الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعر بطعم ورائحة خبز الفقراء المسكر الخارج حالا من الفرن

هشام الصباحى

2008 / 2 / 26
الادب والفن


قراءة في ديوان أوقات محجوزة للبرد

في طفولتي التي لا أعرف إن كانت سعيدة أو تعيسة لم أحدد بعد رأيا أو انطباعات في هذا الشأن ولكني الآن أدركت / أمسكت بسبب الديوان لحظة من أكثر اللحظات سعادة وتأكدي من استحالة تكرارها على الرغم من بساطتها المفرطة حيث كانت أمي ونساء الحي الفقير جدا الذي كنا نعيش فيه والذي يحتوى على فرن واحد.. فرن فلاحي بلدي مبني من التراب المعجون بالماء تقوم كل سيدة بخبز ما يكفى أسرتها شهر من الحياة بالتعاون مع باقي النساء وكنا كأطفال هذا الأمر لا يعنينا في شيء ، الذي يعنينا هو أرغفة الخبز التي تخبز لنا بالسمن والسكر وتوزع علينا في نهاية يوم الخبيز فكان هذا الرغيف الطازج الذي يخرج من الفرن إلى يدي تفوح منه رائحة البخار الجميل ورائحة السمن البلدي والسكر والطعم الرائع هذه الحالة/الإحساس هي تماما ما انتابني بعد الانتهاء من ديوان "أوقات محجوزة للبرد" للشاعرة الجزائرية نوّارة لحرش حيث الاحتفاء الأولي بالبرد والشتاء والجو الذي يصيبك بالوحدة والتوحد والهدوء والحوار مع الذات وتحسسها واكتشافها من جديد و كان الإهداء إلى الأهل متوافق مع الجو العام لعالم شتوي صافى محيط بنا خلقه الديوان لنا ، هذا العالم الذي يخلوا من الضجيج ولا تسمع به إلا موسيقى الطبيعة والهدوء والروح لذا كان التصدير الذي بدأ به الديوان كان لابد أن يكون له عنوان في روعة (معاطف معنوية) وهذه السمة الأولى للديوان حيث أن تقنية العناوين رائعة ومدهشة وطازجة تدفعك إلى القراءة عمدا للقصائد حيث نجحت الشاعرة في اختيار كل العناوين للقصائد وهذه مشكلة يعانى منها العديد من الشعراء الشبان حيث يجدون صعوبة في اختيار العناوين فيكون من الأسهل ترك القصائد بدون عناوين ، أيضا تتخذ الشاعرة من آلية السؤال طريقا للتعرف على العالم وتحسس مفرداته ومكوناته المرئية واللامرئية وإحداث حوار مع الأنا للوصول إلى درجة أعلى من الألفة والتوحد مع الذات ومع وكل ما هو متاح حتى أنها تسأل الذات العليا أيضا)وتسأل الله:لماذا يمام/الفرح لا يأتي؟(وكما أن أيضا السؤال هو الطريق الأساسي للمعرفة والتنوير وربما أيضا للتغيير وإدراك حقيقة الأشياء كانت الأسئلة في الديوان عديدة وإنسانية وملحة وتدور حول أحزان الذات(كيف أستحضرُ الأغنيات التي/ جفت في مواسم / الصوتِ الجريحْ ؟) ،(ما الذي يلزم/غير الألم ؟.) حتى نجد أن حرف النفي لا يتكرر 59 مرة خلال الديوان ، خلال 30 قصيدة هي حجم الديوان و حول هذا الحرف يتحدد شكل الذات التي تكتب وتتعامل مع العالم الذي دائما ينفيها خارج إطاره وكيف ترى/وتحدد علاقتها معه وخاصة أن حرف لا دائما فاصل بينهما وحتى وحدة الجو العام للديوان تجبر الشاعرة على تغير اسم "الفهرس" إلى "الأوقـات و بـردهـا" لما له دلالة واضحة على صدق الربط بين الاسم والفهرس ومتن القصائد وروح الشاعرة ،الكل أصبح واحد في حالة توحد كاملة .

نوّارة لحرش شاعرة جزائرية كل من يعرفها يتحدث عنها بحبّ وعن حبّها للجميع. لذا هي لا تنسى كونها أنثى/صديقة/ حبيبة ، لذا تجد رومانسية الأنثى تطل بشكل خجل خلال الديوان ليعبر عن بكارتها العاطفية والروحية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