الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء العقلية العراقية الجديدة

حسين علي الحمداني

2008 / 2 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بات من الضروري جدا في المرحلة التي يمر بها العراق بعد خمسة أعوام من زوال النظام الدكتاتوري الذي جثم على مقدرات العراق أربعة عقود نقول بات من الضروري إعادة بناء العقل العراقي الجديد والخروج به من فرقعة الشعارات وبياعي الكلام والتحول إلى الواقعية في التفكير والعمل خاصة بعد انجاز مرحلتين مهمتين هما كتابة الدستور والتصويت عليه وعملية انتخاب حكومة عراقية لفترة أمدها أربعة أعوام وإن هذه التجربة بحد ذاتها تعد إنجاز كبير ليس للعراق وحده بل لعموم منطقة الشرق الأوسط الخالية من النظم الديمقراطية الا إذا ما استثنينا لبنان .
والكثير من أبناء الشعب العراقي وجدوا انفسهم إمام فرصة تاريخية لإثبات وجودهم ولأول مرة في تاريخنا نعرف إن الانتخابات معناها توقيع عقد اجتماعي بين الشعب وبين من ينتخبهم بعد أن بقينا سنين طويلة لا نعرف سوى المبايعة شئنا أم أبينا.
من هنا نجد من الضروري جدا بناء العقلية العراقية الجديدة المؤمنة بالديمقراطية وصناديق الاقتراع والرأي والرأي الآخر ومؤمنة بوجود حكومة ومعارضة معاً وأن اختلاف الرأي حالة صحية في مجتمع ينتهج الديمقراطية خاصة وان الخطاب السائد الآن سواء داخل الحكومة أو البرلمان هو خطاب لأول مرة يخرج من إطار الطائفية والمحاصصه ليتأطر بإطار الوطن ومصلحة الشعب. وهذا التحول الايجابي في عقلية الساسة العراقيين يجب أن يكون كذلك في عقلية المواطن العراقي من شمال الوطن حتى جنوبه وهذا ما يعزز من فرص بناء دولة حديثة وفق أسس وثوابت عصرية.
والمتابع الجيد لأوضاع العراق خاصة في بداية عام 2008 يجد ثمة استقرار أمني ملحوظ انعكس ايجابيا حتى على مواقف الكثير من الكتل السياسية داخل البرلمان التي كانت بالأمس القريب تلعب دور العصا في عجلة المسيرة الديمقراطية في العراق , والانعكاس الثاني الكبير هو بروز تيارات سياسية جديدة في مناطق كثيرة من العراق قادرة على إملاء أي فراغ سياسي قد ينجم في أية لحظة بسبب تعليق عضوية أية كتلة داخل البرلمان أو الحكومة.
الشيء الآخر الذي برز هو (( الدولة)) حيث شكلت عمليات فرض القانون التي حظيت بتأييد الشعب وجه الدولة العراقية ومؤسساتها الساعية لأمن الوطن والمواطن معا وهذا شيء لم يكن موجود قبل عام من يومنا هذا, من هنا يجب علينا الآن ان نعترف ان هنالك عقلية عراقية جديدة مؤمنة بان العجلة يجب ان تسير ولا تتوقف ويجب علينا جميعا استثمار هذه العقلية واستيعابها بالشكل السليم والصحيح ونكون لها حاضن يرعاها ويديم الصلة بها.
نعم قد يقول البعض ان العقلية العراقية الجديدة تحتاج الى سنوات قادمة لتنمو أفكارها بالشكل السليم والصحيح ولكن علينا ان لا نتركها تنمو بمفردها وتنهل من غيرنا لأننا لا نريدها ان تنمو كما نمت في عهد الطاغية المقبور و لا نريدها أن تظل مكتوفة الأيدي و لا تعرف كيف تتصرف لحظة سقوط الصنم في التاسع من ابريل 2003 وشاهد العالم كيف تصرف (جيل الثورة) في نهب المال العام تحت ذرائع شتى وتخيلوا معي لو إن أمريكا لم تسقط صدام وبقي – لا سامح الله_ لحاكمهم على إنهم غوغاء.
لكنه سقط كأوراق الخريف التي تتساقط وذهب الى مزبلة التأريخ وترك أفكاره في عقول الكثير من العراقيين الذين يتربصون بأخطاء للحكومة هنا وهناك يساعدهم البعض من ضعاف النفس الأمارة بالسوء ويعطلون الحياة لوقت ليس بطويل حتى يقول الناس – قبل أحسن-
قلنا ان الدولة موجودة الآن وحاضرة بقوة في أماكن وبأقل قوة في أماكن أخرى لكنها ليست معدومة إطلاقا وحكومة اقوي من ذي قبل ونعترف ثمة هفوات في هذا المجال أو ذاك تحت ذرائع شتى مشروعة منها وغير مشروعة وبالتالي واجبنا نحن ان نقول هذه أخطاء ولا نمشي بل نبحث عن الحلول والمعالجات الناجعة.
العقل العراقي عام 2008 لا يشخص الخلل فقط بل يعطي الحلول له. في العام الماضي كان فقط يشخص الخلل وهو شامت! لأنه كان يشعر انه بعيد عن الدولة والحكومة فما الذي تغير؟
هل اقتربت الحكومة منه أم هو الذي اقترب منها؟
بلا شك الحكومة هي التي اقتربت منه وتجولت معه في الشارع وسألته عن حاله وأحواله ومشكلاته وحلولها المقترحة وهذا الإجراء بحد ذاته هو رعاية للعقلية العراقية الجديدة التي تحاول الخروج بقوة من شرنقة الشعارات القوية والدخول إلى عالم جديد فيه من العمل أكثر من القول ومن الواقعية أكثر من الخيال ومن التفكير أكثر من الجمود.
العراقي الآن وبعد هذه السنوات من سقوط الطاغية بات أكثر حاجة للدولة والحكومة وهاتان بدورهما أكثر احتياجا للمواطن لسبب بسيط جدا انه هو الذي سيوقع العقد الاجتماعي في خريف 2009 مع حكومته مهما كانت مكوناتها وأحزابها وكتلها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكاء رونالدو حديث المنصات العربية • فرانس 24 / FRANCE 24


.. التشكيلة المتوقعة للجمعية الوطنية الفرنسية بعد الجولة الثاني




.. كيف يمكن للديمقراطيين استبدال بايدن في حال قرر التنحي وما ال


.. حاكم ولاية مينيسوتا: نحن قلقون بسبب التهديد الذي ستشكله رئاس




.. أحزاب يشكلون الأغلبية في الحكومة والبرلمان الجزائري يطالبون