الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاشتراكيه الان وفلسفة الوعي العمالي

ليث الجادر

2008 / 2 / 25
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ليس من المستغرب ابدا من ان يبدوا العمال وكأنهم يتراجعون في حركتهم الى الحد الذي يظهر فيه العجز استنادا الى مقياس يؤشر فيه جنوحهم الى التشتت وغياب التنظيم الذي يدلل على انحرافهم عن مسارهم الطبقي ..ذلك لانهم بالرغم من تمتعهم بقوة الاراده التغييريه فأنهم في ذات الوقت يفتقرون الى الوعي الثوري ,في حين تكاد تكون امكانياته المجرده حكرا عليهم ,لانهم وحدهم وبحكم دورهم تتجلى فيهم ظاهرة التنافر بين القيم والمثل الاجتماعيه وبين الممارسه العمليه ومردوداتها وشروطها ..انهم يعانون من ذلك الاحتكاك ويحسون بذلك التنافر الحتمي لكنهم يتاخرون بادراكه ومعرفة ماهيته الحقيقيه ..وهذا من البديهيات ..حيث الاحساس يسبق الادراك ..وبينما الاول (الاحساس) يتمييز عن الثاني بكونه يعكس صفات وجوانب منفرده من علاقات الاشياء فان الادراك يمثل صوره متكامله لها ..كذلك الحراك يعبر عن شكل معين للاحساس العمالي بينما الادراك يمثل الوعي الثوري في الحركه العماليه ,هذا من جانب ,ومن جانب آخر فكما ان الخبرات المتراكمه نتيجة الاحساس تنشىء الادراك , فأن الحراك العمالي المستمر يستدعي نمو الوعي ,وهذا بدوره وبسبب طبيعته التراكميه (الجدليه المعقده) يتخذ شكلا متطور من التغيير ليكون هرما تنظيميا لنشاط الحركه التي تتماهى فيه ويصبح اطارا شاملا لها ..ليكون الادراك الذي يؤشر الى القاسم المشترك للهموم العماليه ..انه الحزب أوالعصبه ..وهو بالتالي يمثل عنوان وماهية الطبقه العماليه ودليللا قاطعا ووحيدا على نضجها وحيويتها ,وباستثناء ذلك ,يبقى العمال يشكلون وبصوره فيزيائيه تراتبيه اجتماعيه في حال (صيروره) .. وهي صيرورة الوعي الطبقي ..واثناء ذلك يبقى كل نشاط وتحرك عمالي ,,كل محاوله جماعيه أوحتى مشروع فئوي ..خاضعه امواصفات (الصدفه) ,التي تعبر عن طابع سطحي أوحادي الجانب للقضيه العماليه ..فالنقابات العماليه التي تعنى بتنظيم النضال الاقتصادي المحدود تكف عن ان تكون عماليه من حيث الجوهر حالما تؤكد على الجانب الحقوقي القانوني ..وحدها قمة الهرم ..وحده الحزب العمالي هو من يمثل الضروره العماليه ..لانه يعني بان القضيه تحتوي في جوهرها على معضله تتمثل في ان العمال يطالبون ليس بالاجر العادل النقابي أو الحقوقي الاجتماعي ..انهم يطالبون بحقهم في قيمة عملهم دفعه واحده ,والذي لو نالوه فأن هذا يعني وببساطه ان تتحول المعامل والمصانع الى موؤسسات خيريه بعد ان يعلن اصحابها الرأسماليون التوبه واعتناق مذهب الزهد في الارباح ..وبالمقابل فأن تنازل العمال عن هذا المطلب لا يمثل قبولهم بدرجه انسانيه اقل ,بل يعني اقتناعهم ب(لاانسانيتهم) في احسن حال واستسلامهم للموت البطيء المرير في كل الاحوال ,,اننا امام معادلتين تحتوي احداهما نفيا للاخر وتقفان على الدوام وجها لوجه ..معادلة العمال التي تقول (العمل للجميع والانتاج للجميع ) ومعادلة مستأجريهم (العمل لكم والربح لنا) ..(العمل من اجل الانتاج )يقابلها (العمل من اجل الربح) ..وبينما تمثل الاولى رفضا للواقع بكل بؤسه ..تأتي الثانيه تعبيرا عنه ومبدأ يستند عليه ..ان اصحاب المعادله الاولى يمثلون ارادة التغيير بينما خصومهم يمثلون ارادة الثبوت والسكون ..ومعارفنا العلميه وتجاربنا العمليه كلها تدلل على ان التغيير حقيقه مطلقه وأن الثبوت نسبي ..انه فقط شرطا من شروط الحركه التي يكون جوهرها التغيير ..كما ان خبراتنا التاريخيه تساعدنا على فهم هذه الحقيقه وتسهل علينا الامر حينما تجعلنا نستشف منها وبوضوح كيف ان التغيير المتطور شكل مجتمعنا الانساني وتناقله من تشكيله الى اخرى ..من المشاعيه الى العبوديه والى الاقطاعيه ومنها الى الراسماليه ,ثم الى ماذا ؟ هذا ما يحق فقط الحزب العمالي لان يحيب عليه ..انه وحده المعني بذلك لان حركة التغيير وقرارها قد تمظهرت فيه ..فلم يعد مجرد اراده للحراك من اجل الحراك ..بل تحول الى اراده واعيه ,تعي ذاتها من خلال الموضوع وهي بذلك معنيه بالكل .. ..لها القدره في ان تتجلى في كل نشاط انساني اجتماعي ..بمعنى ان لها نظره وموقف في كل ما هو موضوعي ..ومن كل هذا صار بأمكاننا ان نستنتج منطقيا بان الحزب العمالي هوضروره لانه نتيجه نهائيه لجميع الظواهر والتجارب التي حكمت الحركه العماليه ..وهو كذلك (حتميا ) تبعا لمطلب العمال المستحيل التلبيه دون احداث تغيير في الجوهر الاجتماعي .. لياتي في النهايه كجواب على كيفية الصيروره ...اذن صار بأمكاننا الان وفي المنظور الفلسفي من ان نرد على الموقف النقدي الموجه لطرحنا (الاشتراكيه الان) ..ان اولئك النقديون وفي مقدمتهم الماركسيون اصحاب الاشتراكيه((بعدين)(لاحقا) ...ينطلقون بموقفهم هذا من نظره تقييميه سياسيه بحته لمجمل الحركه العماليه العالميه ثم يعودون ليعمموا ما هو شامل ..ما هو عام ..عى ما هو خاص ...انهم يقيسون بذلك ابعاد وقوة الحركه العماليه العراقيه ..وبالنتيجه يتوصلون انه ليس من الصواب ان يطرح اي شعار اشتراكي لانه من الصواب حتما ان لا وجود يذكر للنضال والنشاط العمالي الطبقي ...والى هنا يحق لهم من الاحتفاظ بلقبهم الماركسي .. لكنهم يكفون ان يكونوا كذلك حينما نكتشف انهم يخطئون في (المقدمه) ويخطئون في الاستنتاج ..خطئهم الاول يعني عدم التفاتهم الى التباين التطوري البنيوي الذي اصاب هيكلية الطبقه العامله العام وما يفضي ذلك الى ضرورة العنايه بمفاهيمها الخاصه ..ليس سعيا لتاكيدها بل سعيا لربطها بما هو عام ..فنحن لا ندعو الى نضال اشتراكي عمالي عراقي منعزل عن العماليه العالميه لكننا ايضا لا نرضى لانفسنا من ان نتعامل مع (ميني بروليتاريا )عراقيه كمثل تعاملنا مع بروليتارية الراسماليه العالميه ..اننا نرى ان من واجبنا ان ننمي امكانيات هذه الطبقه عن طريق تثوير علاقاتها وتفعيل وعيها الثوري ,هذا ما تعنيه فلسفة الاشتراكيه الان ... والخطأ الثاني الذي يرتكبه اؤلئك النقديون يتمثل في انهم يربطون موقفهم ويحددونه بشكل سياسي اتجاه الطبقه العامله من خلال نظره تقييميه سطحيه ..ويشخصون بذلك انصراف العمال عن نضالهم الطبقي بشكله القوي من خلال توجهم الى مجالات النشاط الاجتماعي المجرد او النضال الوطني ..وهنا يتجاهلون بالكامل دور الوعي الثوري الذي من المفترض ان يمثلونه من جانب ويؤكدون ضعف مهاراتهم الفكريه على قراءة الاشكال التي يتخذها الحراك العمالي في طور صيرورته من جانب اخر ..انهم فقط يبحثون عن ذريعه نظريه تبرئهم من مهمة النضال الصعب ..وحسنا يفعلون ذلك ..لانهم يعرفون مقدار انفسهم ولان العمال من الضار لهم ان يكون في مقدمة مسيرتهم (انصاف عماليين) او شراذم من (اشباه الاشتراكيين) لان هؤلاء مجرد صدفه تعبر عن نفوذ فكر البرجوازيه الصغيره في الطبقه العامله وهو اتجاه يحاول دائما من ان يحد من حركتها وان يجعلها اسيرة (الجهد الادنى) ..ولأنهم انصاف عماليون فأنهم يوجهون العمال الى التهام (نصف الرغيف ) ..لكن مضمون المطلب العمالي لا يمكن ان يتحقق الا بحيازة (الرغيف كله ) ..ووحدها الاشتراكيه الان تفضي الى ذلك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيوعيون الروس يحيون ذكرى ضحايا -انقلاب أكتوبر 1993-


.. نشرة إيجاز - حزب الله يطلق صواريخ باتجاه مدينة قيساريا حيث م




.. نشرة إيجاز - حزب الله يطلق صواريخ باتجاه مدينة قيساريا حيث م


.. يديعوت أحرونوت: تحقيق إسرائيلي في الصواريخ التي أطلقت باتجاه




.. موقع واللا الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت في قيساريا أثناء و