الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عقوق الشعراء

توفيق التميمي
كاتب وباحث في شؤون التاريخ والذاكرة العراقية

(Tawfiktemimy)

2008 / 2 / 22
الادب والفن



نشرت كيكا في موقعها قبل ايام حوارا مع الشاعر سعدي يوسف اجراه معه الشاعر صلاح عواد وكلاهما شاعر عراقي احترف التغرب عن البلاد مبكرا.. غادراها مجبرين منذ ان اقرعت اجراس الرعب الاولى.. ومنذ ذلك الحين وهما يجوبان مدنا سعيدة وجزرا نائية ساحرة.. فكتبا اشعارهما بحروف لها طعم المخمل وطراوة السواحل التي بلغوها، وهذا حق مشروع لانهما لم يتركا البلاد فحسب بل فارقا ايضا تاريخا كاملا من الاوجاع والحروب وأشباح الهراوات حتى لم يعد الوطن إلا سطرا منسيا في قصائدهم ولم يعد مواطنهم إلا (كيسا من القمامة) في اشعارهم الاخيرة.
فلم تجد نفعا شهادات قوافل الفارين من اصدقائهم في تأجيج وهج قصائدهم الاولى ومراثي القتلى وحكايات الهور و(محيسن القتيل) او تعيد الطيور لاقفاصها القابعة في لوحة (فائق حسن) ابتعد الشاعران عن وطنهما كثيرا.. فتحولت سنوات الغربة الى عجلة هرست كل اوجاعهما القديمة وسنوات تشردهما.
ولكن الخيبة المرّة عندما يتحاور الشاعران على ضفاف جزيرة (نانتييكيت)النائية، فلا يجدان ديباجة لحوار طويل إلا الحديث عن (ملفيل) روايته الخالدة (موبي ديك) وسيمضي الحوار بعيدا دون ان يلتفت الشاعران المتحاوران الى حريق بلادهما ونزيفها المتواصل الذي صار خبرا تكرره وكالات الانباء ويزوره قراصنة الاعلام كيفما شاؤوا.
لم تكشف هذه المحاورة عن عقوق الشعراء بأوطانهم فحسب، بل كشفت عن خيبة امل جيل كامل من قرائهما ممن كان يتعقب احلامه في قصائد شعراء كانوا في مقدمة الفارين من جحيم الوطن الى مباهج المدن السعيدة والضفاف الساحرة التي لن تبلغها مخيلة مواطنين بسطاء.
ووسط هذه الخيبة من حوار لشاعرين عراقيين غابت سطور الوطن من احاديثهما بتنا نتطلع لجيل شعري آخر يولد من بين انقاض شارع المتنبي وحرائق مدننا يولد من بين تركة القتلى وميراث جيوش ما تركوه من ارامل وايتام ووصايا اخيرة.
ربما سيكون لنا موعد مع زمن جديد للملحمة الشعرية العراقية بمواهب واعدة لم نسمع بها من قبل تنبثق من بين انامل هذه الوحوش القادمة من كهوف مظلمة لتبتلع ميراث الشعراء والعشاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة