الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في اجندة اعمال اقليم كردستان- الجزء الثالث

ريبين رسول اسماعيل

2008 / 2 / 19
الادارة و الاقتصاد


القطاع الزراعي
يعتبر القطاع الزراعي في اقليم كردستان العراق من القطاعات الحيوية والاستراتيجية لما يمتاز به الاقليم من مناخ وتربة ملائمة و وفرة المصادر المائية، اذن لو احسن استثمار هذا القطاع لكان بأمكان الاقليم وحده ان يغطي حاجة العراق الكلية من الحنطة والشعير والتبغ والقطن والحمص، ولكن سياسة الارض المحروقة التي اتبعتها الانظمة الاعراقية المتعاقبة تجاه المنطقة وتدمير وحرق ما يقارب من (4500) قرية كردية كانت تعيش على الزراعة وتوفر للسوق المحلي كل مايحتاجه، خلال منتصف الثمانينات من القرن الماضي، وعمليات الانفال والقصف اليكمياوي التي طالت القرى الكردية، ساهم في تجفيف المصادر الاساسية من المحاصيل الاستراتيجية.
اضافة لكل ما سبق، فأن هذا القطاع يعاني الان من استخدام الوسائل البدائية في عمليات الزراعة المختلفة ومن مشكلات ادارية وتمويلية وتقنية كبيرة. يمتاز الاقليم كما قلنا بوفرة الاراضي الصالحة للزراعة والبالغة (5) ملايين دونم من ما مجموعها (48) مليون دونم في العراق بشكل عام، وهذا يعني ان نسبة (27%) من الاراضي الصالحة للزراعة في العراق يقع ضمن اقليم كردستان، في حين ان الاراضي المستغلة للزراعة لا تتجاوز حوالي (33%) من مجموع الاراضي الصالحة للزراعة، وهذا يعني ان هناك حوالي (67%) من الاراضي الصالحة للزراعة غير مستغلة.
ولكن هذا القطاع يعاني من تخلف غير مبرر من جانب ضعف الخدمات التسويقية ومشكلات الثروة الحيوانية وبدائية اساليب انتاجها وتربيتها وتسويقها وعدم وجود المعامل والمصانع التي تعتمد على الانتاج الزراعي المحلي وتقديم التسهيلات اللازمة للقطاع الخاص للعب دور اكبر وجلب الاستثمارات الاجنبية خصوصا بعد صدور قانون الاستثمار الاجنبي في عام (2006).

المشاكل التي تواجه المشاريع الصناعية المعتمدة على القطاع الزراعي
قلة المشاريع الزراعية والمعامل التي تعتمد على الانتاج الزراعي المحلي، وصعوبة اقامة المشاريع الزراعية من قبل القطاع الخاص و وجود صعوبات امام الاستثمار الخاص، اضافة الى تدني مستوى الاساليب التي تستخدم في مكافحة الحشرات الضارة والمشاكل المتعلقة بشحة الاسمدة الكيمياوية والبذور والمبيدات والمستلزمات الزراعية الاخرى، وتخل جانب المكننة الزراعية في الاقليم ومشاكل عدم وجود قطع الغيار لها، اضافة الى عدم ملائمتها لظروف الاقليم.
وهذا يعني ان على الحكومة تشجيع القطاع الخاص وتقديم التسهيلات لها من اجل اقامة المعامل والمصانع التي تعتمد على الانتاج الزراعي المحلي وضرورة اجراء مسح خصوبي لتحديد المحاصيل التي تلائم الترب المختلفة لاغراض التوطن للصناعات الزراعية وتشجيع انشاء المعامل الحقلية الصغيرة. اضافة الى انشاء مختبرات متخصصة لتحديد الامراض النباتية واتباع نظام الادارة المتكاملة للافات الزراعية ومحاولة استيراد الكميات المطلوبة من الاسمدة والبذور المصدقة والمبيدات والمستلزمات الزراعية والتي على الحكومة استيرادها من مصادر موثوقة ومعتمدة وانشاء وتطوير مختبرات لتحليل التربة و المياه لتحديد حاجة الاراضي من الاسمدة ومحاولة تشجيع المسثمرين لاقامة المصانع الخاصة بالسمدة واعتبار هذه المشروعات من المشروعات الاستثمارية الاستراتيجية.
اما بخصوص المكائن، فيجب وضع خطة كاملة لتسهيل استيراد المكائن الزراعية الحديثة بشكل ينسجم مع ظروف الاقليم الطبيعية وتوفير الادوات الاحتياطية لها وتشجيع المستوردين ومساعدته للحصول على وكالات من الشركات المنتجة للمكائن الزراعية التي هي ذات سمعة عالمية وتيسير فرص تمويل حاجات المزارعين.

الاراضي الزراعية والغابات
كما اشرنا سابقان ان الاقليم يعاني من محدودية استغلال الرقعة الزراعية واقامة المشاريع الحضرية على الاراضي الزراعية من قبل بعض المسؤلين والتنفذين في الاحزاب والحكومة دون مراعاة لنوعية الارض، وخصوصا في اطراف المدن. كما ان الغابات في الاقليم يعاني من تقليص وتدهور خطير وضعف في الادارة والتطوير بحيث ان المساحات المشجرة والخضراء في المدن والقصبات أخذة في الانخفاض التدريجي وتعرض الغابات الطبيعة على سفوح الجبال الى حرق تكاد تكون شبه منظم دون ان يتوفر الوسائل المناسبة لاخمادها مما يسبب ضررا بيئيا كبيرا، اضافة الى تعرض المناطق والغابات الحدودية القريبة من ايران وتركيا الى قصف مدفعي وجوي وعمليات قتالية وحربية كبيرة تؤثر سلبا على الاجواء والمناخ الطبيعي وتقلص حجم الغابات الطبيعية التي تعرضت في الثمانينات لحرق وتدمير منظم من قبل النظام العراقي السابق. كما ان عمليات قطع الاشجار من قبل المواطنين بعد الانتفاضة بسبب شحة المحروقات في فصول الشتاء، ساهم في ابادة عدة غابات كبيرة كغابة كوران في اربيل وغابة اسكي كلك على ضفاف الزاب الكبير.
وهذا ما يحعني ضرورة استغلال اكبر مساحة ممكنة من الاراضي الصالحة للزراعة وعدم تركها بدون انتاج والتطبيق الفاعل لقانون حماية الانتاج الزراعي واستصلاح الاراضي الصخرية واستغلالها بزراعة اشجار الفاكهة الديمية واقامة تلك المشاريع على الاراضي الغير صالحة للزراعة. كما يجب تطوير الغابات القائمة وتوسيعها والتشديد في حظر قطع الاشجار وحماية الحيوانات البرية واصدار قانون للصيد يتلاءم وظروف الاقليم وقانون حماية البيئة وتحديد مواسم الصيد بشكل لايؤثر على الحياة الطبيعية ويحافظ على جمال الطبيعة الكردستانية الخلابة.
ضرورة اصدار قانون لحماية الانتاج النباتي وتفعيل القانون لمنع ترك الاراضي الزراعية بدون زراعة، وبذلك يمكن الاستفادة من التجربة اليابانية بفرض ضريبة على الارض غير المزروعة وتشجيع استغلال سفوح الجبال للزراعة الكنتورية والري بالتنقيط من قبل المستثمرين لزراعة اشجار الفاكهة.

الثروة الحيوانية
تعاني الثروة الحيوانية في الاقليم عموما والماشية خصوصا من غياب الاساليب والوسائل العلمية في العلاج والتطعيم والبيطرة والتلقيح الصناعي، مع عدم الاهتمام الكافي بالمراعي الطبيعية وتطويرها وتفاقم مشكلات قطاع الدواجن سيما ما يتعلق منها بالحصول على البروتين واللقاحات والافراخ باسعار تنافسية واغراق السوق المحلية بكل اصناف الدواجن المستوردة دون تمييز لاسباب قدرتها التنافسية غير المنطقية احيانا وبما شكل سببا في القضاء على الكثير من مشاريع الدواجن في الاقليم، مع ضعف الخدمات التسويقية اللوجستية كالنقل الزراعي والخزن مما يؤدي الى تلف الكثير من المحاصيل دون وصولها الى الاسواق المستهدفة.
وهذا يعني ان على الحكومة توفير التقانات الحديثة في مجالات العلاج والتطعيم والبيطرة والتلقيح الصناعي، سيما وان المؤسسات الخاصة تعد عاجزة حاليا عن النهوض بهذه المهمة الكبيرة في غياب الاستثمارات والوكالات التجارية لمنتجي هذه التقانات وان غيابها سيؤث سلبا في ادامة هذه الثروة. وكذلك استثمار المساعدات الدولية المتاحة لتطوير السلالات الحالية ولجلب المستلزمات المطلوبة. ضرورة اصدار القوانين التي تنظم الرعي وتمنع الرعي الجائر واتخاذ الاجراءات اللازمة لازالة الالغام التي تعيق عمليات الرعي وتلحق اضرارا بالرعاة وممتلكاتهم.
اما معالجة مشكلات قطاع الدواجن، لاسيما ما يتعلق منها بالحصول على البروتين واللقاحات والافراخ و وضع تصور كامل مشترك مع القطاع الخاص حول مستقبل صناعة الدواجن في الاقليم في ظل معطيات المنافسة العالمية، و وضع نتائج المناقشات محل التنفيذ بما يمكن هذا القطاع من استعادة بعض مراكزه التنافسية في اسواق الاقليم ومحاولة اصدار قانون يحمي المنتجين المحليين القادرين على المنافسة الفعلية من مخاطر الاغراق وتكليف لجان متخصصة يشترك بها القطاع الخاص لدراسة التركيبة السعرية الكلفوية للمنتجين الذين يصدرون منتجاتهم الى اسواق الاقليم.
مع ضرورة تطوير منظومة الطرق والنقل للمنتجات الزراعية من قبل القطاع العام وتشجيع وتنشيط المؤسسات التسويقية، مع تقديم التسهيلات اللازمة لانشاء المخازن المختلفة من قبل مستثمري القطاع الخاص واستثمار ما يتاح منها مما تملكه الدولة في خدمة وتطوير كفاءة القطاع الزراعي الخاص وانشاء اسواق جملة حديثة تتوفر فيها جميع الخدمات المطلوبة لعمليات التسويق الزراعي وتقديم القروض الزراعية للمزارعين والشركات الزراعية لاغراض التسويق من قبل مصارف القطاع العام.
هذا في ظل ضعف التنسيق بين المراكز البحثية في جامعات الاقليم والمشاكل في الواقع والمتعلقة بالانتاجية و انماط الانتاج في المنطقة، لذا ينبغي تركيز اجراء البحوث للجوانب التطبيقية التي تتعلق بالمشاكل والمعوقات المرتبطة بالانتاج والانتاجية للقطاع الزراعي في الاقليم وانشاء المراكز البحثية التي تتوفر فيها كافة المستلزمات المطلوبة للبحث العلمي في مجال الزراعة.

مشكلة الموارد البشرية
لاشك ان مشكلة الموارد البشرية هي من المشاكل الاساسية التي تعيق التقدم في هذا القطاع من خلال الهجرة الدائمة من القرى الى المدن بسسب مغريات الحياة في المدينة وامتيازات العمل الوظيفي وعمليات عسكرة القرى من خلال انخراط الشباب وابناء الفلاحين في القرى في سلك البيشمركة والجيش والشرطة وهذا ما ادى الى شلل شبه كلي في هذا القطاع خلال السنوات الماضية. هذا اضافة الى تدني المستوى المعرفي للفلاحين من ناحية استخدام الاساليب الزراعية الحديثة، مع غياب الدور الواضح للارشاد الزراعي وقلة خبرة الكثير من الكوادر الحكومية العاملة في مجال الادرة الزراعية وخاصة ما يرتبط بالتقدم التكنولوجي.
وهذا ما يعني انه على الحكومة توفير الخدمات الاساسية في الريف وتقليل التفاوت في تلك الخدمات ما بين الريف والمدينة بهدف تحويل سكانها الى ايدي عاملة في القطاع الزراعي وضرورة الكف عن عسكرة الريف واعطاء الشباب رواتب بأسم البيشمركة والشرطة دون عمل او انتاج فعلي. وضرورة وضع خطة استراتيجية للارشاد الزراعي لتطبيق نظام ارشادي متطور وتحفيز القطاع الخاص لانشاء المراكز البحثية للارشاد الزراعي وادخال الكوادر الزراعية في دورات تخصصية منتظمة، مع توفير قنوات الاتصالات مع المراكز البحثية والمعلوماتية لتطوير مستواهم وخبرتهم.

الموارد المائية ومحطات الرصد الجوي والري
ان عدم استغلال الموارد المائية المتاحة من مياه الانهر والمياه الجوفية بشكل اقتصادي و وجود مشاكل تتعلق بوسائل الري من مضخات ومحروقات وقطع غيار و مشكلة الجفاف وانحباس الامطار وتأثيرها على زراعة محصول الحنطة. مع عدم توفر محطات متطورة للانواء الجوية العالمية وهو ما يسبب صعوبة التنبوء بالطقس ومعرفة تقلباته واتجاهاته. مع وجود مشكلة تفاوت كميات سقوط الامطار في الاراضي الديمية.
من جهة اخرى هناك تخلف في منظومات الري، مع تدني مستوى اساليب فحص وتصديق البذور التي يستلمها المزارعون من الدولة واعتماد اساليب بدائية تقوم في الغالب على التخمين الشخصي لمستوياتها.
اذن تكمن الحلول في ضرورة الاستغلال الاقتصادي للموارد المائية المتوفرة و انشاء السدود واقامة المشاريع الاروائية على الانهر و انشاء شبكات للري في حقول الحنطة كأحتياطي عند انحباس الامطار وحفر الابار الجوفية بشكل مخطط وتشجيع زراعة اصناف الحنطة الخشنة في المناطق المضمونة والناعمة في المناطق غير مضمونة الامطار واصدار التشريعات الميسرة لذلك وتنظيمها. مع انشاء محطات حديثة و متطورة للانواء الجوية في مختلف مناطق الاقليم تعمل على تقديم الارشادات اللازمة للمزارعين ليتمكنوا من استثمار التغيرات بشكل منتج. اضافة الى تحويا الاراضي الديمية بشكل تدريجي الى اراضي اروائية بقصد تحقيق الري من خلال انشاء سلسلة سدود وفنوات زراعية.
اما بخصوص تخلف منظومات الري، فيجب تبني تقانات حصاد المياه في المناطق المطرية لغرض الاستغلال الزراعي والسكاني المحدود لتأمين الاستقرار السكاني في المنطقة واستثمار ضغط المار المنحدر من المرتفعات في اقليم كوردستان اما من خلال انشاء شبكة انابيب مختلفة الاقطار او قنوات مبطنة بهدف ارواء الاراضي الصالحة للزراعة، مع تنفيذ مشروع ريادي لتصميم شبكات نقل المياه وتشجيع الشركات الاستثمارية بأستقدام اجهزة الري بالرش بأنواعه والتنقيط وتعميمه على المناطق الاخرى وبناء محطات ضخ جديدة وتأهيل المحطات القديمة من قبل الشركات وقيام المصارف الزراعية والحكومية بتسليف المزارعين بأقتناء منظومات الري واستغلال المياه الجوفية والابار الارتوازية.
كل هذه المشاكل هي نتيجة حتمية لغياب او عدم ملائمة القوانين الحالية التي تنظم العمليات الزراعية و الملكية الزراعية، مما ينتج عنها الكثير من المشاكل وعدم الاستقرار في الاسواق و ضعف اجراءات الحجر الزراعي في المناطق الحدودية مما يتسبب في دخول اصناف غير مرغوبة او دخول أفات الى الاقليم كثيرا ما تصيب مزروعاته.

* مدير ASK في اقليم كردستان واحد المشاركين في اعداد الاجندة









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ما الذي تخفيه محاولة تهريب 26 طنا من الذهب؟ • فرانس 2


.. رئيس غرفة تجارة الأردن يؤكد: أهمية قمة البحرين في رفع معدلات




.. المملكة العربية السعودية: انفتاح اقتصادي واجتماعي.. بنكهة قب


.. هل تصل البتكوين إلى 100 ألف دولار قريباً؟ وهل وصلت ارتفاعات




.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024