الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أين اليسار الفلسطيني ..؟؟

عبد الكريم عليان
(Abdelkarim Elyan)

2008 / 2 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


قبل وقت قريب ساد مصطلح أو مفهوم جديد في الساحة السياسية الفلسطينية هو : " القوى الوطنية والإسلامية " ظل يستخدم هذا المفهوم بشكل قوي قبل انقلاب حركة حماس العسكري واستيلائها على السلطة في قطاع غزة .. هذا المصطلح أو هذه التسمية أطلقت على القوى والمنظمات الفلسطينية العاملة في الساحة الفلسطينية وبوشر باستخدام هذه التسمية في بداية الانتفاضة الأخيرة في عام 2000 حيث تشكلت " لجنة المتابعة العليا " من كافة الفصائل والتنظيمات السياسية كقيادة وطنية للعمل الوطني المناهض للاحتلال كي يكون فصل العمل الشعبي عن عمل السلطة الرسمي حتى لا تتهم الأخيرة بتخريب عملية السلام ، وعندما كانت لجنة المتابعة العليا تصدر البيانات والإعلانات صارت تعنونها بـ " القوى الوطنية والإسلامية " دليلا على مشاركة كافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إضافة إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي اللتان لم تدخلا بعد في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي لكل الشعب الفلسطيني .
منظمة التحرير الفلسطينية التي عرفت منذ وقت طويل بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني حيثما تواجد ظلت تنقسم تقليديا إلى طرفين متنافسين يمين ويسار حيث يضم اليمين حركة فتح المؤسسة لمنظمة التحرير واليسار الذي يضم الجبهات الشعبية والديمقراطية والنضال والعربية والفلسطينية والقيادة العامة والصاعقة وحزب الشعب الذي كان اسمه الحزب الشيوعي الفلسطيني وحركة فدا التي انقسمت عن الجبهة الديمقراطية . هذه المنظمات الرئيسية التي ظلت تقود النضال والعمل الوطني الفلسطيني تحت سقف منظمة التحرير الفلسطينية وممثلة في كل مؤسساتها حتى توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير وإسرائيل سواء عارض البعض أم قبل لاحقا حيث عودة غالبية قياداتها وكوادرها من الخارج إلى غزة والضفة الغربية ، حيث بدأت فتح ممثلة في السلطة الفلسطينية بتنظيم وبناء مؤسسات السلطة الفلسطينية حسب اتفاق أوسلو على أمل أن تصبح هذه المؤسسات هي مؤسسات دولة فلسطينية .. لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ! عندما جرت أول انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني عام 1996 لم يشارك من هذه التنظيمات حركة فتح إلا حزب الشعب ومنظمة فدا ولم يحالفهما الحظ بالفوز بأي من مقاعد المجلس التشريعي الذي انفردت حركة فتح بكافة مقاعده ، في حينها رفضت حركتي حماس والجهاد وكذلك الجبهتان الشعبية والديمقراطية المشاركة في الانتخابات حيث اعتبرت حركة حماس الانتخابات محرمة شرعيا وإن ظلت هذه الفتوى غير معلنة .. أما حركة الجهاد لم يوجد في برنامجها سوى تحرير الأرض أولا ..
حركة حماس التي تأسست في الانتفاضة الشعبية الأولى عام 1988 وتبنت الكفاح المسلح أسلوبا قويا لتحقيق أهدافها ( أي بدأت تجربة العمل المسلح الذي بدأته حركة فتح وفصائل منظمة التحرير منذ عام 1965.. مما كان له أثرا كبيرا في الانتفاضة الشعبية ـ ولا نريد مناقشته هنا ـ سواء كان سلبيا أم إيجابيا ) الانتفاضة الأولى التي أدت إلى مؤتمر مدريد ومن ثم اتفاق أوسلو والذي ظلت ترفضه حماس وعملت على إفشاله حتى بعد تطبيقه على الأرض وساعدها في ذلك موقف إسرائيل الذي كان ومازال يرفض التنازل عن الأرض ودفع الاستحقاقات التي تم التوصل إليها في اتفاق أوسلو الذي بني على أساس تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وعلى رأسها قرار 242 و 338 الشهيرين الذين ينصا على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلت عام 1967 وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين ومنح الفلسطينيين حق تقرير المصير بإقامة دولة فلسطينية .. إعاقة إسرائيل لتنفيذ الاتفاقات وظهور الفساد المالي والإداري الذي استشرى في مؤسسات السلطة الفلسطينية التي همشت دور منظمة التحرير الفلسطينية ( مرجعيتها العليا ) زاد من جماهيرية حماس وقوتها في الضفة الغربية وغزة خاصة مع بدء انتفاضة الأقصى وحصار أبو عمار في رام الله الذي أدى إلى استشهاده وانتخاب محمود عباس رئيسا شرعيا للشعب الفلسطيني ورئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية .. وبدأ السيد أبو مازن سياسة جديدة وسعى إلى انتخابات تشريعية ، فدخلت حماس المعركة الانتخابية بعد أن تأكدت من قوتها الجماهيرية ، وفوزها أو نجاحها على حساب حركة فتح ، فأصبحت الانتخابات لدى حماس قريبة من مبدأ الشورى في الإسلام كما أعلنت عن ذلك بوضوح ، ودخلت المعركة الانتخابية كذلك باقي تنظيمات ما يسمى اليسار الفلسطيني ، ورفضت حركة الجهاد الإسلامي المشاركة في الانتخابات ..
