الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


.. والحمام أيضا يمارس اللواط.. وخائن.. وقاتل.. ولكنه متسامح!!

حسن ميّ النوراني
الإمام المؤسِّس لِدعوة المَجْد (المَجْدِيَّة)

2008 / 2 / 20
الادب والفن


في هذا اليوم العاصف بمطر غزير، وريح شديدة البرودة.. راودتني الرغبة في العودة لأحضان الطبيعة.. منشأ أجدادنا القدماء، وبيت حريتهم المفتوح.. أخذت كرسيا صغيرا، وفتحت باب الحديد الذي يغلق عشة حماماتي القليلات، تحت سلم يهبط نحو منزل ريفي متواضع أستأجره في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.. أحب بين وقت وآخر أن أخلو مع نفسي في صحبة حماماتي.. وكانت الخلوة اليوم أجمل وأنا أعاني من ضيق نفسي تفلح حماماتي في تحريري منه.. وتفلح أجواء الطبيعة - أمنا الأولى.. معذبتنا ومبهجتنا معا – في صخبها، وفي هدوئها، في تفريج كرباتي.. وما أشدها، وخاصة في حصار يفرضه العالم علينا، نقاسيه نحن المقيمين في قطاع غزة..
قلت لنفسي وأنا أنظر للحمامات وهي تنقر طعاما حملته لها: لا بد أن كائنات الوجود تمتلك تجارب أعمق من تجارب الإنسان بحكم أقدميتها المديدة، وبحكم ثباتها في معركة طويلة طويلة جابهت فيها قساوة الحياة وكروبها وعدوانيتها.. وقلت في نفسي: لكن الإنسان – هذا الغرُّ - مغرور باعتقاده أنه يحمل ذكاء فريدا لا تمتلكه الكائنات الأخرى جميعها.. وللإنسان ذكاء لا شك فيه.. لكن ذكاء الإنسان مسخر لتدمير حياة الإنسان.. وتذكرت آية قرآنية تتحدث عن الملوك وتقول إنهم ما "دخلوا قرية إلا أفسدوها".. وقلب معقبا: أجل، إن الآدميين لا يدخلون مدخلا إلا أفسدوه.. وهذا أنا أفسد على الحمام شأنه!!
هذا أنا أسجن حماماتي في عشة أغلق بابها بحرص!!
راودتني نفسي أن أفتح للحمامات باب عشتها لتخرج من سجنها الآدمي إلى أفق الحرية الطبيعية الفسيح.. والحمام يهوى الأجواء الممطرة ويبتهج بها.. ولكن هواي القمعي يتملكني وحرصي على الاحتفاظ بحماماتي يمنعني من أن أنزل عند حق الحمام، في الحرية وفي البهجة.. رغم أني أنا نبي الدعوة النورانية: دعوة الحرية المبتهجة؟! لكنه الإنسان صاحب الذكاء الخارق: ذكاء أنانية التدمير.. حتى ولو كان هذا الإنسان هو نبي الحب، كما هو شأني وكما أزعم وأنا أبشر بدعوتي النورانية، دعوة: "تحابوا.. إن الحب يبهجكم.. وبهجة الحب تنيركم"!!
فما أكذب الإنسان؟! ولماذا يكذب؟ لأنه أناني يقيده الحرص الأعمى على الاحتفاظ بما يملك؟!
والكذب المرتبط بالحرص الأعمى، ناتج عن تجربتنا فاقدة الروح.. وقد كنت قبل عدة أسابيع، قد ضقت ذرعا بعبء حماماتي الاقتصادي على كاهلي الواهن، منذ انضممت لجيوش العاطلين في عالمنا، منذ أوقفتني صحيفة عربية عن العمل مراسلا لها بعد عشر سنوات من بذل جهد مضن كنت أبذله رغم شيخوختي، ودون أن تفسر الصحيفة أسباب قرارها المفاجىء ضدي، رغم أن الصحافة في بلادنا تزعم أنها المدافع العنيد عن حقوق الإنسان.. لكن الصحافة في بلادنا – ومن نموذج صحيفتي المعنية – تقول ما لا تفعل، مثلما يفعل الشعراء بوصف القرآن الكريم لهم..
أعود لحماماتي.. فقد فتحت لها أبواب العشة قبل عدة أسابيع لأترك لها حرية الفرار من سجني إلى حرية الفضاء الكوني الذي تحرمني عنصرية الصهيونية وعدوانيتها من الانطلاق فيه.. وبررت لنفسي قراري بفتح باب السجن لحماماتي بأن من حقهن أن يقررن مصيرهن بأنفسهن ومن غير قهر "الباب المحكم الإغلاق".. وقد يكون هذا المبرر أصيلا، لكنه لا ينفك عن رغبتي في تخفيف أعباء الحياة عن كاهلي، بتوفير ثمن العلف الذي أشتريه لتغذية حمام لم يفدني ماليا.. ولم يمنحني نتاجا منه كثيرا، ويساوي تكلفته، يغذي ضعف جسدي..
طار بعض الحمام تحت إغراء الحرية المفاجئة التي هبطت عليه من عفوي عنه، أو من رغبتي في توفير ثمن علفه، أو من لحظة اختلطت فيها رغبة التوفير المالي بصحوة أخلاقية لم تقبل مني التناقض بين دعوتي وبين فعلي!!
طار بعض الحمام وبقي بعضه.. والحق أني قلقت على ما طار وتمنيت عودته، خاصة حمامة بيضاء بريشتين بنيتين ظلت تصاحبني في وحدتي في شقة، كانت في الدور السابع من بناية في وسط مدينة غزة كنت أقيم فيها قبل أن تضطرني قسوة الظروف المالية للخروج منها إلى بيت بإيجار أقل تكلفة.. كنت أنا أعيش داخل شقتي وكانت حمامتي الأولى تعيش في شرفتها المطلة على مدينة غزة من ارتفاع شاهق..
وكنت أعتقد أن حمامتي الأولى أنثى.. لذا ابتعت حمامة ذكرا لتصحب حمامتي وتفك وحدتها.. لكن الذكر هوى وهو مربوط الجناحين من الطابق الشاهق إلى أرض الشارع فالتقطه على الفور رجل كان على موعد مع سقوط الذكر الذي ربطت أجنحته لكي لا يفر مني..
وعادت حمامتي الأولي وحيدة مثلي.. إلى أن تغير ظرفي وجاءت شريكة تخرجني من وحدة مريرة استمرت 12 عاما منذ عودتي من غربة طويلة مريرة أيضا إلى غزة، دون أن يصحبني أهلي.. لأن العدوان شاء أن يحرمني من حقوقي التي منها أن أعيش في بيئة إنسانية اجتماعية طبيعية.. لكن "ذكاء" الإنسان" ذكاء أناني ظلوم وقاتل"!!
وبعد أيام قليلة جدا من مشاركة امرأة جديدة لي حياتي، حلت بالشرفة حمامة أخرى سكنية اللون أبت أن تغادرها رغم الاستقبال غير الودي من حمامتي الأولى لها.. لكن للحمام ذكاء أيضا.. تحملت الحمامة الوافدة إهانة الحمامة المقيمة لها.. ويوما بعد يوم، كانت مسافة النفور بين الحمامتين تتقلص، إلى أن انعدمت تماما، وتحولت إلى عشق بينهما، اكتشفت منه أن حمامتي الأولى كانت ذكرا!! وكانت الحمامة الوافدة أنثى..
وعند انتقالي من شقتي في غزة إلى شقتي في بلدة بيت لاهيا، حرصت على أن أصحب معي الحمامتين، معتقدا أن هناك رابطة روحية تجمعني بهما.. ثم أضفت للحمامتين حمامات أخرى.. وعندما فتحت باب العشة بدافع تفادي مصاريف الحمام أو بدافع أخلاقي حثني لمنحه "حق تقرير المصير"، كانت حمامتي الأولى من بين حمامات غادرت المكان وظلت غائبة لبضعة أيام.. وظلت نفسي معلقة بها.. وظللت أعتقد أنها ستعود.. ولم تهدأ نفسي إلا بعودتها..
