الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مياه بابل(قصص قصيرة جدا)

حجي خلات المرشاوي

2008 / 2 / 21
الادب والفن


مياه بابل
لا يتأثر الطبيب بدموع تلك السنجارية .يطلب منها أن تلطم في مكان آخر. يستشيط غضبا فيأمر بأخلاء الغرفة.يغلق الباب بأحكام ويتجه نحو السرير حيث يرقد طفل مقطوع الأطراف .يعيد معاينته من جديد.الرئتان ممزّقتان تماما والقلب مشطور بفعل شظية حادة كشوكة.لانبض، لاحرارة ولا نأمة روح واحدة.الطفل ميت لامحالة ولكن.. يكاد الطبيب يجنّ وهو يرى ما يحدث أمامه. هذه الحالة تخالف كل ماتعلّمه وتجندل أكثر الحقائق علمية. هل هذه.. نعم أنها.. ولكن لا يمكن أن تكون.. ويعصر الطبيب رأسه ثم يبتعد عن السرير.يأخذ أنفاسا عميقة، يفرك عينيه، يمسح قطرات العرق عن جبينه ويقترب مرة أخرى من السرير. نعم، العروق تنبض وذاك.. ماذا أسميه؟ تتهدّج أنفاسه ثانية. اجل ذاك السائل يجري فيها ..أنه، أنه.. لا، لا يمكن أن يكون ماءا. يشعر الطبيب بفضاء الغرفة ينضغط حوله شيئا فشيئا.يزداد ضغط الكتلة المنضغطة عليه. يسمع.. لا لا يسمع.. بل يسمع شيئا ما. يلتفت لكن لا شيء هناك.ينضغط الفضاء حوله أكثر. يسمع؟ أجل يسمع صوتا. تتلألأ الغرفة بضوء يبهر الأبصار. تهتزّ كل موجوداتها وكأن هزّة تضرب المكان. يسقط الطبيب على الأرض ثم يزحف نحو زاوية ما. الصوت يأتيه متقطعا مبهما وغير واضح المعالم. سيل من الكلمات المتداخلة المتشابكة السريعة تسابق بعضها البعض. مفردات لم يسمع بها من قبل تندغم في مفردات غير غريبة عليه. يكاد رأسه ينفجر لكن مهلا.. ينقطع الصوت فجأة. يعود فضاء الغرفة ليتوزّع بالتساوي في الأركان الفارغة. تبقى العبارة ترنّ كناقوس ناء في ذاكرته.. أنها مياه الجنائن المعلّقة يا... ينهض الطبيب. يقترب من الجثة الهامدة.يرمي نفسه على السرير.يحضن الطفل ويبكي ..يبكي وقد شعر للتوّ بهول الخسارة.
تسوّل
بسط المتسوّل يده في أرتباك. وضع عابر سبيل ورقة في الراحة المرتجفة والممدودة كحمامة خائفة.خطوة..خطوتان..ثلاث خطوات، وأنطلق النشيج المحتبس يخرج مبحوحا من الحنجرة الناشفة. ألتفت عابر السبيل مندهشا لكن المتسوّل أشار له بالأنصراف دون أن يملك القدرة على أن يقول له (لا ذنب لك). لقد درج منذ زمن طويل على تسوّل البكاء بهذا الأسلوب. هو لايتسول النقود بقدر ما يبحث عمّا يثير مواجعه ويستحثّ نبعه الذي أجدب لكي يغرف همومه بسيل من الدموع.


دخول
قف هنا، يقف. تنحّ جانبا، يتنحى. أبتعد قليلا فأنفاسك مقرفة،يبتعد. ما قصتك ها؟ كلما ألتفت أصطدم بك.. أغرب عن وجهي، يغرب عن وحهه. تبا! ألم تتر الّا هذا المكان لتقف فيه كمسمار أبله.. يحرّك، يتحرك. أياك أن تدوس على حذائي.. سأمسحه في وجهك، يتراجع. أفّ، رائحتك بشعة.. هلاّ ذهبت الى هناك؟ يذهب الى هناك. لقد قطعت تيار الهواء .. أبتعد عن النافذة، يبتعد عن النافذة. أنت تثير جنوني بسحنتك الخارجة من قبر.. أختف، يحاول الأختفاء. يا لك من أحمق! أما وجدت فضاءا آخر تلوّثه بزفيرك.. أخرج، يخرج. لا تلتصق هكذا بالجدار فقد تخدّش دهانه، لا يلتصق بالجدار. أنهض عن هذا الكرسي .. من أذن لك بالجلوس هنا؟ ينهض. مالك تذرع الممر كزرافة حمقاء؟ ولّي، يولّي. لم تقف على الدرج هكذا؟ أنزل، ينزل. لا تلمس طاولة الأستعلامات.. لقد مسحتها قبل قليل.. يعتذر. أنت تقطع السبيل على الناس.. أبتعد عن البوّابة الخارجية، يخرج. الدصيف مزدحم بالمارة.. أنحدر نحو الشارع، ينحدر. هيه حاذر! الشارع ليس لك.. حاذر، حا..يصدمه. يكتب الضابط في تقريره: مواطن ايزيدي مجهول الهوية حاول تغيير قدره بالدخول عنوة في صلب الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت


.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال




.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب


.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي




.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء