الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النافذة

عبد العظيم فنجان

2008 / 2 / 21
الادب والفن


كنتُ أسكرُ كثيرا في تلك الأيام ، وكان يربكني أني ، في كل صباح ، لا أجد النافذة مكانها . تلك النافذة التي أنظرُ من خلالها الى امرأة هي كل الوردة ، لو فكّر العالمُ أن يكون عطرا .
لا اعرف .. ربما لأن النورَ الذي تتركه ورائها كان قويا ، فيحجب عني النافذة التي كانت تثب منها الى غرفتي في الليل ، فأقود روحها ، في لجة السُكر ، الى مدن حلمتُ بها كثيرا ، في قصائد هاذية ، كتبها مجهولون على الصفحة البيضاء من سخام حياتي .
لم أكن متأكدا مما يحصل : كيف تظهر النافذة ، على الحائط ، في الليل ، وتختفي في الصباح ؟ حتى قررتُ ، ذات ليلة ، أن أتوقف عن السُكر ، لأُنقبَ عنها ، بجدية ، بين الاغطية ،إذ يتدثر المنفى من شدة البرد ، في المرآة وهي تشطف هواجس المارين في أعماقها ، تحت حنفية الماء حيث يتقاطر الدمع ، في الكتب وهي تُخيطُ بدلة المكتبة ، في ...

ولم يكن ما فعلتُ مجديا ، فليس ثمة أثر للنافذة ، ولا للمرأة التي كانت ، طوال الليل ، تجمع دموعي براحتيها ، لتغسل بها بصيص الضوء المتسلل الى عزلتي من مسام الافق ، أو تفرك برائحتها جسدي فتتساقط منه تقاويم السنوات التي حفر عبرها الألم نفقه اللانهائي ، داخل روحي ، فوصلتُ مع أنفاسه الى هذه الغرفة المقتطعة من حقول الخيال .

كنتُ مربَكا من نتائج البحث ، واشعر باضطراب من صحة وجودي ، لأن العالم كله : العالم برمّة أركانه فصـّل من حياتي ثيابا ، حسب حجم كل قتيل في الحروب ، عبر التاريخ ، مثل شجرة انفجرتْ في قلبها العاصفة ، فلم يعد ممكنا جمع أوراقها المتناثرة ، التي تحولتْ الى كمائن
طيور ، وأفخاخ عصافير في الغابات .

أين النافذة ؟

كنتُ قد عدتُ الى السُكر من شدة الصراخ ، فتجلتْ لي . وجدتها لابثة مكانها ، قبل أن اوجد أو توجد الغرفة ، ثم رأيتُ المرأة التي لم يمسسها أحد قط ، لكن لم يكن ممكنا الاستمرار بالصراخ لأكثر من ليلة ، لأنهم حملوني الى الخارج ، في الفجر : تركوني وحيدا في العراء ، وثمة ورقة في يدي . ورقة حدقتُ فيها بذهول سنوات طويلة ، حتى أنني – على ضوء ما جاء فيها - فسّرتُ
الغموض الذي يكتنف فكرة الملاك والشيطان ، فقد رأيتُ حجم القسوة في قلب هذا العالم متجليا في عقد الايجار ، الذي يذكر أن الغرفة ، التي استأجرتها في تلك الايام ، كانت بلا نافذة ، أصلا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?


.. لعبة الافلام الأليفة مع أبطال فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد




.. إيه الدرس المستفاد من فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو ب