الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


3+الأزبال

محمد البوزيدي

2008 / 2 / 17
الادب والفن



عتبات الطريق

الشمس غائمة هذا الصباح، لكنها تحيي من بعيد، تظهر وتختفي مثل أقواس قزح في يوم ممطر، تنحو بعيدة مثل حبيبة تعذب حبيبها بالظهور والخفوت ..........سلاما .وداعا..
إنه يوم الاثنين الأسود، بداية أسبوع ومطلع شهر جديد، بداية لعذاب جديد لا ينتهي من مسافات الدنيا العجيبة .
الإدارات تكتظ بالمواطنين الراغبين والتواقين لقضاء حاجياتهم المختلفة: الإدارية منها والمالية ..الكل تائه يصر على الانصراف قبل منتصف النهار .
لم ادري كيف ولجت مصلحة إدارية لإنجاز المصادقة على وثيقة معينة، في البهو أناس غبرباء كل واحد منهم يتأبط ملفات بألوان غير ألوان الطيف المعروفة، وبثياب تركن إلى السواد منها إلى البياض، كأنها تخفي سواد قلوب لا ترحم في مثل هذه المناسبات وداخل هذه المؤسسات.
تستوقفني أوراق معلقة هنا وهناك، أطالعها لتزجية الوقت الطويل الثقيل، فتكتشف أنها غير ذات معنى وتعود لشهور أو سنوات مضت ، وتتضمن إخبارات تافهة كمداومة الطبيب أو الانخراط في إحدى الجمعيات أو توقيت رمضان الماضي واجتماعات لا علاقة لها بالمواطنين، أما الإعلانات المهمة كعروض الأشغال والدعوات الخاصة والاجتماعات الهامة فهي تأتي عبر الهواتف الخاصة لأصحابها المعروفين جدا ومن الغرائب أن سبورة الإعلانات كانت تتضمن لوائح المستفيدين من بقعة تجزئة سكنية محدثة .
أتأمل إلى جانب آخرين أسماء المستفيدين، ابتسم ابتسامة ذات معنى...
صاح أحدهم في وجه صاحبه :
+ متى أحدثثت التجزئة ؟ ومن أخبر بها ؟ وبأي حق يستفيد هؤلاء الذين يتمتع بعضهم بعمارتين أو ثلاث .....
أجابه الآخر :
-لا تنطبق عليك المعايير الموضوعية للإستفادة
+ وماهي ؟
- الانتماء السياسي وطبيعة اسمك وقبيلتك والتصبين بالذي هو أحسن
لم يفهم المخاطب جيدا، لكن ليوضع أكثر آثر إنهاء الموضوع لما مر أحد المستفيدين المعروف للعام والخاص، تتوسط رقبته الطويلة التي تحتوي على بقع لحبوب لم ينفع معها علاج ولو تم في الخارج على حساب دافعي أموال الضرائب.مشنقة مزركشة بألوان خاصة تجعلك تتيه في اسمها لإختلاطها .
أواصل المسار، يتقمصني اشمئزاز بالتجول هنا أو هناك، أحاول الابتسامة لبعض الذين يلقون علي تحية الصباح الروتينية لكن حزن الأعماق صعب اختراقه ولو أوتيت ما أو تيت من موسوعات علمية خاصة في علم النفس .
في المكان الذي قصدته للمصادقة ازدحام شديد، توزع الناس إلى الحائط ليركنوا إليه حفاظا على توازنهم ومابقي من طاقاتهم بعد أن ملأ كرسيين موضوعين رهن إشارة المواطنين للاستراحة الذين تجاوز عددهم الثلاثين
الموظفون مع وقف التنفيذ يواصلون تهيئ الأوراق الكثيرة بخط رديء جدا يكشف عن المستوى الذي غادروا فيه المدرسة، صوت الطابع يسمع جيدا مرات عديدة كجعجعة الطحين المعتادة، لكن القوة التي يبصم بها هي تعويض عن كبت خاص يتلخص في اشتغال *الموظف* مدة طويلة دون رقم تأجير يحدد موقعه في هيكل الجماعة أو الوزارة، فهم يحملون درجة موظف عفوا عون الإنعاش، ومازالت الدولة لم تعترف لهم بكامل حقوقهم رغم جسامة الأعمال التي يقومون بها، فقط يؤدون خدمات نظير مبلغ مالي شهري محدد منذ زمان ولا تنطبق عليه معارك الزيادة في الأجور.
في لحظة خاصة يكثر الهرج والمرج من بطء الإجراءات ، تارة يصيح ذاك وأخرى تسمع صرخات طفل تحمله أمه ..الآخر يجيب على هاتف مفاجئ ..بينما مازال المكان يستقبل المزيد من المواطنين
ترتفع حرارة وكثرة الأوراق، تختلط رويدا تتبعثر حينا.... لتجمع في الحين
في لحظة ذهول نهض أصلع مكشر لأنيابه المتعفنة المتبقية من ثغره المثقوب جراء السيجارة، حدق عينية وركز نظارتيه القديمة، ووسط ذهول الزوار رفع الأوراق متجها بصوته نحو الآخرين :
اللي حط زبلو يرجع للور ....الذي ترك أزباله يرجع للوراء .
تراجع المغلوبون على أمرهم إلى الوراء، ولا أدري هل هم فعلا في الأمام ليتراجعوا إلى الوراء ؟؟؟؟؟
قبل أن أتمالك أعصابي جالت في ذهني تساؤلات خاصة عن هذا المصطلح الجديد الذي أسمعه لأول مرة في هذه الإدارة العمومية
مامعنى الزبل المقصود ؟ وهل هذه الوثائق هي بمثابة أزبال فعلا ؟
ومن يلعب إذن وسط الأزبال المقصودة ؟؟ومن يوقع عليها ؟ أليس هم أصحاب المزابل يوميا
صحت في وجهه غاضبا، أدرك عمق خطابه، فبدا يخفف أجواء التوتر تارة بالقول أنني لم أقصدك ورد زميله القريب منه أنه يقصد الأوراق....إنسان يخاطب الوراق الصامتة؟؟؟؟؟؟؟؟
ساد صمت مهول بين الآخرين الذين أدركوا للتو جوهر الكلام الذي خاطبهم به
تأملت لحظة، وأحسست خلالها أن أوراقي ستصبح أزبالا فعلا إن أتم العون ملئها وطبعها .
مالعمل ؟ سحبتها بصراخ عميق، وخرجت من المكان تاركا الأزبال يلعبون وسط الأزبال وأمام الأزبال فعلا ............
حين كنت أغادر المكان، فهمت جيدا عمق مايعنيه عون الإنعاش ،فالأزبال تتراكم على بعضها البعض دون أن تتحرك أو يصدر عنها موقف أو اتجاه، لكن للأزبال الخاصة اّقصاها أن ينعتك موظف من الدرجة غير المصنفة بمصطلح خاص دون أن يدري أن أجره مقتطع من ضرائب يحصلها أناس ذهبت بأرجلك إلى صندوق يسمونه اقتراع لتقول لهم نريد هذا ..
وتستمر الإساءات بين الأزبال ووسط الأزبال من طرف الأزبال ............................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابر الرباعي يكشف كواليس ألبومه الجديد ورؤيته لسوق الغناء ال


.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس




.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-


.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت




.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً