الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصطفى عنترة يتحدث في حوار لجريدة -المشعل- حول الإشاعة التي تنسج حول الملك محمد السادس

مصطفى عنترة

2008 / 2 / 15
مقابلات و حوارات


أجرت أسبوعية "المشعل" المغربية حوار مع مصطفى عنترة، صحافي وبـاحث في العلوم السياسية حول موضوع الإشاعة وعلاقتها بالملك محمد السادس، وفي ما يلي نص الحوار:

* تنسج مجموعة من الإشاعات حول الملك محمد السادس، في رأيك هل من علاقة بين ما ينسج والحقيقة؟

- تعتبر الإشاعة بمثابة ظاهرة إعلامية للتأثير في توجيه القرار أو بناء صورة على غير حقيقتها. وقد اعتمدتها كثير الأنظمة الشمولية
والديمقراطية على حد سواء.
و بالنسبة لوضع المغرب، فقد تقوت هذه الظاهرة خاصة عبر وسائل الإعلام. وقد لعبت الأجهزة دورا كبيرا في انتشارها، ولجأت الأحزاب السياسية واللوبيات إلى الإشاعة المضادة وأحيانا اتخذتـها لتكريس صورة مشوهة عن الخصوم عبر ترويج الإشاعة بهدف النيل من أشخاص لا ترتاح إليهم بعض الجهات ذات النفوذ في الأحزاب السياسية المغربية.
ومن الطبيعي أن تنسج الإشاعة حول هرم السلطة والدائرة الضيقة المحيطة بها.
فمرة تبقى في حدود الإشاعة، ومرة أخرى تؤكد الوقائع والأحداث صحتها. فالإشاعة تعكس، في بعض الأحيان، طبيعة الأفكار السائدة داخل الرأي العام.
لقد ظهرت الإشاعة حول شخص الملك محمد السادس من خلال ترويج أنباء كاذبة عن زواجه ليلة وفاة والده الملك الراحل الحسن الثاني بدافع انه لا يمكن أن يتولى الملك إلا شخص متزوج، و قد جازف الاتحادي خالد عليـوة بمنصبه في حكومة عبد الرحمان اليوسفي من أجل نفي هذه الأنباء وتأكيده بان الملك لم يكن قد تزوج بعد، واعتبر أن زواج الملك لن يكون من أسرار الدولة. وأسابيع بعد ذلك راجت إشاعة حول وفاة أحد حراس الملك تم تبين أن ذلك مجرد كلام يروجه الشارع.
وراجت إشاعات حول محيط الملك تتعلق بقرب عزل المستشار محمد المعتصم وتعيين بدلا عنه على رأس الأمانة العامة للحكومة، لكن الذي حصل هو أن مستشاري الحسن الثاني القدامى هم الذين تم إعفاؤهم من مهامهم. كما راجت إشاعات عن قرب عزل زليخـة النصري لكن لا شئ حصل.
وفي المربع الحكومي راجت إشاعات قبل أكثر من سنتين عن قرب عزل إدريس جطو و تعيين حسن أبو أيوب بدله، ثم عن قرب عزله ثانية وتعيين مصطفى السـاهل بدله، لكن الحاصل هو أن أبو أيوب عزل من سفارته بباريس و عين بعد سنة سفيرا متجولا والسـاهل عزل من وزارته وعين مندوبا دائما للمملكة بالأمم المتحدة. كما سبق أن راجت إشاعات حول قرب عزل محمد بنعيسى في بداية عهد محمد السادس وهاهو يوشك أن يكمل سنته الثامنة على رأس الدبلوماسية المغربية.
راجت أيضا، إشاعات حول إقالة الجنرال حسني بنسليمان وتعيين مكانه زميله الجنرال حميدو العنيكري على رأس الدرك الملكي، في حين أن الأول لا زال في منصبه، والثاني عين على رأس المفتشية العامة للقوات المساعدة، كما راجت إشاعات حول وفاة إدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق، في إحدى المصحات الباريسية بفرنسا، تناقلها المغاربة بسرعة الضوء عن طريق "راديو المدينة"، وتحركت الهواتف اتجاه المقربين منه لمعرفة صحة الخبر، بعدها تأكد أن "ابـن الشاوية" لازال حي يرزق ويتحرك كعادته في عاصمة الأنوار.

كان من الطبيعي أن تنسج الإشاعة حول الملك محمد السادس لاعتبارات متعددة في مقدمتها أن الرأي العام لا يعرف جيدا الجالس الجديد على كرسي العرش نظرا لكونه ظل بعيدا عن الواجهة السياسية..، إذ لم يشركه والده في الحياة السياسية إلا في السنوات الأخيرة من عمر الراحل الحسن الثاني حيث أسندت إليه بعض المهام ذات الطبيعة الاجتماعية والخيرية لدرجة أن الصحافة الوطنيـة لقبته حينها بـ "أمير الفقراء". كما أن طبيعة شخصيته المنغلقة، ظاهريا، كانت تثير حولها العديد من التساؤلات التي تفتح الباب على مصراعيه للإشاعة.

* ما هي طبيعة العلاقة الرابطة بين آليات نسج الإشاعة بخصوص الــملك والبنية الاجتماعية و الفكرية للمجتمع؟

- تختلف الإشاعة في البلدان الديمقراطية المتقدمة على تلك التي تسود في البلدان المتخلفة. وهذا الاختلاف مرده إلى طبيعة البنيـات السوسيو ثقافية والسياسية القائمة في البلدان المذكورة. ولنوضح أكثر أن البلدان المتقدمة توجد بها مؤسسات لتتبع وتحليل مضمون الإشاعة ومواجهتها بأشكال عقلانية، إذ لا تترد الدولة في الرد على إشاعة معينة من شأنها أن تأثر على القرار السياسي. فكم من إشاعة تحولت إلى حقيقة، وكم من إشاعة ظلت مجرد إشاعة وسرعان ما يتم تناسيها بعد تدخل الدوائر المسؤولة من أجل توضيح ما يجب توضيحه.
نحن لم نصل بعد إلى المستوى الذي وصلت إليه الإشاعة في بريطانيا، فـ"الصحافة الشعبية" هناك نجحت في تناول مواضيع خاصة بالعائلة الملكية، منها ما يحمل قدرا من الصحة ومنها ما يظل يدور في دائرة الإشاعة، مع العلم أن الصحف هناك تلتزم الحذر في تناول مثل هذه المواضيع لتفادي المتابعات القضائية.. أما عندنا في المغرب، فالإشاعة رغم تزايدها فإنها تظل محتشمة ولم تجرؤ على الخوض في أمور العائلة الملكية بالشكل الذي عرفت فيه في بعض البلدان كبريطانيا.


* ما هي الفئة العمـرية و الشرائح الاجتماعية الأكثر ترويجا للإشاعة حول الملك محمد السادس؟ و هل هي ناتجة عن إعجاب أو عكس ذلك؟

- ربما قد تكون طبيعة شخصية محمد السادس هي التي سهلت عملية تناسل الإشاعة. فالمغاربة ـ كما أشرنا ـ لا يعرفون الشيء الكثير عن الجالس الجديد على كرسي العرش لاعتبارات تعود إلى نوعية المسار التربوي والثقافي الذي أختاره له والده الحسن الثاني، إذ لا يتواصل مع الرأي العام إلا في المناسبات التي يلقي فيها خطبه، كما أنه في مدة تقترب من سبع سنوات أدلى خلالها باستجوابات صحفية محدودة، كلها للصحافة الأجنبية( تايمـز، الشرق الأوسط، "باري ماتش"، لـوفيغارو..).
وخلافا لذلك، كان المغاربة يعرفون جيدا شخصية الراحل الحسن الثاني، يعرفون طريقة ابتسامته وأسلوب غضبه وكيفية شربه للسجائر وغير ذلك من الأمور التي تعرفوا عليها في استجواباته الصحفية المصورة مع إعلاميين مشهورين كالفرنسية ألان سانكلير، وكذا ندواته الصحفية في الداخل والخارج وخطبه الموجهة إلى الأمة.
ومن هنا يمكن أن تكون الإشاعة التي تروج على الملك محمد السادس مصدرها عدم معرفة طبائع هذا الرجل؛ كما قد يكون باعثها في بعض الأحيان الإعجاب به خاصة بعد جملة من القرارات الهامة التي اتخذها في بداية حكمه والتي بعثت نوعا من الأمل في نفوس السواد الأعظم من المجتمع، نسوق منها على سبيل المثال لا الحصر تفضيله الإقامة في بيته الخاص وليس في القصر الملكي، تخفيفه من ثقل البروتوكول الذي كان يستفز نفسية المغاربة وهم يتابعون الأنشطة والتحركات الملكية على الشاشة الصغيرة، احترامه لإشارات المرور عند سيـاقته لسيارته الخاصة ..إلـخ.

* تروج إشاعات حول الملك محمد السادس، منها ما هي من نتاج محيطــه و منها ما ينسجه بعض الخصوم، فما الغرض والهدف من نسج هـذه الإشاعـات؟

- تكتسي الدائرة المحيطة بالملك أهمية كبرى في ترويج الإشاعة نظرا لقربها من الحياة الخاصة للملك، لكن نعتقد أن ما يروج عادة حول الملك من إشاعات يتناول جوانب تهم بعض سلوكياته كنوعية الجرائد الأجنبية التي يقرأها أو بعض الهوايات التي يعشق ممارستها أو طبيعة اللون الموسيقي الذي يفضله وغير ذلك.
أما الإشاعة التي يكون مصدرها الخصوم وخاصة في الخارج، فإن أهدافها تكون سياسية بالدرجة الأولى. وقد تتبعنا إشاعات صدرت حول الملك محمد السادس من طرف بعض وسائل الإعلام الجزائرية، وأخرى صدرت عن بعض الأقـلام الصحفية الفرنسية والإسبانية.. وهي بذلك تدخل في إطار الإستراتيجية المرسومة من طرف هذه الجهات ضد المغرب ومصالحه الحيوية.

* هل يمكن للإشاعة أن تلعب دورا سياسيا؟ و إن كان الأمر كذلك فما هو تأثير الإشاعات بخصوص الملك؟
- نعتقد أن الإشاعة تكون خطيرة عندما تمس المؤسسة الملكية نظرا للمكانة الثقافية والرمزية التي تكتسيـها هذه الأخيرة داخل المجتمع المغربي، وأيضا لموقع الملك كفاعل سياسي مركزي داخل النسق السياسي ببلادنا.
وكان إحداث منصب الناطق الرسمي باسم القصر الملكي قد خلف استحسانا من قبل المراقبين والمتتبعين للشأن العام، إذ رأوا فيه إشارة قوية على وجود رغبـة في الانفتاح وممارسة الشفافية، كما خلف تجاوبا أكثر عندما تم تعيين حسن أوريـد على رأسه لاعتبارات مرتبطة بشخصية هذا الرجل ومكانته الثقافية والفكرية.. وقد ساهم "ابـن الراشيدية" في إعطاء ديناميـة لهذه المهمة نظرا لخبرته في مجال الإعلام والتـواصل وقوة إدارتـه للعلاقات العامة..، حيث تم إزالة الغموض واللبس حول عدة قضايا حساسة. لكن سرعان ما فوجئ الرأي العام باختفاء منصب الناطق الرسمي بـاسم القصر الملكي لأسباب غير معلومة وتعيين أوريـد على رأس ولاية مكنـاس تافيـلالت.
لقد كنا ننتظر أن تتم مأسسة هذا المنصب كما هو الحال عليه في البلدان الديمقراطية المتقدمة، لكن اختفاءه جاء في وقت نشطت فيه الإشاعة حول الملك وأفراد داخل العائلة الملكية.

* هل يمكن توظيف الإشاعة لخدمة أغراض معينة أو تحقيق أهداف مرجوة؟ هل من تأثير للإشاعات في صناعة القرار السياسي بالمغرب؟

- إن الإشاعة مجرد وسيلة حرب نفسية تستعمل ضد الخصم لتدميره وهذا يعكس طبيعة العمل الحكومي والسياسي والإعلامي الذي لا يتوفر على أدوات أكثر مصداقية في التأثير على الرأي العام...
إن الإشاعة هي الكذب الإعلامي الموظف في خدمة الحاكم والسياسي العاجز عن إدارة الصراع بحنكة تنظيمية فيلجأ إلى طبخ الخبر والمعلومة الزائفة ولذلك لا عجب في أن نرى بعض الصحف الحزبية أو القريبة من الحكام والقادة السياسيين هي الأكثر توظيفا للإشاعة.
وتلعب الصحافة دورا هاما في تغذية الإشاعة، لدرجة احترف معها بعض أشباه الصحافيين مهمة الترويج للإشاعة ضد أشخاص ومؤسسات.
ومن هذا المنطلق، نعتقد أن المعنيين بهذا القطاع وجب عليهم الانكباب على تخليق الحياة الصحفية ضد هؤلاء الذين يعرفهم الخاص والعام.
إن للإشاعة عدة أدوار ووظائف، ويمكنها أن تستخدم لتحقيق أغراض سياسية. ونعتقد أن وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية تعرف جيدا هذه الأمور.
فكم من إشاعة حول الزيادة في أثمان المواد الأساسية.. استخدمت لجس نبض الشارع المغربي، ذلك أن الإدارة ترصد وتتبـع تطور هذه الإشاعة، ففي حالة التجاوب معها إيجابيا تتدخل لترجمة مضمونها على أرض الواقع، وفي حالة عدم التجاوب معها، تتدخل الإدارة هذه المرة لنفيها، والأمثلة في هذا الباب عديدة.
إن مخاطر الإشاعة لا يمكن محاصرتها إلا من خلال ممارسة الشفافية والوضوح، ولعل أسباب إلغاء العمل بالمجموعات الحضرية للأمن المعروفة بـ"كرواتيـا" خلف وراءه إشاعات عديدة خاصة وأن بيان الإدارة العامة للأمن الوطني لم يقدم التبريرات المقنعة لهذا الإلغاء.
فقد سمعنا أن الملك محمد السادس شاهد رجال من "كرواتيا" يلعبون كرة القدم في عين الذياب بالدار البيضاء، وبالتالي هو من أمر بإلغائها.. كما سمعنا في ذات السياق أن الملك شاهد عناصر تمر بشكل ملفت النظر وبدون احترام للجميع..، أيضا قرأنا أن هذا الإلغاء يدخل في استراتيجية الجهات التي دفعت بالشرقي أضريس وتحاول محو أثار الجنرال حميـدو لعنيكري..إلخ. لكن هذه الإشاعة، التي تناقلتها منابر إعلامية، لم تحرك ساكنا لدى إدارة الأمن في اتجاه تنوير الرأي العام ووفق تناسل الإشاعة.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس