الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


36 عاما على تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خميرة اليسار الفلسطيني لا زالت تعطي الخبز مذاقه الثوري

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين

2003 / 12 / 13
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لم يكن يدري المؤسسون للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أنهم بانتقالهم من مواقع فكرية وسياسية شبه شوفينية، وذات بعد عاطفي يقتقر إلى الحصافة السياسية أنهم يؤسسون لمدرسة فكرية سياسية جديدة في اليسار العربي، فقد كان الاندفاع نحو اليسار بالنسبة لحركة قومية محاولة لمحاكاة تجربة ثورية أو أكثر في العالم ابان حالة نهوض في الحركة الثورية العالمية، ونكوص مريع لحركة التحرر العربية اثر هزيمة حزيران وما جلبته من كوارث لا زالت الأمة العربية تعيش ويلاتها.
فقد سعت الجبهة الى اقتفاء المنهج الثوري الذي نجح في كوبا وكان على أبواب الانتصار في فيتنام، ولم تذهب لتقول لليسار العربي التقليدي نندم على رؤيتنا القومية وقد كنتم على صواب بتعترافكم بإسرائيل او بذيليتكم المطلقة للدب السوفياتي حتى في القضايا القومية والتي تشكل عنصرا محوريا في الوجدان العربي، بحيث كانت تغلب هذه القضايا على القضايا المجتمعية المتعلقة بالعدل الاجتماعي والاشتراكية وغيرها. لم ترهن الجبهة الشعبية مواقفها بالرفاق السوفيات وحافظت دائما على تمايز ناتج عن رؤية مبسطة للواقع كانت اصدق من كل التعمقات التي لم تكن سوى مداورة لاجل الهروب من حقيقة ضرورة الكفاح بشكل ارقى من القائم، وتبريرا للعزلة التي عاشتها الاحزاب الشيوعية العربية التقليدية بيسن الجماهير لا بسبب التقاليد والقيم السائدة وهو عنصر لا يمكن ان يهمل ولكنه عنصر كان يمكن تهميشه بالفعل الكفاحي الاكثر تقدما عن اقتفاء النصائح والارشادات البكداشية والتي هي في الاصل قرارات سوفياتية.
فقد شقت الجبهة مع الحادي عشر من كانون الاول عام 1967 طريقا جديدا جمع بين الفكر الاشتراكي الثوري، لا بشكل انتقائي  ولا بتبعية مطلقة لاحد المراكز الماركسية في العالم بل حاولت ان تدشن طريقها الخاص بالانفتاح على كل تيارات الفكطر الماركسي العالمي من السوفياتي الى الماوي الى تجارب العالم الثالث وخاصة في امريكا اللاتينية، فيما لم تتخل عن خاصها الوطني والقومي.
غير ان هذا التحول لم ترافقه عملية انتاج معرفة وفكر موسعة ، بل ظلت تراوح هذه العملية بين صياغة الاستراتيجية السياسية والتنظيمية التي اقرت عام 1969، وبين بعض الادبيات الدعاوية، دون ان يكون لذلك عملية مرافقة تتعلق بمشروع فكري متكامل كان يمكن ان يشكل حالة اعمق من الجدل السياسي باتجاه الجدل الفكري العميق.  وربما يعود ذلك الى كل الظروف التي مرت بالنضال الفلسطيني، والتي جعلت من الانشغال السياسي المتمثل في مواجهة مجازر ايلول والدفاع عن الثورة في لبنان والتصدي للمشاريع المختلفة التي هدفت الى تصفية القضية الفلسطينية دورا في ايلاء الاهمية لكل هذه الاخطار وعدم الانتباه الى مثل هذه القضية الاستراتيجية.
وبخلاف فصاتئل اليسار العربي ظهرت وبشكل بارز تضحوية الجبهة الشعبية سواء داخل الوطن او خارجه، ولعل الوجه الاخر من صورة التضحوية لدى الجبهة غير معروف للعرب في الخارج، الا وهي صورة التضحية في الوطن.  هذه الصورة التي رسمها عديد الابطال في مواجهة المحتل، اضافة الى العديد من الكادرات التي رسمت معالم الوجه الحضاري للجبهة الشعبية في العمل الجماهيري، وتحت ملاحقة الاحتلال لكل عمل جماهيري ناهيك عن الفدائي. ربما ما دفع الى هذا الاقدام العالي هو وجود عدو قومي على الارض الفلسطينية، لكن هذه التجربة استمرت ايضا حتى في ظل السلطة التي فرخها اتفاق اوسلو والتي اقدمت اكثر من مرة على اعتقال وملاحقة رفاق الجبهة في الضفة والقطاع حتى اقترفت عار الاذعان للشروط الامريكية والاسرائيلية واقدمت اجهزة امن السلطة على نصب مكيدة دنيئة للقائد الوطني احمد سعدات الامين العام المنتخب واعتقاله والتحفظ عليه حتى في ظل الاجتياح الشاروني تم استخدام القائد الوطني كورقة مساومة مع المجتاحين في اطار صفقة المقاطعة- المهد التي شرعت الابعاد ووضع المواطن الفلسطيني تحت رقابة الاجنبي.
لقد مارس مناضلو الجبهة ضروبا مختلفة من العمل السري، منها ان الجبهة استطاعت ان تحافظ على قيادة مختفية تحت الارض في مدن صغيرة لا يتعدى سكانها ثلاثين الفا ولمدة تتراوح بين خمس سنوان وسبع عشرة ستة، عدا عن ان الاحتلال وبعد عام 1982 لم يعد يقدر على توجيه أي اتهام لقادة الصفوف الثلاثة الاولى في الوطن بسبب صمودهم وعدم تقديم أي اعتراف امام جلاوزة المحققين ليطال الاعتقال التعسفي المحدود غالبية قادة الصف الاول والثاني دون محاكمة ولسنوات.
وهنا يجب ان لا ننسى عديد الرفاق الذين استشهدوا تحت سياط التعذيب دون ان تنبس شفاههم بكلمة واحدة، في حين افش وتبرع قادة يتسنمون الان سنام فصائل وطنية واسلامية وهيئات في السلطة باسر لم يطالبوا بها. يجب ان نتذكر الرفيق القائد محمد الخواجا والرفاق ابراهيم الراعي وخليل ابو خديجة واسحق مراغة، سميح حسب الله، ومصطفى عكاوي، الذين حفروا على الزنازين ما قاله الشاعر
ان يصلبوك في ليلة البرد الشديد فلا تخف
سيكون علما من تعذب للرفاق وما اعترف
جيل يستيقظ في غرف التحقيق يفيق...يفيق
وعصا الجلاد تصنع من شعبي حزبا والكل رفيق.

لقد قدمت الجبهة امثولة اخلاقية في كثير من المواقف العامة والخاصة، سواء خارج العمل الحزبي، او في اطار التنظيم الداخلي، فعدا رابط الانتماء لقضية قومية وانسانية، كان الانتماء لموقف اخلاقي عاملا حاسما في تقييم الرفاق، وعاملا حاسما في تحديد كثير من المواقف الميدانية.  هذا كنا نسمعه من الجماهير ومن فصائل اخرى ولا نتبجح به.
لم تخرج الجبهة من بين عناصر مدينية وان كان لذلك دور، وانما كان جل امتدادها في مخيمات الضفة والقطاع، وفي الارياف المختلفة بين صغار المزارعين وابنائهم وفي صفوف الطلبة والشباب. فقد بنت الجبهة منظماتها المختلفة في اوساط الطلبة والعمال والنساء وفي اوساط الاكاديميين، منظمات جماهيرية لها برامجها الاجتماعية والثقافية، كمااسهمت في رفد الحركة الوطنية الفلسطينية بافكار وممارسات كثيرة  شكلت احيانا قواسم مشتركة في العمل الجماهيري.
غير ان ذلك كله ما كان ليستمر بفعل الحصار المالي الشديد وافتقار الجبهة للموارد القادرة على تغطية النفقات الهائلة المترتبة على اسرتشهاد وجرح واعتقال الالاف من كادراتها واعضائها، في ظل تمييز بين شهيد وشهيد، واسير واسير  من قبل الصندوق القومي الفلسطيني.
واليوم تقف الجبهة في مكان متقدم في كافة اشكال المقاومة ضد المحتل وقد دفعت في هذه المعركة القائد الوطني التاريخي الرفيق ابو علي مصطفى شهيدا بعدما قذفته الفضائيات العربية بشتى التهم قبل ان تقذف اليه الاباتشي بصاروخين حولته الى اشلاء. في حين يعتقل الامين العام احمد سعدات بحراسة امريكية بريطانية، بينما يقبع الصفين الاول والثاني من قيادة الجبهة في معتقلات الاحتلال.
ورغم ذلك تسعى الجبهة جاهدة لان تكون مرجعية القرار الفلسطيني واحدة بعيدة عن تفرد ياسر عرفات او طموح الاسلام السياسي لاعادة انتاج هذا التفرد، تسعى الى قيادة فلسطينية موحدة تشكل مرجعية تقود اشكال الكفاح المختلفة وتخضعها للمتطلبات الوطنية وتنظمها، تسعى الى دمقرطة الحياة الفلسطينية وبناء منظمات نقابية لا تشكل دكاكين لامرائها، تسعى الى جيش تحرير وطني موحد، ينظم كل اعمال المقاومة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا