الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهرجان ميلانو للسينما العراقية... مخرجون يخترعون الصور كي لاتقتلهم صورة الواقع

علي البزاز

2008 / 2 / 15
الادب والفن


لم يغب عن اذهان منظّمي مهرجان "بغداد أوف لاين" في مدينة ميلانو الايطالية ما يعانيه العراقيون من مأساة. هم مجموعة من الصحافيين الايطاليين المهتمين بالثفافة العربية، تعرّفوا اثناء دراستهم اللغة العربية في دمشق الى وضع المثقف العراقي هناك، ففكروا في اقامة مهرجان سينمائي ينتشل العراقيين من الاحباط، ويتصدى للاهمال الذي يحيط بتجاربهم، ويساعدهم انسانيا من خلال تسليط الضوء على خبراتهم في بلد اوروبي مثل ايطاليا. بدأت عروض المهرجان بمسرحية "العميان" للمخرج انمار طه، يؤدي الجسد فيها دور البطولة، متناغما مع الموسيقى التي تتشكل منها حركاته الحزينة او السعيدة وفقا للايقاع. هذا اللون المسرحي الطموح، جديد على المسرح العراقي ويحتاج الى الدراية العميقة بالرقص والى مرونة جسدية عالية مع حس جمالي بالموسيقى يأمل بتحقيق ملكوت الجسد والايقاع.
المهم في المهرجان هو مشاركة افلام جديدة لمخرجين شباب تؤطّر الشجاعة تجاربهم، ولا يهادنون شحة وسائل الانتاج السينمائي او خطورة مواقع التصوير. فالفن بالنسبة اليهم سحر تنجزه المغامرة، وربما يشجع الخطر الفنان على ركوبه. اكثر من ثلاثين فيلما بتجارب متنوعة يوحّدها الهمّ العراقي شاركت في المهرجان، بعضها للمرّة الأولى واخرى لمخرجين ذوي خبرة سينمائية طويلة، من بينها الفيلم الوثائقي "اغاني الغائبين" للمخرج ليث عبد الامير، حيث يتلمس المشاهد بحثا عن الهوية العراقية المفقودة من شمال العراق إلى جنوبه عبر رحلة تكشف التصدع في مفهوم المواطنة وتتطرق إلى موضوع تعدد الطوائف والاديان، الذي بدل أن يكون مصدر غنى وتنوع، يكشف عن هشاشة الهوية والانقسام الطائفي. فيلم وثائقي، "العراق موطني"، لهادي ماهود يصور عودة المخرج من اوستراليا إلى مدينته السماوة. مونتاج سلس ومحكم يحتضن الفعل الدرامي ويعبّر عن التناقضات التي افرزها الوضع بعد سقوط النظام السابق. كاميرا شجاعة تنطق ببعض المشاهد الحيّة للتفجيرات مع صور لعائلات في مديرية امن السماوة، حيث حوّل العراقيون موطن الخوف والبطش مساكن للعيش ولكنها لا تشي بالالفة وانما بالفقر الذي يجبرهم على افتراش السجون ملاذا وهم مواطنو البلد النفطي. فيلم "احلام"، للمخرج محمد الدراجي، سبق عرضه في مهرجانات كثيرة ونال جوائز عدة، هو الفيلم الروائي الاول بعد سقوط نظام الديكتاتورية، والفيلم المئة في تاريخ السينما العراقية. فيه يتمكن الضحايا والذين تعرضوا للإدانة في ظل النظام الفاشي، من اثبات براءتهم التي بها يجرّمون النظام الذي زج بهم في مشفى للمجانين. يزخر الفيلم بمشاهد وثائقية حيّة لمدينة بغداد وهي تحترق.
من بين التجارب الجديدة الجريئة، فيلم يفضح ما آلت اليه الطفولة في العراق، بإمكانات شابة وفردية. "شكرا اميركا"، روائي قصير للمخرج عادل جودة يصور النزعة العدائية لدى مجموعة من الاطفال، ترعرعوا في بيئة الحرب حيث يصير السلاح من وسائل التسلية اليومية، والتداول المتكرر لمفردات الخطف والابتزاز والفدية هو اللغة المتداولة. وما استخدام اغنية الفنان مارسيل خليفة "تصبحون على وطن" في اثناء لعب الاطفال في ما بينهم بالبنادق، الا للتعبير عن موت يهديه اليهم الوطن.
عرضت ايضا في المهرجان افلام ذات طابع فني تشكيلي وتجريبي معا، منها "النوم بعيدا عن البيت" للمخرج مراد عطشان، و"الهجرة" للفنان التشكيلي علي عساف و"التدخين في العيون" وافلام اتخذت صفة الريبورتاج الطويل، منها للرسام علي طالب و"تحت الرماد" لعلي بدر الذي تكمن اهميته في الاسئلة التي يطرحها حول الطائفية وموقف المثقف منها. وقدم الفنان علي ريسان مسرحية "اطفال الحرب" اعتمدت على نصوص وقصائد لكتّاب وشعراء عراقيين.
اهم ما ميّز افلام المهرجان في شقّيها الوثائقي والروائي هو موضوع الحرب الذي سوف يشغل مستقبلا الثقافة العراقية وربما لفترة طويلة.
في مهرجان ميلانو تعّرف الجمهور الايطالي وعن كثب الى الواقع العراقي من خلال الفن، فتلمس حزن الثقافة العراقية المتأصل منذ رثاء جلجامش لصديقه انكيدو وبكاء عشتار على تموز وهي تهبط إلى العالم السفلي. ولكن رغم هذا الموروث المأسوي، فإن العراقي يتشبث بالاغنية واللوحة والقصيدة عابرا الالم إلى الحياة. ومن خلال المناقشة المباشرة مع المخرجين تكوّن اقتناع لدى الجمهور الايطالي مفاده أن الاحتلال غير مرحَّب به شعبيا في العراق وهو فعل يتفق الجميع على جعله موقتا وإن طالت فترة بقاء الجيوش. ودلّت المناقشات على ان معلومات الجمهور الاوروبي دعائية تلفزيونية وغير عميقة. وكم يسلتزم ذلك من أعمال فنية جوهرية تزيل سوء الفهم وسذاجة النظرة وخفة التناول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي


.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????




.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