الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معركة الحجاب المفتعلة في فرنسا...

عزيز الحاج

2003 / 12 / 13
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


يعلم الجميع أن فرنسا دولة ديمقراطية علمانية، تشريعا وحكما وتعليما. فقد تأسس النظام السياسي الفرنسي على أنقاض الملكية المستبدة وتحكم الكنيسة. ولم تصل التجربة الديمقراطية لوضعها الراهن إلا بعد عقود من المطبات والمعارك والتجاوزات. لقد قامت الديمقراطية الفرنسية على مبادئ الثورة الفرنسية وما رفعته من شعارات عن الحرية والمساواة والإخاء وحقوق الإنسان. وبينما كان التعليم قبل الثورة تحت سلطة الكنيسة فقد تحول إلى مناهج علمانية وصارت تحكمه أنظمة وقوانين تسنها الدولة العلمانية.

 لقد فصلت الدولة الفرنسية المولودة بعد الثورة بين الدين وبين الدولة مع منح كامل الحرية للكنيسة في أداء واجباتها الدينية وضمان الحريات الدينية. وثمة في فرنسا مدارس دينية منفصلة عن المدارس العامة.

إن المزاعم بأن فرنسا تحارب الحجاب من موقع عنصري أو تعصب ديني يفندها وجود مئات الآلاف من المسلمات المتحجبات في ضواحي المدن الكبرى وداخل باريس نفسها؛ تراهن في المخازن والمترو وناقلات الركاب العامة، وهن يتحركن بلا منع ولا مطاردة ولا يحزنون. وهكذا أيضا في بريطانيا حيث يحتل المسلمون أحياء بكاملها داخل لندن نفسها وحيث الحجاب يتحرك بكل حرية. وكذلك في سائر الدول الغربية.

إن الضجة القائمة منذ سنوات عن الحجاب في المدارس الفرنسية العامة تتعمد تجاهل أن هذه المدارس علمانية وتديرها إدارة علمانية تمنع قوانينها حمل شارات يفترض أنها دينية. وبعد ان عرّض الإسلام السياسي وبعض الأنظمة المتلاعبة باللافتات الدينية [كصدام] البلدان العربية، وحتى التي كان الحجاب فيها قد انحسر[ كلبنان قبل حزب الله والعراق منذ التسعينات] إلى غزو الحجاب، فإن الإسلامويين وأئمة الجوامع في أوروبا يريدون فرض قواعدهم وقوانينهم على الدول التي استضافتهم ومنحتهم حق اللجوء والإقامة وحق التجنس وممارسات كافة طقوس العبادة. إنهم يريدون فرض قوانينهم الخاصة على المدارس الفرنسية العامة التي هي علمانية وإلا فهم يتهمون البلد بالعنصرية ومحاربة الإسلام. ومع معارضتي الشديدة لمواقف فرنسا من حرب إزاحة صدام ولحد يومنا، فإنني لم أر في تصريحات شيراك عن الحجاب في المدارس ما يتعارض مع الحرية الدينية والديمقراطية. ومؤسف أن بعض كتابنا العلمانيين [ كأحمد الربعي مثلا]، قد فاتتهم الحقيقة الفرنسية حول الحجاب.

 إننا نعلم بتصريحات صدرت عن بعض المتطرفين الإسلاميين في لندن عن السعي لفرض الإسلام في الداوننغ ستريت وغير ذلك من هراء لا يستفز الإنجليز وحدهم بل ويستفز كذلك المسلمين الواعين. إن الغرب كله في نظر الإسلام السياسي "دار حرب" بمقابل "دار السلام"! والكتاب والدعاة الإسلاميون الذين يتهمون الديمقراطية الغربية بحرب الحضارات هم الذين يمارسون هذه الحرب لكونهم يحاولون بشتى الأساليب فرض قيمهم وعاداتهم المتخلفة والمتعصبة على كل المجتمعات.

 إن الضجة حول الحجاب في المدارس الفرنسية مفتعلة ومغرضة. وإذا تراجعت الحكومة الفرنسية عن دستورها وموقفها لاعتبارات دبلوماسية أو انتخابية فإنها سوف تقترف خطأً جسيما تظهر في المستقبل عواقبه السلبية على الديمقراطية الفرنسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟


.. احتراق ناقلة جند إسرائيلية بعد استهدافها من المقاومة الفلسطي




.. بعد فرز أكثر من نصف الأصوات.. بزشكيان يتقدم على منافسه جليل


.. بايدن في مقابلة مع ABC: كنت مرهقاً جداً يوم المناظرة والخطأ




.. اتصالات دولية لتخفيف حدة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل ومخاو