الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من سبب يدعونا إلى مساندة السلطة الفلسطينية؟

ميشال فارشافسكي

2008 / 2 / 26
القضية الفلسطينية


آن أوان تسمية الوضع باسمه الحقيقي: سيطرة استعمارية جديدة بواسطة إدارة محلية وكيلة مكونة من عملاء.

يوم السبت 12 يناير 2008 ، هجمت قوة الشرطة الفلسطينية بعنف على متظاهرين كانوا يحتجون سلميا على قدوم الرئيس الأمريكي، جورج. و بوش إلى رام الله.

كان ضمن المتظاهرين ضحايا العنف العديد من أهم أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية. ليس في عدم استقبال المجتمع الفلسطيني للرئيس الأمريكي استقبالا حسنا أي مفاجأة، فمنذ سنوات وبوش يتصرف كعدو، داعما المبادرات الإسرائيلية الأشد عدوانية، ومعارضا صراحة تطبيق القانون الدولي المتعلق بلا شرعية الاحتلال والاستيطان الإسرائيليين. بوش يصنف فلسطين مع محور الشر ومن ثمة يتعين معاملتها بناء على ذلك.

ليس حادث القمع برام الله أول رد عنيف على المتظاهرين السلميين المحتجين على سياسة قيادتهم، لكنه يمثل انعطافا في الموقف السياسي للسلطة الفلسطينية.

منذ اتفاقات اوسلو، جمعت السلطة الفلسطينية، بقيادة ياسر عرفات، بين مواصلة معركة التحرر الوطني وسياسة مساومات مع الاحتلال الإسرائيلي. وغالبا ما أثارت تلك المساومات معارضة شعبية، لكنها لم تُعتبر قط خيانة للمعركة الوطنية. لم تحظ دائما المبادرات الدبلوماسية لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية بمساندة بالإجماع، لكنها كانت ُتعتبر مندرجة في التطلع الوطني إلى الحرية والى دولة. وعلى غرار القيادة السياسية للسلطة الفلسطينية، كانت قوات الشرطة الفلسطينية مشكلة من محاربين قدامى من اجل التحرير كانوا يعتبرون مهمتهم استمرارا للمعركة من اجل تحرير الشعب الفلسطيني من الاحتلال الإسرائيلي.

الحكومة والإدارة الفلسطينيتين هما اليوم أدوات أمريكية-إسرائيلية

تمثل وفاة ياسر عرفات المشبوهة، واستبداله بمحمود عباس (أبو مازن) نهاية فصل من تاريخ حركة التحرر الوطني الفلسطيني، واستقلالا للسلطة الفلسطينية عن منظمة التحرير الفلسطينية. منذ تنحية حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية والعزل القسري للضفة الغربية عن قطاع غزة – وكلا المسعيين بتشجيعات أمريكية- لم تعد السلطة الفلسطينية تعبيرا عن منظمة التحرير الفلسطينية ولا عن خيار ديمقراطي للشعب الفلسطيني. ومهما بدا الأمر قاسيا، تمثل الحكومة والإدارة الفلسطينيتين اليوم أدوات أمريكية- إسرائيلية، لا شرعية فلسطينية لها مطلقا- ما عدا محمود عباس بصفته رئيسا منتخبا- وهو حدث لن يتكرر. يطال هذا التحول النوعي كل مستويات السلطة الفلسطينية: جرى فرض الوزير الأول، سلام فياض، من قبل الإدارة الأمريكية، مباشرة من صندوق النقد الدولي. ولم يسبق أن كان عضوا بحركة فتح، وكان أول ما قام به تسريح آلاف مناضلي منظمة التحرير الفلسطينية من إدارة السلطة الفلسطينية، واستبدالهم بتكنوقراطيين لا ماضي لهم في الحركة الوطنية. وكانت أول مهامه، تحت قيادة الجنرال الأمريكي كايث دايتون، الذي بات حاكما أمريكيا لرام الله، " إعادة بناء" شرطة فلسطينية قوية، بعد إجبار الحرس القديم على الاستقالة.

جرى تكوين قوات الشرطة الجديدة هذه في مصر، ولا صلة لها بالمنظمات الوطنية لحرب الغوار القديمة، وتتشكل من مرتزقة لا ضمير لهم ولا تقاليد وطنية، مستعدون لتنفيذ أي أمر يصدر عن رؤسائهم. بث التلفزيون الإسرائيلي قبل أسابيع تحقيقا صحفيا حول قوات الشرطة الفلسطينية الجديدة. يظهر بالقسم الأول منه متدربون يتعلمون ... اللغة العبرية (" للتمكن من التواصل مع زملائهم الإسرائيليين" حسب أحدهم)، وبالقسم الثاني تظهر عناصر الشرطة تقوم بعملها، مهاجمةً بعنف عضوا مفترضا بحركة حماس، مسير مكتبة. وفي القسم الثالث نرى استنطاق" صاحب المكتبة الشيخ في تقليد مثير للرثاء لاستنطاق تقوم به مصالح الأمن الإسرائيلية. لا غرابة، مع هكذا برنامج، ان يكون الصحفي الإسرائيلي مجاملا للشرطة الفلسطينية المجددة. لقد آن أوان تسمية الوضع باسمه الحقيقي: احتلال استعماري جديد بواسطة إدارة محلية وكيلة مكونة من عملاء، تتلقى الأوامر والسلاح من واشنطن وتل أبيب. لما وصف الفقيد ادوارد سعيد ياسر عرفات بكونه "بيتان"[*] والسلطة الفلسطينية بـ"العملاء"، كان لي معه نقاش، واعتقد أنني أقنعته بان تلك التوصيفات لم تكن في محلها. وقد كان رفض عرفات الخضوع لإملاءات باراك بكامب دايفيد، وسجنه في المقاطعة، إثباتا لكونه ليس " بيتان". ومع الأسف، ما كان غير صحيح بالنسبة لعرفات بات اليوم صحيحا بالنسبة للقيادة الفلسطينية الجديدة، التي أصبحت أداة بخدمة الاحتلال/ الاستيطان الإسرائيليين، ولم يبق لها أي حساب تقدمه للشعب الفلسطيني ولمنظماته الوطنية.

تغيير الإستراتيجية

اننا بالفعل إزاء انعطاف كبير، ويجب ان يكون انشغالا كبيرا للمجتمع المدني الفلسطيني وللحركات الوطنية. لم تعد استراتيجيات الأمس صالحة: الوضع السياسي يشبه أقل فأقل وضع " الجزائر"، ويشبه أكثر فأكثر وضع "جنوب أفريقيا"، وسيكون التحدي الرئيس في السنوات المقبلة تكييف الأهداف السياسية والأجندة مع هذا الواقع.

المصدر : موقع www .Lcr-lagauche.be

تعريب جريدة المناضل-ة










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. ماذا حمل المقترح المصري؟ | #مراس


.. جنود أميركيون وسفينة بريطانية لبناء رصيف المساعدات في غزة




.. زيلينسكي يجدد دعوته للغرب لتزويد كييف بأنظمة دفاع جوي | #مرا


.. إسرائيليون غاضبون يغلقون بالنيران الطريق الرئيسي السريع في ت




.. المظاهرات المنددة بحرب غزة تمتد لأكثر من 40 جامعة أميركية |