الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خمسة وأربعون عاما من الأستثناء

محمد زكريا السقال

2008 / 2 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ليس بعيدا هو الوقت الذي يزحف علينا من آذار ، وتحديدا الثامن ، الثامن من آذار الذي قدر له أن يكون يوما غير مرحبا به ، بل هو يوما أسود لأنه كبل الشعب السوري بقانون الطوارئ البغيض ، قانون يلغي الشعب كصاحب بلد وسيادة وكرامة ، يلغي القانون والقضاء ، كتعبير للحياة الإنسانية ، يلغي العقل كحالة ونعمة للتفكير والتمييز والتنقيب على ما كل يجعل الحياة إنسانية ، كخيار بين الحق والواجب للتفاعل بين الوطن والمواطن ، يلغي الثقافة ودورها كنتاج بشري لا يعيش إلا بالحوار والتفاعل مع الأخر ، يلغي الطموح أن نصل ونتواصل ، و أن نحرر ونتحرر ، يلغي الجيش كمؤسسة وطنية مهمتها الدفاع عن سيادة واستقلال الوطن وتحرير أرضه وصيانة دستوره وشعبه ، ليصبح حرس القصر ، وكتائب حماية أمنه وبطشه وسطوته ، يلغي الأمن ، الأمن بمعنى شعور البشر بأنهم ذوي كرامة مصانة بالقانون ، ليصبح أمن القائد ، و أمن المسئول وأمن المزرعة .
ماذا فعل أصاحب الثامن من آذار ، فينا وبأنفسهم ، أنفسهم هم ، العبثيون ، كحزب له تاريخ لا ينكر في تاريخ العمل الوطني والقومي ، أين هم ، وماذا يمكن أن يقولوا للوطن والمواطن ، هل هناك ما نجتمع عليه ويشكل قاسم مشترك ، أكيد ، لا جدل في ذلك الوطن ، ولكن كيف وعلى ماذا نتشارك ونتحاور على معهم في هذه الذكرى البغيضة في تاريخ سوريا ، ذكرى القمع و إلغاء الأخر ، أرادو أن يقودونا للنصر والوحدة والحرية ، فأودوا بنا للهزيمة والضياع .
نقول هذا ونحن ندرك تماما أن الحزب سرق ونكل به وأصبح أداة لتمرير الهزيمة وتبرير السرقة والعسف ، نقول هذا لأن الشرف والكرامة فرزت أصحابها وأهلها ، وانفض السامر عن سلطات العسف والبطش منذ زمن ليس بقصير ، وهذه الجموع التي تحتشد تحت شرفات القصر ويافطته ، هم إما مرتزقة أو خائفون ومصابون بالرهاب الذي عمم على مساحة هذا الوطن الكبير .
الذكرى الخامسة والأربعون تزحف علينا والظروف التي تمر بها سوريا بالغة الحساسية والتعقيد ، ولا عذر لأحد ، كل ما يعم خراب وينذر بالأسوأ ، لا عذر للسلطة بغض النظر عن مطالب الحرية والعدالة وسيادة القانون ، يجب على السلطة أن تدرك إن سياسة إدارة الظهر لا تعطي إلا التفتت والتمزق ، ويجب أن تدرك السلطة أنه بالقدر الذي نقف به ضد الخارج ومشاريعه ، إلا أنها هي المسئولة الأولى عن تطاول ثقافة الاستعانة بالخارج بهذا التهميش والاستخفاف بالحقوق ، وعليها تدارك الأمور بسياسة إصلاح سياسي اقتصادي واضحة لا لبس فيها ، من خلال إلغاء هذا القانون السيئ الصيت ، وإطلاق سراح معتقلي الرأي ، وإعادة الاعتبار للدستور وسيادة القانون والعدالة من خلال تشريع الأحزاب و الصحافة والأعلام .
لا عذر لكل القوى في جبهة النظام أو في دائرته أن هذا القهر ، وهذا الوضع الشاذ سيودى بكل شئ والخاسر الأساسي هو الوطن وشعبه بسيادته وحريته واستقلال قراره ، عليهم أن يهتموا بالعدالة القانونية بالإضافة للعدالة الاجتماعية ، عليهم أن يدركوا أن الفساد عندما يصل القانون والتربية ، يكون فسد ملح الأرض وعندها تفسد المشاعر ولا إنسان في إطار العبودية والظلم .
لا عذر للقوى الوطنية بهذا التذرر والردح الغير مقبول ، وحدة الحركة الوطنية على مهام الديمقراطية وعروبة سوريا وسيادتها واستقلال قرارها في مواجهة الاستبداد والفساد ومواجهة السياسة البشعة والعدوانية للمركز العالمي المنحاز بصلف للعنصرية والفاشية الصهيونية والذي يخطط لتفتيت المنطقة ، هو الهاجس وهي البرنامج الذي لا خيار لنا سواه ، وإلا سندخل التيه والضياع .
الثامن من آذار القادم امتحان لكل الذين ينتمون لهذا الوطن ، من أجل الوقوف على عتبة مستقبل البلد و وجهها الذي أصبح لا يميز ، هو امتحاننا الذي يجب أن نوليه مسؤولية خاصة , ووقفة أمام الواقع ومساوئه ومخاطره بصدق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م