في هذا الجانب المهم،وبعيدا عن التعابير والفذلكات والظروف الذاتية والموضوعية وطبيعة المرحلة ،وما الى ذلك من تبريرات يتعكز عليها العاجزين عن أحداث التغيير،فأن الأمر لا يتعلق بالجانب الموضوعي أو الذاتي،ولكنه في المشرف المفروض على أعلام الحزب وهو الدكتور صبحي الجميلي،القيادي المعروف والأكاديمي المتميز ،ووكيل الوزارة المحترم،الذي نكن له الإعجاب والتقدير والتبجيل لتاريخه النضالي الوضاء لعقود في الحزب،ولكن كل هذه الهالات والمؤهلات لا تعفيه عن قصوره الفاضح في هذا المجال،فإذا كان مختصا بالزراعة جاهلا لأمور الأعلام عليه الاعتراف بعجزه لتنسيب من يكون أهلا لمثل هذه المهمة الكبيرة،وإذا كان غير قادر بسبب مهامه الوظيفية وما تتطلبه وزارة الزراعة بوصفه وكيلها الأقدم وما يناط به من مهام حزبية أخرى،عليه طلب الإعفاء من هذه المهمة لكثرة مشاغله وإسنادها لغيره من ألأكفاء الذين يزخر الحزب بالمئات منهم،وإذا كان معتقدا بأنه يعمل وفق الأسس الصحيحة عليه النظر الى المواقع الأخرى ليرى البون الشاسع وأين موقعه من الأعراب،وإذا كان لديه سبب آخر عليه أخبار الحزب،أما أن يبقى الموقع معطلا عاجزا فهذا ما لا يمكن السكوت أو الإغضاء عنه،ويدخل في باب التخريب المتعمد الذي نربأ بالدكتور أن يكون من الساعين إليه ويتطلب من الجميع العمل لإصلاحه،والسعي لإيجاد البديل المناسب بإسناد أمر الموقع الى شخص كفء قادر على أداء المهمة،وإلا سيقوم الحزب باستيراد المثقفين،كما أصبح العراق يستورد البصل من الصين،وإذا كان من السهولة استيراد الفواكه والخضر،فمن العسير استيراد الثقافة،والواجب يدعو قيادة الحزب أن تسعى لبناء أعلامها على أساس متين وأرض صلدة،وإعادته الى سابق عهده الق ونصاعة،ليكون كما عهدناه مدرسة للثقافة العراقية الرائدة،ومنهلا يكثر رواده للتزود بالفكر العلمي والثقافة التقدمية،والأخذ بنظر الاعتبار لأن القدرة والقابلية والكفاءة لا تحدد بالدرجة الحزبية أو التحصيل الأكاديمي،وإنما بالإخلاص المتزايد والعمل الجاد والمثابرة المستديمة...ولله في خلقه شؤون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التعبئة الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين تمتد إلى مزيد من ا


.. غزة لأول مرة بدون امتحانات ثانوية عامة بسبب استمرار الحرب ال




.. هرباً من واقع الحرب.. أطفال يتدربون على الدبكة الفلسطينية في


.. مراسل الجزيرة: إطلاق نار من المنزل المهدوم باتجاه جيش الاحتل




.. مديرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض تبكي في محاكمة ترمب أث