الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار هويدا صالح في مجلة الفسيفساء الثقافية التونسية / محمد الماجري

هويدا صالح

2008 / 2 / 25
الادب والفن


حاورها محمد الماجري / مجلة الفسيفساء التونسية الأسبوعية

السؤال الأول
الروائية والناقدة المصرية هويدا صالح
ثمة أسئلة نقدية جديدة ومتجددة داخل المناهج والمدارس النقدية وإذ ما ربطناها بمستويات التجريب الإبداعي نجدها أحيانا تجترح المدونة النقدية عبر تفعيل سواء البنيوية أو الشكلانية أو الوظائفية أو النفسانية ...، وفي ظل هذا المنطلق هل يمكن تأصيل خطابات نقدية تجنح والثبات الإبداعي؟
الإجابة
أعرف أن الاشتغال النقدى والنظرى على وجه التحديد يحرز اهتماماً بالغا فى المشهد الأدبى المغاربى عموما ، ولكننا فى مصر نقلل من هذا الشغف النظرى لصالح الإبداع ذاته ، فالخبرة الإبداعية والجمالية سابقة على النظرية ، والآن ثمة ظاهرة جديدة لدينا ، هى أن عدد المشتغلين بالنقد من غير الأكاديميين يتزايد ، وهم ـ عادة ـ يقدمون خطابا نقدياً مختلفاً وفارقاً . إن هذا التمسك بتلابيب النظرية النظرية لم يعد مبرراً الآن ، فيما تسعى النظرية ـ الآن ـ إلى تفكيك نفسها ، والذوبان فى فضاء أوسع هو النقد الثقافى ، نحن نعيش فى لحظة بعد حداثية ، تتماهى فيها المسافات الفاصلة بين المتناقضات التى مثل الذات والموضوع ، والنظرية والممارسة ومثل تلك المتناقضات التى خلقت فى فضاء الحداثة وحاكمية العقل العلمى ، ولدينا الآن عدد من النقاد المبدعين يمارسون اللعبتين دونما شعور بالاغتراب ، وبنفس الدرجة من التميز ، والطريف أنهم ينتجون نصوصاً تحمل جينات هذا التهجين الذى كان مستحيلاً فيما مضى ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، فرواية فوق الحياة قليلاً للناقد والمبدع سيد الوكيل ، تمارس نوعاً من السرد التحليلى ، ليس فقط للرواية نفسها ، ولكن لأعمال سابقة للمبدع نفسه ،إنها درجة قصوى من التماهى بين الذات والموضوع ، وهى مع ذلك قدمت نمطاً متميزاً من المتعة المعرفية والجمالية تكف يد الناقد المناهجى ، ولكن دعنى أخبرك أن هذا أمر صعب ، وعبء جديد يضاف على المبدع ، إذ يجب أن يكون على معرفة عميقة بالنظرية النقدية ، ثم عليه بعد ذلك أن يتجاوزها ويتمثلها جماليا وهذه هى المرحلة الأصعب ، لكن ذلك ليس مستحيلاً ، بعد أن سقطت أقنعة الكهانة العلمية بفضل انفتاح وسائط وتداول المعرفة ، وتوسيع دوائر البحث .
إن ممارسة على هذا النحو من شأنها أن تطيح بالثبات الإبداعى ، ولكن دعنى أذكرك ، إن تأصيلها ومحاولة بلورتها فى خطاب بعينه ، سيعيدنا للثبات مرة أخرى ، فما معنى أن تستبدل قيد من حديد بآخر من حرير !! نسعى لعناق طويل بين النقد والإبداع.
السوال الثاني
إرتحال المواثيق النصية المشرقية الإبداعية حققت نوعا من التآلف في الحقل الإبداعي المغاربي فهل لايزال هذا التقاطع يسكن هواجس الكتابة؟
الإجابة
لا أعرف لا أميل كثيرا لمن يفصل بين المدونة المغاربية والمدونة المشرقية سواء في النقد أو الإبداع ، المبدع العربي أعتقد ليست لديه هذه الحدود الفاصلة والصارمة بين ما هو مغاربي وبين ما هو مشرقي ، لا يوجد تقاطع بل يمكن لنا أن نقول هناك روافد مشتركة تجمع الطرفين .
السؤال الثالث
داخل الأدب المقارن نجد رحلة في لهيب أسئلة النصوص فكما يذهب إلى ذلك باسل الخطيب في كتابه مدخل إلى الأدب المقارن نلحظ أن الحوض الإبداعي المغاربي إستثمر إنفتاحه الأدبي الأوروبي ولكن في المقابل وظف أحيانا تراثه مسائل إياه ، نذكر كتاب العلامة لسالم حميش ، فإنبثقت في مستوى المتون النصية مغايرة أجناسية ، فكيف ترين ذلك؟
أولاً يجب ألا تنسى أننى مصرية ، ولست مشارقية بالمعنى الدقيق ، مصر فى قلب العالم العربى ،لهذا فهى تضخ وتستقبل من المشرق والمغرب على قدر واحد ، ولكن دعنى أقول أننا أقرب إلى الثقافة المغاربية ولاسيما تونس ، نحن لانشعر أنها بعيدة عنا ، ليس فقط لأننا نتسم هواء بحر( متوسطى ) واحد ، ولكن لأن بيننا صلات رحم قديمة منذ أيام الدولة الفاطمية التى زرعت جذوراً ثقافية مازالت تنمووتتنفس فى كل بيت مصرى ، ألا ترى أننا مازلنا نتجاذب ابن عروس بيننا ، ونتغنى فى السيرة الهلالية بجمال نساء تونس !!
صحيح أن الثقافة المغاربية مارست انفتاحاً كبيراً على الثقافة الأوربية ، ولكن لاتظن أننا بعيدون عن ذلك ، ففى وقت كان المغاربة مازالوا تحت حكم البايات ، كانت مصر ترسل رفاعة الطهطاوى إلى فرنسا وهو مدد استمر حتى طه حسين ويحيى حقى ، أما الآن فإن فرنسا وأوروبا كلها أصبحت فى قلب العالم ، فبعد أن أصبح العالم قرية واحدة لم تعد مثل هذه المقارنات محل اعتبار كبير ، وإذا كانت الرواية جسد أوربى بالدرجة الأولى ، لكنها وجدت فى المغرب ومصر معا ، من يضخ فيها موروثاً عربيا وإسلاميا ، ونموذجنا فى هذا ليس جمال الغيطانى فقط ، بل لدينا العديد من الكتاب الذين وظفوا التراث الصوفى ، وهوتراث ممتد من مصر إلى المغرب وموريتانيا كما تعلم ، ومتشابه إلى حد مدهش .
وإذا كنت تتكلم عن الجرأة التى امتلكها المبدع المغاربى فى اختراق تابوهات الواقع ، ولاسيما فى الأدب النسوى ، فقبل أحلام مستغتنمى كان لدينا نوال السعداوى ، والآن سلوى النعيمى من سوريا فى (برهان العسل ) ، إن التمرد على قيود الواقع صفة ملازمة لكل إبداع حقيقى ، ولدينا العديد من الروايات الممنوعة من أجل هذا ، لكن وجود مبدعين متحررين فى أوربا من المغرب أو من مصر مثل نوال السعداوى أو من سوريا مثل سلوى النعيمى ، لايسجل انتصارا لثقافة بلادهم ، بقدر ما يسجل هزيمة للأنمة الحاكمة فيها . أعنى أن الفروق الآن لم تعد ثقافية بل سياسية ، فتعال نتحاجج بهذا المعيار.

