الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها -

هفال زاخويي

2008 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


عبر تاريخ هذا العراق دخل اليه الكثير من الملوك واعتلى عرش الحكم فيه الكثير ، وإذ استخدم لفظة الملوك انما أقصد بها كل من حكم هذا البلد بغض النظر عن صيغة وشكل الحكم (خلافة كانت أم ملكية أم جمهورية ) ، وكل من اعتلى العرش في بلدنا جعل اذلال الانسان واحتقاره وسلب كل حقوقه منجزه التاريخي الأول خلافاً لنظرية الحكم في كل بقاع الأرض ، وتوهم ورأى نفسه بأنه الإله المطلق الواجب الطاعة والمطلق الظلم ويجب ان تذل له الرقاب ، وتلك قرون قد انقضت ولحد الآن وفايروس الألوهية ينخر في عقول الحاكمين لهذا البلد ، لم نر ولم نسمع عن من حكم هذا البلد وصان فيه كرامة الإنسان وأدرك بأنه جاء ليخدم لا لأن يكن مخدوماً ويتحول البشر في ظل حكمه الى عبيد من نوع رخيص ، وهذه آفة اجتماعية قبل ان تكون سياسية ، فغريزة السلطة وحب المال والاستعلاء في الأرض كانت صفة ولا زالت ملازمة لكل من حكم العراق ( مارسها الأمويون والعباسيون والعثمانيون والملوك ورؤساء الجمهورية من العسكر والمؤدلجين قومياً ودينياً) ، ولو لم يكن الأمر كما نطرح فليدلنا أحد على حاكم حكم العراق وعيناه تذرفان دمعاً على الرعية ، او حاكم حكم العراق وقد ترك بيننا في احد متاحفنا ذكراً او اثراً طيباً ، فمتاحفنا التي تحتفظ بتراث الحكام لا تتعدى السيوف القاطعة للرقاب وآلات القتل او مقتنياتهم التي تدل على حالة الترف التي كانوا يعيشونها وبالمقابل نرى أرض العراق متحفاً كبيراً لرؤوس مقطوعة وهياكل عظمية تظهر آثار السيوف والخناجر والرصاص على كل أجزائها وهي اجساد الضحايا بالطبع.

نعم هكذا حكموا العراق وصولاً الى حكم الطاغية صدام والذي عاث في الأرض فساداً واوغل في القتل والخراب ولا زالت آثاره لاتتعدى (قصور الشعب الجائع) ونصب هنا واخر هناك يمجد الحرب والدمار والقتل وقهر البشر بالإضافة الى تراثه الفني الذي سخر له الفنانين والأدباء والتي لم تزدنا الا بلاء واشبعتنا ثقافة حرب وتدمير( احنا مشينا للحرب،الله اكبر للنصر خطواتنا، منصورين بعزتنا، على الساتر هلهل شاجور...الخ من هذه الثقافة المقيتة المنحطة).

ازيح الطاغية وأثبتت الأحداث ان بيته كان اوهن من بيت العنكبوت كما بيوت كل الذين سبقوه ... فماذا عن العهد الجديد...؟!

الفساد سمة العهد الجديد في العراق وعلى كل المسارات ... الفساد المالي والإداري ، انهيار الشباب وانجرافهم نحو الجريمة بسبب العوز والحرمان الحالي وتراكمات ثقافة سلطة البعث وسياساته ، انهيار العملية التربوية وشيوع ثقافة جيش حملة شهادات الدكتوراه ، نزوح الملايين خارج الحدود لتغدو اثر ذلك العراقية بضاعة رخيصة بأيدي الذئاب البشرية في الدول المحيطة بنا والشقيقة جداً لنا في القومية والدين ...! الفساد ينخر في جسد البلد من اقصى جنوبه الى اقصى كردستانه فمن يتحمل مسؤولية الفساد ، اليس الحاكمون ، اليس اؤلياء الأمور ، الصراعات التي نشهدها بين المتصارعين على السلطة والمال احد اهم اسباب الفساد ، والكارثة لاتكمن في ذات الصراع بل تكمن في الخطاب السياسي لأطراف الصراع فكل يتباكى على العراق وشعب العراق وكل يدعي الذوبان في حب العراق في وقت الكل ينهش من جسد العراق ويحاول الحصول على أكبر لقمة ، هل الصراعات الحالية على السلطة والاتهامات المتبادلة بين الأطراف الحاكمة والمعارضة وحالات تعليق العضوية في برلماننا الثري والانسحابات من حكومتنا البيروقراطية وحالات التراشق الكلامي والناري أيضاً كلها تصب في خدمة شعب العراق ...؟ من كان واثقاً من نفسه ليقل لنا نعم ان هذه الصراعات تخدم العراق ... سنكون سذجاً لو صدقنا بأن الديمقراطية هي حالة من الصراع المستديم والتنافر الواضح ، بل هي حالة من الصراع الحضاري والتقارب الإيجابي ... ليست هناك في العالم ديمقراطية على غرار ديمقراطيتنا العراقية التي تتجلى في حالة التصفيات والاغتيالات والاستحواذ على الثروات .

نعم صدق الباريء جل شأنه حين يقول " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا اعزة اهلها أذلة وكذلك يفعلون" 34 من سورة النمل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث إسرائيلي عن استمرار علمية رفح لمدة شهرين.. ما دلالات هذ


.. مجلس الأمن الدولي يعرب عن قلقه إزاء التقارير بشأن اكتشاف مقا




.. سلسلة غارات عنيفة تستهدف عدة منازل في شمال غزة


.. الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في رفح




.. الجيش الإسرائيلي يطالب بإخلاء مناطق جديدة في رفح وشمال غزة