حركة فتح ظلت تتخبط في صراعاتها الداخلية التي كان الفساد والاستحواذ على المواقع والوظائف هو المنطلق والعنوان الأساسي في برنامجها الانتخابي وإن كان ذلك غير معلن للجماهير ، لكنه كان واضحا من خلال تأخير برنامجها الانتخابي ، كذلك ظلت الحركة منقسمة حتى آخر لحظة بتقديم قائمتين انتخابيتين لولا تدخل الرئيس أبو مازن في الساعة الأخيرة بتوحيد القائمتين في قائمة واحدة ، في الوقت الذي قطعت فيه حماس شوطا كبيرا في برنامجها الانتخابي المنظم وعمل كافة عناصرها فيه ... أما اليسار الفلسطيني المتشظي أساسا لارتباطه بحركة فتح ردحا طويلا من الزمن ، وفقدانه حليفا قويا هو الاتحاد السوفيتي الذي كان يدعم ليس اليسار الفلسطيني فقط ، بل كل اليسار العالمي وحركات التحرر الوطنية أينما كانت .. ومنذ زمن كبير كانت هناك محاولات عدة لتوحيد اليسار الفلسطيني حتى قبل الانتخابات إلا أنها ظلت تراوح مكانها .. سوى نجاح الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب وفدا بالتوحد في قائمة واحدة للانتخابات هي قائمة ( البديل ) التي حصلت على مقعدين في المجلس التشريعي من أصل مائة واثنين وثلاثين مقعدا ، أما الجبهة الشعبية انفردت لوحدها وحصلت هي الأخرى على ثلاثة مقاعد ، يضاف لهؤلاء مقعدين للمبادرة الفلسطينية التي لم يعرف إن كان توجهها يساري أم يميني خاصة أن المقعدين واحد للدكتور مصفى البرغوثي الذي خرج من رحم حزب الشعب والآخر للسيدة راوية الشوا ابنة المرحوم رشاد الشوا الذي تزعم البرجوازية الغزية فترة طويلة من الزمن ..! كذلك أيضا الطريق الثالث حصل على مقعدين واحد للدكتور سلامة فياض رئيس الوزراء الحالي وآخر للدكتورة حنان عشراوي التي عرفت بتوجهها اليساري منذ زمن طويل ..؟
بعد فوز حركة حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي حدث اضطراب كبير في ألوان النظام السياسي الفلسطيني إذ بأي لون يمكن أن نصبغ به حركة فتح خاصة أنها ظلت طيلة الوقت تحتضن وتحمي اليمين الفلسطيني وفاز بذلك من هو أقوى منها ؟؟ حاولت حركة فتح أن تقاسم حركة حماس هذه القوة وهذه الزعامة بالاتفاق الذي أبرم في ( مكة ) إلا أن هذا التقاسم لم يدم طويلا ، وبقي اليسار الفلسطيني متفرجا ، أو قبل بدور خجول لن يكون فاعلا في حفظ التوازن المطلوب ، إذن لا فتح أصبحت تقاسم حماس دورها ولا هي انضمت إلى اليسار حليفه القديم في منظمة التحرير الفلسطينية .. هنا يظهر الخلل واضحا وجليا في دور حركة فتح ؛ مما كشف بوضوح ضعفها وتشظيها أمام قوة حماس المنظمة والمتماسكة مما دفع بالأخيرة القيام بانقلابها العسكري على مؤسسات السلطة الفلسطينية التي كانت تسيطر عليها حركة فتح .. هذا ليس معناه أن يبقى اليسار الفلسطيني متشرذما ومتفرجا على ما يجري .. لأنه سيكون مصيره الهلاك في مرحلة لاحقة إذا ما بقي صامتا ، وكما اهتزت قوة فتح وتقهقرت سيكون من السهل القضاء على قوة اليسار الضعيفة أصلا .. إذن لا يوجد خيارات أخرى للعمل ، سوى توحيد الصفوف ؟ وهل هناك أجدر من قوى اليسار المتناثرة من أن توحد صفوفها خاصة أنها تملك رؤية واحدة وبرنامجا متقاربا ، ولديها تجربة في هذا المجال ..؟ وعلى هذه القوى أن تبدأ من القاعدة وليس من القمة كما حدث في تجربة ( قائمة البديل ) لانتخابات التشريعي السابقة ، وتسعى هذه القوى لبناء برنامجا مشتركا يأخذ بالحسبان هموم المواطن الفلسطيني في ظل الواقع الحالي والمستجدات على الساحة السياسية بحيث تشكل قاعدة قوية ونموذجا جديدا للمبادرة والأخذ بزمام الأمور بدلا من التقهقر والتشرذم ، أو التذيل لجهات دفعت ثمنا باهظا لسياستها الفئوية .. أننا على ثقة بأن قوى اليسار لديها سلاحا قويا وهو التحامها بهموم المواطن والوطن سيدفعها إلى الصدارة في ظل المرحلة الراهنة إذا ما تخلصت من عُقَد الماضي الفلسطيني ..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجلس الحربي الإسرائيلي يوافق على الاستمرار نحو عملية رفح


.. هل سيقبل نتنياهو وقف إطلاق النار




.. مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار عملية رفح بهدف


.. حماس توافق على الاتفاق.. المقترح يتضمن وقفا لإطلاق النار خلا




.. خليل الحية: الوسطاء قالوا إن الرئيس الأمريكي يلتزم التزاما و