السؤال الرابع
توظيف الأسطورة في عالم الكتابة العربي نلحظ أنها تستسقى من اليونان من المآسي والتراجيديا والملحمة قصد تحقيق ظاهرة التطهير الإجتماعي النصي ولكن بالمقابل بحكم التراكمات التاريخية الإسلامية نجد شهرزاد ترتحل من الثبات إلى الحيرة فتتقاطع مع ماهنتا وماهابهرتا فهل ثمة تقارب للإجتماع بينهم؟
الإجابة
بالطبع توظيف الميثيولوجيا القديمة وخطاب الأسطورة كان الأساس الذي انطلق منه الإبداع ، ولو أننا نظرنا إلي معظم الحضارات القديمة لوجدنا أنها تنبع ربما من روافد واحدة وإن اختلفت المصبات ، يقول الكاتب المغربي عبد السلام زيان في كتابه " الأوبانيشاد " الذي صدر مؤخرا في القاهرة أنه كان هناك اتصالات بين الفراعنة والصينيين وأهل بابل وآسيا ككل وشمال إفريقيا والمشرق منذ الأزمنة الغابرة. والعلاقة الدينية بين ما يسمى بالمشرق الإسلامي الحالي وآسيا قديمة جدا ، حيث نرى مثلا في العهد البابلي حوالي ( 1600 ق م ) آلهة تحمل أسماء هندوسية. والغريب في الأمر أن السلالة الحاكمة في ذلك العهد كانت شرقية . ورغم أن المنطقة لم تكن خاضعة لاحتلال خارجي، سواء من طرف العلاميين أو غيرهم، فإننا نجد ملكا من الملوك يحمل اسم آلهة هندوسية بلغة السانسكريت "مارات", ونجد كذلك أن سكان المنطقة عبدوا الإلهة "شورياش"- بلغة السانسكريت سوريا, وهي الإلهة "شمس" أو "شمش". في ذلك العهد كانت بلاد فارس جزءا من الهند في عدة فترات (نجد عند أهل بابل مثلا اسم الله هو باجاش وبالفارسية نجده تحت اسم باجا) ونجد كذلك عند الحيثيين في ذلك العهد كثيرا من الآلهة المستوردة من الهند."
السؤال الخامس
داخل تلابيب المباحث النقدية من المؤكد أنه توجد عوائق كثيرة فما هي؟
الإجابة
دائما هناك عوائق ودائما هناك رغبة فى تجاوزها ، وهذه الرغبة هى التعبير عن جدية البحث ، إذا فقدناها فهذا مؤشر خطر ، أظن أن الثقافة لعربية الآن فى مأزق ، بمعنى أن البحث العلمى والنقدى وصل فيها إلى قمة تراجعه ، وعادة ، فعندما تصل المجتمعات إلى هذه الحافة فإنها تشعر بالخطر وتبدأ العمل على تجاوزه . لهذا اتوقع انفتاحا ما فى اتجاهات البحث ، لكن البحث له مشاكله الداخلية ، فثمة مشكلات تتعلق بسطوة المصطلح وأخرى نتيجة للتداخل وتماهى الرؤية ، لكن أخطرها هو رغبة النظرية فى الاكتمال ، إن الادعاء بالاكتمال النظرى وهم وعائق كبير ، والسؤال هو كيف يمكن للنظرية تفهم الخصوصيات الثقافية ؟
السؤال السادس
كيف تقيمين المشهد الإبداعي العربي؟
الإجابة
المشهد الإبداعي العربي فيه تخبط كبير ، لا يمكن تقييمه في الفترة الراهنة اللهم إلا التجارب والمشاريع الإبداعية التي اكتملت ، أما هؤلاء الذين مازالوا يجربون ويتلمسون خطواتهم الإبداعية فالطريق مضبب ومظلم علي تقييم مشروعاتهم ، فربما تجد عملا إبداعيا نال شهرة تفوق الوصف ولو تعاملت مع هذا العمل فنيا لفجعت ووجدته لا يستحق كل هذه الضجة وهذا التطبيل ، تري ما هي المعايير التي ينال بها عمل شهرة وفرقعة إعلامية أو حكما بجائزة ؟ لا توجد معايير ، فكل عمل له ظروفه ، والمشهد الإبداعي يتحكم فيه الكثير من مدعي الإبداع ، ويصنعون زيفا وفرقعات وفقاقيع ، الزمن القادم سيفرز وينخل ويغربل كل هذا .
السؤال السابع
في مستوى مصر ثمة اختلافات كثيرة وشقوق إبداعية ونقدية كل على حدة فما هي الأسباب؟
الإجابة
بداية مصر بلد كبير ، ومتعدد فى روافده الثقافية ، وهو تعدد يصل إلى حد التناقض ، وحتى الستينيات من القرن العشرين ، لم يكن هذا مسموحا به، كان ثمة مظلة أيديولوجية كبرى ، والمختلفون عنها قلة مهمشة ، أما الآن فالمشهد مفتوح على آخره ، ومن حق كل تيار أن يعبر عن نفسه بصوت مسموع ، إن التعدد والاختلاف ظواهر صحية علينا ألا نضيق بها ، لكن المشكلة أن الثقافة العربية فى مجملها ، ولاسيما تحت أنظمة مستبدة ، لم تتفهم ثقافة الاختلاف ، فعندما نختلف ننفى بعضنا بعضا ، ومع ذلك أنا متفائلة ، الآن أشهد تغيرات فى المشهد ، تسلم وتؤمن بأن الاختلاف فريضة ثقافية يجب ألا تغيب لأن منها يخرج الجدل الدافع للإبداع والتجاوز .

السؤال الثامن
ما مفهوم الحداثة داخل طاقات خطابات اللغة العربية الإبداعية؟
إن الحداثة أفق للتفكير النظري وممارسة النقد ، و مشروع الحداثة العربية في الأدب أمر ضروري من أجل إبراز خصوصيتنا وهويتنا "اللتين لا تستطيعان الإفلات من منطلق العصر ، والحداثة يمكن اعتبارها حركة إبداع تساير الحياة في تغييرها الدائم ولا تكون وقفا على زمن دون آخر فحيثما يطرأ تغيير على الحياة التي نحياها فتتبدل نظرتنا إلى الأشياء . ورغم أن الحداثة العربية هي حداثة غربية في كل جوانبها إلا أنها دخلت لمجال التفكير العربي دون غرابة لأنها اتخذت صورة العصرية والاتجاه التجديدي في الأدب وارتباط مفهوم الحداثة في أذهان بعض المثقفين بحركة ما يسمي بالشعر الحر أو شعر التفعيلة . إذن تجربة الحداثة في الأدب العربي ارتبطت بحركة التجديد في الأدب ومن أهم دعاتها وروادها في الأدب العربي يوسف الخال وأدونيس الذي نادي في كتابه " الثابت والمتحول " بهدم البني التقليدية السائدة في الفكر العربي .
إذن الإبداع في الحداثة يهتمّ بالتعرّف على العالم وعلى تعقيداته وتحوّلاته، بمعنى أنّ رهانه هو إبراز كيفية تَغيُّر الواقع بتَغيُّر الزاوية التي يُنظر منها إليه .

السؤال التاسع
هل يوجد مأزق نصي في مستويات الكتابة العربية فالكتابة المشرقية لها خصوصياتها والمغاربية كذلك فأين التواصل هل هو تواصل كتابي أم إشكالي رهين القضايا العربية؟
لا أعتقد أن هناك مأزق تواصل بين الإبداع المغاربي والمشرقي ، فالقضايا العربية المشتركة تشكل قواسم مشتركة للمبدع ، إلا أن لكل بيئة خصوصيتها في طرح قضاياها وهمومها .
السؤال العاشر
ما هي عوائق الكتابة اليوم؟
عوائق الكتابة اليوم
عوائق الكتابة كثيرة منها سيطرة المصالح والشللية علي المشهد الإبداعي ، وغياب الخطاب النقدي ، وغياب المصداقية للمبدع ، وتهميش دور المثقف في المجتمع ، وصعوبة النشر ، وغياب دور المؤسسات في رعاية الإبداع .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسرحية -شو يا قشطة- تصور واقع مؤلم لظاهرة التحرش في لبنان |


.. تزوج الممثلة التونسية يسرا الجديدى.. أمير طعيمة ينشر صورًا




.. آسر ياسين يروج لشخصيته في فيلم ولاد رزق


.. -أنا كويسة وربنا معايا-.. المخرجة منال الصيفي عن وفاة أشرف م




.. حوار من المسافة صفر | المخرجة والكاتبة المسرحيّة لينا خوري |