الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمال محليون على أقصى اليمين؟ عمال أجانب على أقصى اليسار؟

زياد ماجد

2002 / 5 / 1
الحركة العمالية والنقابية




انها المعادلة الغريبة الآخذة في التشكل في أوروبا (وفي معظم أنحاء العالم) منذ سنوات: جزء كبير من أبناء الطبقة العاملة (المحلية) يقترعون لمرشحي اليمين المتطرف، وجزء كبير من أبناء الطبقة العاملة (المهاجرة) يتظاهرون دعماً لقوى اليسار (غير الاشتراكي)...
المحليون يحمّلون المهاجرين الوافدين مسؤولية تردي أوضاعهم ويتوجهون صوب أقصى اليمين بحثا عن انتقام، والمهاجرون يعتبرون المحليين عنصريين وعدائيين لهم ويذهبون الى أقصى اليسار بحثا عن حماية.
علاقة إشكالية ومعقدة بين طرفين تراكمت فيها التناقضات وتداخلت العوامل السياسية والثقافية والاقتصادية، ولم تفلح النقابات والاحزاب ((التقدمية)) في استيعابها وتغيير طبيعتها. وثمة عاملان تأسست عليهما هذه العلاقة:
عامل تعاظم هجرة الفئات غير المؤهلة علميا ومهنيا من الدول الفقيرة الى الدول الاغنى بحثا عن العمل والارتقاء الاجتماعي، او عن الملاذ الآمن والضمانات.
عامل تزايد معدلات البطالة لدى مختلف الفئات في الدول الغنية المتلقية للهجرة (لا سيما لدى فئات الدخل الادنى) وتفاقم الفروقات الطبقية فيها نتيجة عمليات الخصخصة ودمج الشركات وتخفيض الموازنات والتقديمات الاجتماعية وسواها من إجراءات السياسات النيوليبرالية.
ومن هذين العاملين ايضا تناسلت سائر القضايا الاقتصادية والثقافية والسياسية:
العمال المهاجرون جاهزون لقبول اي عرض يقدم لهم لتأمين قوتهم بغض النظر عن قوانين العمل.
أرباب العمل يهددون عمالهم المحليين باستبدالهم بالاجانب وضرب المكتسبات الاجتماعية التي حققتها نقاباتهم ان فاوضوا على شروط عملهم ومستوى مداخيلهم.
ضواحي المدن تتحول تجمعات للمهاجرين من عائلات العمال وترتفع فيها حدة التوترات (كما بينها وبين المدن) وتتصاعد فيها الجريمة.
الفروقات الثقافية والقيمية بين المهاجرين والمحليين تتحول من مادة تغنٍّ بالتنوع وتسامح مع الاختلاف الى مادة تحريض عنصري او بحث انتروبولوجي او تحقيق صحافي تعريضي.
المحصلة: تصاعد العداء للأجانب، واختصار سبل البحث عن أسباب المشاكل لجوءا الى الحجج السهلة واتهام ((الآخر)) (مع امكانية عطف القضايا السياسية العالقة مع ((بلده)) على القضايا المعيشية المرتبطة بحضوره).
هكذا، يصبح المسؤولون عن مشاكل الفقر والبطالة والامن في الولايات المتحدة المكسيكيين والبورتوريكيين، وفي اسبانيا الكولومبيين والمغاربة، وفي فرنسا الجزائريين والافارقة السود، وفي ألمانيا الاتراك والاكراد، وفي إيران العراقيين والأفغان والاذريين، وفي استراليا ((الآسيويين))، وفي لبنان السوريين.
وهكذا يأخذ تقدم اليمين مداه: نقل التناقض الاجتماعي من الموقع الطبقي ((الداخلي)) الى الموقع غير الطبقي ((الخارجي))، وجرّ اليسار من معركة البرامج السياسية والاقتصادية معه الى معركة الانتصار لجزء من ضحايا التهميش والإفقار على جزء آخر!
  
اليوم، في الاول من أيار، يحتفل العمال المحليون والمهاجرون في العالم بعيدهم. مزيج من القلق والحزن والغضب واللامبالاة يسكن احتفال نقاباتهم.
ويشارك العمال اللبنانيون والسوريون والمصريون والسودانيون والاثيوبيون والسريلانكيون في الاحتفال في لبنان بصمت، وبعيدا عن استقبالات الاتحاد العمالي العام...
وحدهم العمال الفلسطينيون في مخيمات بيروت والمناطق لا يحتفلون. فهم جميعا عاطلون عن العمل، محرومون منه، كما من سائر حقوقهم المدنية...


©2002 جريدة السفير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا.. بنغازي تستضيف معرضا طبيا للشركات العاملة في القطاع ا


.. مش كل القطاع الخاص يقدر يطبق الحد الأدنى للأجور..رئيس اتحاد




.. إسبانيا تستدعي سفيرتها من الأرجنتين احتجاجا على إهانة من رئي


.. المرشد الإيراني: المسؤولون يتعاملون بشكل جدي ولن تتعطل شؤون




.. بعد إلغاء إسرائيل تصاريح عمليهم.. آلاف العمال يفقدون مصدر رز