الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصف المنسي والاجتياح المؤجل!

جاسم الحلفي

2008 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


لم يتوقف القصف الجوي التركي للشريط الحدودي العراقي، منذ الاعلان عنه في نهاية السنة الماضية، ولم تتم متابعة هذه القصف اليومي لقرى كردستان الآمنه، كما يبنغي. بالمقابل لم يلحظ المتابعون، مصير القرويين الاكراد والرعاة الذين تركوا قراهم ومراعيهم، لسبب لم يقترفوه، سوى تواجدهم في المناطق الحدودية التي تتعرض للقصف ومنذ اشهر، ولم يتم احصاء الخسائر الذي تعرض لها هؤلاء الفقراء، جراء تشردهم من قراهم ومراعيهم. ويظهر ان هذا هو " المكسب الوحيد " الذي حققه الجنرالات الاتراك من خلال القصف اليومي لاراضي كردستان العراق.

المزاعم التي تدعيها الحكومة التركية والقائلة بأن الهدف من هذا التصعيد العسكري هو ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني والقضاء عليها، هي في الواقع مزاعم لا يمكن تصديقها، خاصة وان العالم يعرف ان القوات العسكرية التركية نفذت طيلة الربع الاخير من القرن 24 اجتياحا. ورغم التحضيرات العسكرية الواسعة، واستخدام احدث الاسلحة، لم تحقق تلك الاجتياحات شيئا يذكر من هذه المزاعم. فالتصعيد العسكري، في كل الاحوال، طريق يعقد الحل ويخلف خسائر بشرية ومادية غير مبررة. وبينت التجربة ان طريق الحلول العسكرية لن يحل المشكلة إطلاقا لأن أساس المشكلة يكمن في الاعتراف بحقوق شعب يبلغ تعداده أكثر من عشرين مليون نسمة في كردستان تركيا ومشكلته قائمة قبل وجود حزب العمال الكردستاني وستبقى تنتظر حلا سلميا ديمقراطيا عادلا.

واذا تجاوزنا التحليلات العمومية وبحثنا في جوهر المشكلة امكننا القول ان ملاحقة حزب العمال لم تكن السبب الوحيد للتصعيد، بل انها ذريعه مفضوحة وراء التحرك التركي لاجتياح كردستان العراق، تليها قضية كركوك التي تنتظر الحل حسب المادة (140) من الدستور العراقي التي تنص على إجراء استفتاء عام حول مصيرها، لتكون سببا اخر ضمن التدخلات الإقليمية القوية التي تعمل على الحيلولة دون تنفيذ المادة المذكورة، هذا اضافة الى محاولات زعزعة الاستقرار في اقليم كردستان، وتهديد التجربة الفدرالية التي لا تروق للسياسة التركية.

واذا كانت قضية كركوك تعتبر قضية داخلية عراقية تخص الشعب العراقي، والنظام السياسي في العراق، وبالتالي لا يحق لاي دولة اخرى، اقليمية أو غيرها، من التدخل فيها وفرض اجندتها بشأنها، فانه بالمقابل تعتبر مشكلة تركيا مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني مشكلة تركية داخلية تحل داخل البلد ذاته، ولا شأن للعراق بها وليس من الصحيح تصدير مشاكل تركيا الداخلية الى بلادنا.

ختاما لا بد من القول انه، رغم كل مظاهر التصعيد العسكري واستخدام القوة أو التهديد باستخدامها، يبقى الرهان على الخيارات والحلول السلمية ومستقبل الاستقرار في المنطقة قائما. ففي الوقت الذي تتطلع فيه الشعوب الى السلام والتاخي والوئام، وابعاد شبح الحرب عنها، وارساء انظمة ديمقراطية مستقرة، وبناء بلدانها وتنميتها وتطويرها، نجد هناك من يراهن على خيارات العنف وقعقعة السلاح. ولقد بينت التجربة أن من يراهن على غير الحلول السلمية سيكون رهانه خاسرا، إذ ليس هناك من افق لاي رهان ضد مصالح شعوب المنطقة التي تتطلع الى السلام والوئام، وتناضل من اجل تخفيف التوترات وازالة حالة الاحتقان، عبر حلول مقبولة، ومعقولة تستند الى لغة الحوار والتفاهم والمصالح المشتركة وليس الى لغة الحرب المدانة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الخلاف التجاري بين الجزائر والاتحاد الأوروبي.. إلى أين؟ | ال


.. بايدن وترامب.. وقضايا بارزة في المناظرة الرئاسية




.. انتخابات الرئاسة الإيرانية.. مرشحون وشروط


.. بالمناظرة التاريخية.. بايدن يتعثر مبكرا وترامب يدعوه للخضوع




.. بايدن يتلعثم خلال المناظرة الرئاسية أمام ترمب