ولكن أنثاها خانتها.. استغلت أنثى حمامتي الأولى غياب ذكرها، فهجرت عشهما المشترك، إلى عشة ذكر آخر غابت أنثاه في واقعة "حق حرية تقرير المصير" الذي منحته للحمامات عندما ضقت بأعبائهن المادية..
وارتضى الذكر "المعشوق" مشاركة الأنثى "الخائنة" له.. وفجأة، عادت أنثى الذكر "الخائن" لبيتها.. لكن الأنثى "الخائنة" خاضت حربا ضروسا لإقصاء الأنثى العائدة لحضن زوجها، من بيتها، واشتبكت الأنثتان في معارك متعددة، بينما الذكر الخائن، ومعه الذكر المهجور من أنثاه، وأنا ثالثهما نشاهد المعارك الضارية وننتظر ما ستسفر عنها..
وفي النهاية، طردت الحمامة الخائنة الزوجة المغدورة، من بيتها واحتلت مكانها، وبصحبتها الزوج الخائن.. وانتحت الحمامة المهزومة ركنا في قاع العشة، وصارت هدفا تلاحقها نقرات مجموعة الحمام كلما شاركت الأخريات في تناول الطعام.. وبعد يومين لاحظت أن المغدورة لا تندفع لمشاركة زميلاتها في الطعام، فوضعت شيئا منه في متناولها.. فالتقطت قليلا منه بدون تلهف.. وفي اليوم التالي، لدى دخولي للعشة، وجدت الحمامة ضحية الخيانة ملقاة على ظهرها نافقة، فتفحصتها فاكتشفت أنها فقدت الجزء السفلي من منقارها.. والحمام عند تعاركه يستخدم منقاره..
زوج الحمامة الخائنة ظل هادئا لا تعنيه خيانة أنثاه له مطلقا.. ولم يحرك ساكنا وأنثاه تمارس الجنس مع عشيقها، وعلى مرأى منه ومقربة!
وفجأة، هجرت الحمامة الخائنة عشيقها، وعادت لبيتها القديم مع ذكرها الأول، ووضعت بيضها، وترقد عليه ويشاركها زوجها الأول، وكأن شيئا لم يحدث مطلقا (؟!)
أما الذكر الذي هجرته عشيقته.. فقد حل في ضيافته، أنثى أخرى، هجرت ذكرها أيضا..
واليوم.. والمطر غزير والبرد قارس.. والريح عاصفة.. وأنا في العشة أهرب من كرب النفس.. شاهدت العشيقين الجديدين يمارسان الحب معا.. رقدت الخائنة الجديدة للعاشق فقفز فوق ظهرها، لكن ذكرا فقد أنثاه في يوم تقرير المصير، اندفع ينقر العاشق قبل أن يبلغ مراده.. وبهدوء أذعن العاشق، ونزل من فوق العشيقة الجديدة.. لكنه وعشيقته لم ييأسا.. فواصلا ممارسة الحب حتى رقدت الأنثى من جديد، فاعتلاها الذكر وبلغ مراده قبل أن يصل إليه الذكر الذي سبق له أن نهره عن فعله، والذي يعيش وحيدا، منذ غادرته أنثاه ولم تعد..
ثم رقد الذكر العاشق بعد أن أنهى جولة الحب مع عشيقته الجديده، كما تفعل أنثى الحمام.. وفجأة، جاءت تهرول من بعيد، حمامة ذكر، لا شريكة لها، قفزت فوق ظهر الحمامة الذكر الراقد، ومارست معه الجنس كما يمارسه الذكر مع أنثى تحته..
رباه.. والحمام أيضا يمارس اللواط.. وخائن.. وقاتل.. ولكنه متسامح!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس