الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب لا يتحدث عن العراق لكنه ضروري جداً للعراقيين !!

كريم عبد

2003 / 12 / 14
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


الكتاب : نظام الحكم المحلي في بريطانيا.
المؤلف : فهمي محمود شكري.
إصدار : دار الحكمة - لندن .

قبل احتلال الكويت وما ترتب على تحريرها من هزيمة عسكرية وانحسار سياسي لنظام بغداد، لم يكن النشاط الثقافي - ولا نقصد الأدبي - العراقي في الخارج ملحوظاً، فعدا أدبيات بعض أحزاب المعارضة، كان من النادر أن نقرأ دراسات جادة تتناول أزمة الدولة العراقية وانعكاسها على طبيعة الأنظمة الاستبدادية التي تناوبت على حكم العراق، لم نقرأ تعليلات علمية لظاهرة غياب الثقافة الديمقراطية ناهيك عن نظام ديمقراطي !! وسبب ذلك يعود إلى هيمنة السلطة وأجهزتها على وسائل الإعلام ودور النشر في البلدان العربية ذات العلاقة بالموضوع، ومن جهة أخرى شيوع حالة الإحباط والشعور باللاجدوى من إمكانية حدوث تغييرات جدية في الوضع العراقي عموماً.
لكن بعد احتلال الكويت انقلبت الأمور رأساً على عقب، إذ شهدنا زخماً كبيراً في الإصدارات حول الموضوع العراقي، لكتاب عراقيين ومن بلدان عربية عديدة، تناولت الأزمة من مختلف جوانبها، غير أن الطابع الغالب على هذا التناول وتلك الإصدارات كان ذا صفة إعلامية وتحريضية اكتفت بتعداد جرائم السلطة وتسليط الضوء على تفاصيل المحنة الإنسانية التي يعيشها العراقيون في الداخل بعد أن تحول بلدهم إلى سجن كبير . وبمرور الوقت أخذنا نقرأ بعض الدراسات الجادة التي تحاول الاقتراب من عمق الأزمة السياسية – الاجتماعية التي يمكن اعتبار السلطة القائمة تمظهراً لها، ثم بدأ البعض يقترب من طرح قضية المشروع الديمقراطي وضرورته للعراق دولة ومجتمعاً، حيث أصبحت المصطلحات والتعابير المتعلقة بالمجتمع المدني وحقوق الإنسان ودولة القانون الدستورية تحتل موقعاً واسعاً في إصدارات وأدبيات المعارضة.
لقد أصبحنا أمام حصيلة ثقافية أهم ما فيها إنها فتحت الباب واسعاً أمام مزيد من النقاش حول أهمية المواضيع أنفة الذكر.
 والكتب والأدبيات المقصودة هنا هي تلك التي تناولت الأزمة العراقي بمفرداتها وتسمياتـها المباشرة، أما كتاب الأستاذ فهمي محمود شكري ( نظام الحكم المحلي في بريطانيا ) الذي نتناوله في هذا العرض، فهو وكما نلاحظ من عنوانه ومحتواه، يبدو وكأن لا علاقة له بالموضوع العراقي، حيث لم يرد ذكر العراق أو الأزمة العراقية في أي صفحة من صفحاته، لكن ورغم ذلك فهو يلمس موضوع مستقبل العراق في الصميم، لذلك يمكن اعتباره ضرورياً للقارىء العراقي أكثر من غالبية الكتب التي تناولت الشأن العراقي مباشرة، وخاصة تلك التي تناولت الموضوع بسطحية واستعجال، أو ظلت أسيرة للماضي وإشكالياته الكثيرة، دون أن تنتبه لقضية المستقبل وكيفية صناعته  !!
هذا الكتاب الذي يتحدث عن خلفيات ونظم وتفاصيل الحكم المحلي في بريطانيا، باعتبارها أساس التطور الحضاري في هذا البلد ذي المكانة السياسية والاقتصادية والثقافية الكبيرة، يكاد يذكرنا في كل صفحة من صفحات بالأزمة العراقية والأجواء المظلمة التي يعيشها شعبنا منذ بداية القرن العشرين في ظل دولة مركزية ذات صفة بوليسية – عسكرية هيمنت على المجتمع وخنقت إمكانيات التطور الروحي والحضاري في بلادنا، بينما اقترن التطور في بريطانيا وغيرها من البلدان الديمقراطية في نمط الحكم المحلي والنظام اللا مركزي الذي يمنح المجتمع والمواطن المزيد من الحرية والحقوق المدنية والسياسية التي يأتي في مقدمتها تعيين الحكام والمسؤولين من قبل المواطن نفسه وعبر صناديق الاقتراع، حيث يصبح القانون – وليس السيد الرئيس القائد – هو الحاكم الفعلي للجميع.
المعرفة بالمقارنة
أن قراءة كتاب فهمي محمود شكري تؤكد لنا عبر التفاصيل الكثيرة، بأنه لا يمكن تصور التطورات الحضارية في الغرب بعيداً عن الحكم الديمقراطي والنظم اللامركزية وثقافة حقوق الإنسان، لكي نتأكد بأن سبب التخلف والمآسي الشائعة في بلداننا، هو حكم الاستبداد وهيمنة الدولة المركزية على حياة الناس وتدخل أجهزتها التعسفي المستمر في مؤسسات ومجالات عمل المجتمع المدني. هذا ما يستطيع القارىء العراقي أكثر من سواه، فهمه من خلال المقارنة، وتكون هذه المقارنة أكثر وضوحاً بالنسبة للعراقيين الذين يعيشون في بلاد الغرب. وهذا ما يجعلنا نتساءل أو ندعو الكتاب والباحثين العراقيين الذين يعيشون في الدول الاسكندنافية التي تمتلك أرقى الأنظمة الديمقراطية أو في سويسرا الفيدرالية أو في الولايات المتحدة ذات النظام الفيدرالي أيضاً، أو فرنسا أو الدول الديمقراطية الأخرى، لتقديم دراسات وبحوث حول تلك النظم السياسية والاجتماعية، وذلك لإعطاء مزيد من الفرص المعرفية للسياسيين والمهتمين العراقيين في رسم أفضل السبل لتأسيس وترسيخ النظام الديمقراطي في عراق المستقبل الذي يعني حتماً إعادة هيكلة الدولة العراقية. حيث سيساعد ذلك في تجنيبنا منزلق ممكن الحدوث، ونقصد به احتمال تحول العراق إلى حقل تجارب لمعلومات ومعرفة ناقصة فيما يخص الثقافة والنظام الديمقراطيين لأن هذه القضية أكبر بكثير مما يتصوره البعض، ناهيك عن احتمال المتاجرة بالشعارات الديمقراطية وتقديم نظام ديمقراطي مشوه كما حدث عند تأسيس الدولة العراقية، إذ كانت ديمقراطية نوري السعيد سبباً للتخلف والاستبداد، حيث في ذلك العهد بالذات بدأ التأسيس لكل ما هو مشين في تاريخ العراق الحديث بدءاً من إعطاء الأولوية للجيش والشرطة على حساب التنمية الصناعية والزراعية والنهضة التعليمية، وتكميم الأفواه وشراء الذمم واعتقال الوطنيين وأصحاب الحقوق وإسقاط جنسياتهم ونفيهم .. الخ، وكل ذلك لم يأت اعتباطاً بل من أجل تكريس تبعية العراق للاستعمار البريطاني.
لقد حدث هذا في بداية القرن العشرين وبسبب غياب الديمقراطية الحقيقية وتكريس الاستبداد وثقافة الانقلابات كانت المائة سنة الماضية من أسوأ العصور في تاريخ العراق. وجراء ذلك عدنا إلى نقطة الصفر، فها نحن نعيش تحت إدارة الاحتلال الأمريكي وبتفويض من مجلس الأمن الدولي، وتكون المفارقة إننا لولا هذا الاحتلال لما تخلصنا من عصر الانحطاط والظلام العفلقي !! ولكي لا نسمح بعودة سيناريو القرن العشرين نفسه علينا كعراقيين جميعاً أن نتحمل مسؤولية إعادة بناء الدولة على أساس الدستور الدائم والنظام الديمقراطي، من هنا تأتي أهمية أن تمتلك الحركة الوطنية العراقية مفاهيم واضحة ومحددة لهذا المشروع الحضاري، الذي سيضع العراق على طريق المستقبل العتيد.


الأساس الإداري
للنظام الديمقراطي

إن الحكم المحلي  الذي تدور حوله موضوعات كتاب فهمي محمود شكري ( نظام الحكم المحلي في بريطانيا )، هو الأساس الإداري للنظام الديمقراطي، الأساس الإداري الذي تتمحور حوله الحياة الاجتماعية والسياسية برمتها، فهو الذي يحقق عمالياً وبشكل مباشر مقولة حكم الشعب لنفسه بنفسه. وسنحاول في هذا العرض تقديم فقرات مهمة من الكتاب تدور حول خلفيات وأسس الحكم الإداري.
أعتمد شكري في مادة كتابه على العديد من المصادر البريطانية الرئيسة لإغناء الموضوع وإضاءة جوانبه المختلفة. وتحت عنوان ( المبررات والحاجة للحكم المحلي ) يقول الباحث : في الواقع العملي، هناك العديد من الفرص تدعو إلى إيجاد نظام الحكم المحلي، والاستفادة من تطبيقاته على المجتمعات سواء كانت متحضرة أم ريفية، ويمكن بيان المحاور الرئيسية التي يستند إليها هذا النظام والتي تبرز خصائصه التالية :
1- إن الحكم المحلي هو أفضل حكم موقعي ذاتي، أي حكم منطقة ذات مساحة محددة في كل ما يتعلق بشؤون سكانها ورعاية مرافق حياتهم .. فمجلس الحكم المحلي يتم انتخابه بواسطة أفراد المجتمع المحلي ، ويكون هذا المجلس مسؤولاً مسؤولية مباشرة عن أعماله أمام هذا المجتمع المحلي ...
2- إن الحاجات المتنوعة والمختلفة لأنواع الخدمات، كنوع المدارس ومستواها، وبُعد كل منها عن الأخرى، ونوع الحماية والأمن والشرطة ومراكز إطفاء الحرائق، وأنواع الأبنية الخاصة بالإسكان، وغير ذلك من المستلزمات التي تحتاج إليها المنطقة المحلية. كل ذلك لا يمكن الإحساس به وتقييم الحاجة إليه من حيث النوع والكم والكيف، أفضل من أبناء المنطقة نفسها، فليس من المعقول أن يحس بمثل هذه الاحتياجات بالشكل المطلوب وبأفضل منها، عندما تتولى الحكومة المركزية أو إداراتها العامة المتفرعة منها، تنفيذ هذه الاحتياجات المحلية.      
3- وفي نطاق الحكم المحلي تتوفر معطيات تدفع المسؤولين عن إدارة الحكم المحلي بممارسة سلطتهم بصورة قوية ومباشرة، ذلك كونهم يمثلون المجتمع الذي تم له انتخابهم للسهر على مصالحه ومن هنا تتوطد العلاقة بين المسؤولين على إدارة المنطقة وبين أفراد المنطقة أنفسهم.
4- يمارس الحكم المحلي سياسته بصورة مستمرة وبنوع من الاستقرار والتوازن، خاصة وأن المعارضة الحزبية في إطار هذه السياسة، لا تزال غير شديدة أو عميقة، كتلك التي تتم في إطار السياسة التي يمارسها البرلمان، إذ أن السلطات المحلية تهتم بالدرجة الأولى بإدارة القضايا، أكثر من اهتمامها بالاتجاهات السياسية ونظرياتها. ولذلك فإن أعضاء المجلس المحلي ولجانه المحلية ، يجدون أنفسهم منغمسين في إنجاز المهام التي تؤدي إلى إنتاج خدمات ومصالح فعالة للمجتمع المحلي، وهذا ما يدفعهم إلى العمل الجماعي في إطار المجلس ولجانه كسلطة موحدة ومتعاونة.
5- ومع أن توزيع السلطات بين الحكم المحلي وبين الحكومة المركزية، يؤدي في كثير من الحالات إلى نوع من التوتر، ومن حين لآخر، إلا أن ذلك يعتبر مدخلاً صحياً ويخدم المصلحة المحلية، ويحفز الحكومة المركزية لتوجيه اهتمامها إلى مطالب السلطات المحلية والنظر في مصالحها، كما يؤدي في الوقت نفسه إلى دفع السلطات المحلية لزيادة جهودها لخدمة مجتمعها وتحسين موقفها أمام الحكومة المركزية.
6- إن نظام الحكم المحلي هو نظام يدعم تحقيق فاعلية طرق الإدارة ورعاية الشؤون المحلية وذلك للأسباب المحلية :
 أ – إن السلطة المحلية تضم أعضاء جاءوا من المنطقة نفسها، وهم أدرى باحتياجات وأحوال المنطقة من غيرهم، إضافة إلى التزامهم بخدمة مناطقهم التي منحتهم ثقتها. 
ب – إن السلطة المحلية تعتبر سلطة متكاملة وتمثل كيانات ذات أغراض متعددة، لذلك تستطيع هذه السلطة تحقيق درجة عالية من التنسيق والتكامل في سياساتها الوظيفية ...
ج – تعتبر الإدارة العامة للدولة – الحكومة المركزية، بشكلها العام هي المستفيدة  من وجود نظام الحكم المحلي حيث تتحمل السلطات المحلية مسؤوليات جسام في إدارة مناطقها والتي هي أصلاً من مسؤوليات الإدارات المركزية العامة. ولا يبقى لهذه الإدارات المركزية إلا وظائف التوجيه والرقابة والإرشاد في غالب الأحيان.
7 – نتيجة لتمتع السلطات المحلية بقدر مناسب من الاستقلال، فهي تستطيع أن تندفع إلى العمل، وبإمكانها التفتيش عن الحلول المناسبة للمعضلات والمشاكل التي تنشأ في مناطقها وبذلك قد تتوصل إلى طرق مختلفة وأساليب ملائمة، قد تعينها على إدارة وظائفها وتسهل لها التواصل إلى حل مشاكلها المحلية وإنجاز الأعمال بفعالية ونجاح. وعن طريق ما تكتسبه بعض السلطات المحلية من تجارب وخِبر قد تستفيد منها سلطات محلية أخرى، وبهذا يتم نشر وتعميم طرق وأساليب العمل المفيدة بغية تحقيق إدارة محلية فعالة على المستوى العام في الدولة.
8 – يمكن للسلطات المحلية، أن تدعم وتشجع المواطنين على ممارسة الديمقراطية، وتنشر الثقافة السياسية بأوسع مفاهيمها ، وذلك من خلال تشجيع أعداد كبيرة من المواطنين للانغماس في إجراءات اتخاذ القرارات السياسية، ففي بريطانيا مثلاً يوجد في الوقت الحاضر حوالي 26000 عضواً في مجالس السلطات المحلية، الذين يتم انتخابهم ويشكلون المكونات الأساسية للسلطات المحلية في كافة أنحاء البلاد، ومن خلال هذه الأعداد الكبيرة، وتجارب البعض منهم وممارستهم السياسية على الصعيد المحلي، قد يصل البعض من هؤلاء إلى عضوية البرلمان، ما يتيح لهؤلاء الأعضاء المساعدة في تدعيم السياسة العامة، نتيجة لما اكتسبوه من خبرات وتجارب من خلال عملهم السياسي على المستوى المحلي.
9 – قد يُنظر إلى السلطات المحلية بمنظار يصورها وسيلة مناسبة يمكن أن تستخدم للدفاع ضد هيمنة الحكومة المركزية وسلطتها، في الحالات التي تستخدم فيها هذه الحكومة تعسفها في استخدام سلطاتها ضد المصالح المحلية. فيلاحظ مثلاً إنه منذ القرن التاسع عشر، عملت أنظمة الحكم المحلي المتتالية، على جعل السلطات المحلية تشكل قوة سياسية ضاغطة مقابل قوة الحكومة المركزية، وتحد من سيطرة هذه القوة المركزية في حالات متعددة، وفي الوقت الحاضر يلاحظ أن السلطات المحلية قد أخذت تؤثر تأثيراً واضحاً على الكثير من اتجاهات سياسة الحكومة المركزية، وخاصة باتخاذ القرارات المتعلقة بسياسة تأدية الخدمات العامة، وذلك من خلال الضغوط التي تمارسها اتحادات السلطات المحلية المختلفة، كالتأثير على اتجاهات الحكومة المركزية أو إلى تدعيم خدمات المواصلات أو الخدمات البريدية أو الصحية .. الخ .
10 – قد يؤدي الأخذ بنظام الحكم المحلي إلى تشجيع السلطات المحلية لكي تقتنع عند تبني مناهج أعمالها بالأخذ ببعض الأرضيات التقليدية المفيدة اتجاه بعض الأعمال، باعتبار إن هذه الأرضيات أصبحت جزءاً من التراث البريطاني في أسلوب الحياة، مما يؤدي بها إلى المحافظة على الطابع العام للتراث والحضارة البريطانية.
11 – يؤدي نظام الحكم المحلي إلى تدعيم الرأي القائل بأنه لا يوجد فرض للضرائب بدون وجود ممثلين عن دافعي هذه الضرائب، وما دامت السلطات المحلية هي نفسها تفرض ضرائبها المحلية، الضرائب العقارية، فإن ممثلي المجتمع المحلي دافعي الضرائب هم المتواجدون في هيكل السلطة التي فرضت هذه الضرائب وهم الذين يشرفون على كيفية إنفاق حصيلة هذه الضرائب.
12 – وأخيراً، يرى البعض من أنه، إذا حصل خطأ أو ضعف في القرارات السياسية التي تتخذها أية سلطة محلية، فإن ذلك يشكل أقل ضررا فيما إذا حصل هذا الخطأ أو الضعف في القرارات السياسية التي تصدرها الحكومة المركزية، نظراً لمحدودية امتداد نتائج مثل هذه القرارات بالمقارنة بالقرارات المركزية .
أعتمد الأستاذ فهمي محمود شكري في بحثه العلمي هذا على 53 مصدراً إنجليزياً، وكتابه القيم يمتد على 330 صفحة، محتشدة بالمعلومات والآراء والشروح والمخططات والإحصائيات والاستنتاجات، وهي بمجموعها تضع القارىء أمام واحدة من أهم الديمقراطيات وأعرقها في تاريخ الإنسانية، وهي الديمقراطية البريطانية التي دفع ثمن تأسيسها الشعب البريطاني وقواه المتحضرة وكادحيه ومثقفيه، لكي يؤمنوا لهم ولأجيالهم المتتالية حياة كريمة وآمنة ووطن يعتزون به ويفتخرون بالانتماء إليه.            
إن قراءة هذا الكتاب الضروري تساهم في تزويدنا بما نحتاج إليه لتأسيس نظام ديمقراطي عادل، ومثل هذه الكتب تتضاعف ضرورتها لعدة أسباب، منها : أن نحول دون أية محاولة لتزييف المشروع الديمقراطي الذي يفترض أن ينهض على أنقاض النظام الحالي.
ومنها أيضاً، أن الثقافة الديمقراطية الواضحة والمحددة تجعلنا أمام الطريق الصحيح للتطور الحضاري الذي يجب أن نعرف بأنه لن يأتي بسهولة، فالديمقراطية لا تحول حياة الناس بين ليلة وضحاها إلى فردوس بل هي نظام لتنظيم الصراعات الداخلية بشكل سلمي يعود فيه الخير على جميع الفئات والطبقات. والأهم في هذا النظام إنه يحول دون تدخل الجيش في السياسة، لتجنب حياة القلق والخراب التي كرسها عصر الانقلابات والانقلابات المضادة. وفي الديمقراطي لا توجد عداوات وأحقاد بين عناصر الأحزاب المختلفة لأن القوانين تحرم مثل هذه الممارسات غير السوية.
إن الديمقراطية لا تسمح لشخص أو حزب أن يتحكم بمصائر الناس ويوزع عليهم الموت أو المكرمات حسب مزاجه، فالأموال العامة تكون تحت الرقابة القانونية المباشرة، وأي مسؤول في أي موقع في الحكم لا يملك سوى صلاحيات محددة بحدود الوظيفة التي يشغلها سواء أكان رئيس جمهورية أو وزيراً أو مدير مدرسة ... ففي ظل النظام الديمقراطي لا يمكن أن تسمح القوانين والأعراف لبلطجية وأوباش مثل وطبان وصدام ومزبان وسمير الشيخلي أن يهيمنوا على حياة الناس في بلاد الرافدين بلاد الأنبياء والعلماء ورواد الحضارة الذين أغنوا تاريخ الإنسانية بكل ما هو خير ونافع للبشر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قمر الطائي من انطوائية وخجولة إلى واثقة بنفسها ??????


.. قصص مؤلمة في كل ركن.. شاهد ما رصدته CNN داخل مستشفى في قطر ي




.. بين طلبات -حماس- ورفض نتنياهو.. كيف يبدو مشهد مفاوضات وقف إط


.. ماذا يحدث على حدود مصر فى رفح..




.. اشتباكات في الفاشر تنذر بانطلاق المعركة الفاصلة بدارفور