الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لقاء مع فنان مغترب

قاسم الخضر

2008 / 2 / 27
الادب والفن


الفنان المغترب زهير الخفاجي
لااريد انتزاع "الشواكة" من دواخلي!

نحو عقود ثلاثة يعيش الفنان المسرحي والتشكيلي زهير الخفاجي غربته الأليمة في أوكرانيا، بعيدا عن بغداد وأزقتها الشعبية المليئة بنبض الكادحين وصناع الحياة. بيد انه نشط في تحويل غربته إلى حياة مفعمة بالإبداع الفني في التمثيل والإخراج المسرحي والرسم التشكيلي.
اليوم نلتقيه بعد نجاح معرضه "العراق .. لحن لاينطفئ"، الذي أقيم في العاصمة الأوكرانية (كييف) خلال الفترة بين 15/12/2007 ولغاية 15/1/2008 برعاية سفارة جمهورية العراق، وبحضور جمع كبير من الدبلوماسيين والإعلاميين العرب والأجانب وأبناء الجاليات العراقية والشقيقة والصديقة.
أستاذ زهير منذ سنوات وأنت تقيم معارضك الفنية بأسم العراق.. لكنك اليوم تقيم معرضا بأسمك وبرعاية السفارة العراقية. فهل هي بداية لنشاطات فنية قادمة ترعاها السفارة؟
الحقيقة، أن سفارتنا باشرت عملها قبل أشهر قليلة كما تعرف، وهي ألان في طور التكوين وستفتتح رسميا عما قريب. واعتقد أنها سوف تساهم مساهمة فعالة في تطوير العلاقات الثقافية بين الشعبين العراقي والأوكراني. وأملي كبير أن يتحقق ذلك وان جهودنا سوف لاتذهب هباءً أذا تكاتفنا جميعاً وعملنا سويةً وتعلمنا من أخطائنا. ومعرضي الأخير هو نتاج كل هذا، لاسيما وانه أقيم على أهم قاعة للعرض في العاصمة كييف "متحف ومرسم الفنان الكبير ايفان كافاليريدزة"، مما أثار اهتمام الوسط الثقافي الأوكراني وجعل أدارة المتحف أن توجه الشكر لنا على قيامه.
هل درست الفن التشكيلي كتقنية في فن الرسم؟
مطلقاً لم ادرسه، وكنت مولعاً منذ صغري بالرسم وبشكل نهم. وبعد دراستي في معهد الفنون الجميلة- قسم المسرح في بداية السبعينات من القرن المنصرم، كنت أتردد على القسم التشكيلي. وتكاد تكون علاقاتي أكثرها مع الرسامين والنحاتين، وغالباًً ماكنت أراقبهم وهم ينفذون أعمالهم وأتابع معارضهم وأثير النقاشات معهم بغية الاستفادة والاستزادة من معارفهم الأكاديمية. ثم ركزت آنذاك في قراءاتي على الفن التشكيلي وتأريخه وكذلك على النقد التشكيلي. وبدأت تتشكل لدي معلومات وخزين فكري عن الفن التشكيلي وتطوره ومدارسه. وانأ منذ وجودي في العراق كنت أصمم الديكور لأعمالي المسرحية، التي اشترك فيها أخراجاً أو تميثلاً ولغاية اليوم.
حسناً درست الإخراج المسرحي في كييف، فكيف واصلت عملك في مجال الفن المسرحي والتشكيلي رغم صعوبة الظروف.. فما الذي تسعى أليه وماذا تريد من أطروحاتك؟
السير بتوازن وسط أكثر الأوضاع تناقضاً وتعارضاً، وفي الوقت نفسه القدرة على صب هذا التناقض والتعارض لصالح العمل وتحويلهما إلى أحساسات وقيم انفعالية من خلال رؤية واحدة أحب أن أتفرد بها وأكون غير مشابه، بل نوع ما مبتكراً، فأعيد الافتنان والسحر في تكوين الموضوع وشد الانتباه أليه والتأمل للمتلقي. ومن هنا تبدأ عملية الخلق لدائرة سحرية تشارك الكثيرين بها من حولك في هذه اللعبة، انطلاقاً من مقولة بيكاسو العظيم "الفن كذبة توصلك إلى الحقيقة".
الفنتازيا .. ماذا تعني لك أذن هذه الكلمة بالذات؟
هي أن تفكك شيئاُ واقعياً وتبنيه بمميزات وظروف فائقة في الخيال من غير حواجز.. ويكون مبرراً ومقبولاً إلى حد مثالي، يعني هنا الموضوع يقف بثبات اكبر من خلال دواخلك وماهي فلسفتك في الحياة "تعلم ثم تعلم وتعلم" وفي النهاية كل ماتفعله لاتوافق عليه وتجد نفسك في بداية الطريق. ليست لدي فترة مثالية أو ملاذاً اهرب أليه سوى خشبة المسرح والتسنوغرافيا ومواصلة لعبتي في الفن التشكيلي. ودائماً لدي أحساس بأنني أقف مكاني ولم أتغير أبدا.. أحس بنفسي باستمرار ذلك الدائخ والمؤقت.
ماالذي استفدته من دراستك في أوكرانيا؟ وأكيد إضافت شئ على ما درسته في بغداد!
رغم اعتزازي الكبير بأساتذتي في العراق لأنهم أعطوني مفاتيح ليست بالقليلة، ولكني بدأت هنا من الصفر وبجهود غير معقولة أهمها التدريب اليومي. لذا تمكنت من أخراج أعمال مسرحية ليست بالسهلة لفيكتور روزف ومكسيم غوركي وميخائيل بولغاكوف وانطون تشيخوف وبيتر فايس، ولعبت أدوارا تمثيلية في مسرحيات أخرى .. ومحاولاتي مازالت جارية لتوسيع معرفتي بالتسنوغرافيا التي خرجت من بغداد وأنا اجهلها تماماً. وكنت قد تدربت على يد أستاذي ميخائيل فرنكل، الذي لم أفارقه أثناء دراستي في الأعوام بين 1978 و1984، والذي يدرس منذ 18 عاماً خلت في الجامعات الأمريكية. وقد انتهيت منذ أربع سنوات من ترجمة كتاب له بعنوان "مرونة.. فضاء الخشبة المسرحية".
في معرضك الأخير، لاحظت بيوت بغداد المتكئة على بعضها – والتي انقرضت تقريبا – وشخوص عازفين وراقصين.. والأكثر حقيقة من ذلك هو التصور المأخوذ عنك – بأنك فنان يستثير الماضي أكثر مما يتلمس الحاضر أو المستقبل.
شكراً لك على هذا السؤال، فتشخيصك موضوعي. فأنا ولدت في "الشواكة" ببغداد وقضيت طفولتي في أزقتها، ولا أريد انتزاعها من دواخلي. وفي هذه المنطقة عاش فنانو وشعراء العراق الكثيرون، وكانوا يلتقون يومياً على ضفاف نهر دجلة الخالد عند طيب الذكر "دعبول أبو البلام". لذا تجد أن لوحاتي كلها مرتبطة بهذا اللحن الأزلي والأنشودة السرمدية. ولو لاحظت، أن كل شخوصي مغلقة العينين سوى شخصية مرسومة بالكرافيك هي لأستاذي الأول وشخصية طفلة صغيرة مفتوحة العينين.. وهذه مسألة مهمة، فأستاذي أتذكر نظرته الحادة والموقرة والذكية والحزينة، كذلك الطفلة التي كنت أشاهدها عند مروري في هذه الأزقة. أما الباقين فأعينهم مغلقة خجلاً من النظر ألينا ونحن نعيش بهذا الشكل ولا أقول أكثر. أما البيوت المتراصة والمتكأة بعضها على بعض فهي كالناس الطيبين المستندين واحدهم صف الأخر والواقفين بين نخيلهم.. وهذه الصورة واضحة حسب اعتقادي لكونها تشكل وحدة الموضوع وتنسجم مع ما هدف أليه عنوان المعرض"العراق.. لحن لن ينطفئ". وقد أهديت المعرض إلى شهداء الكلمة الحرة والفن الأصيل، الذين إطالتهم يد الغدر والإرهاب الأسود والتصفيات الجسدية أو من مات منهم كمداً جراء العذاب النفسي المقيت الذي مارسه النظام الدكتاتوري البائد وجلاوزته الأوباش ضدهم.. استذكر منهم أصدقائي الأحباء الشهيد الفنان التشكيلي معتصم عبد الكريم والفقيد الفنان المسرحي فاروق فياض والفقيد الشاعر طارق ياسين مؤلف كلمات أغنية "لا خبر.. لاجفية" الشهيرة. ومازالت كلماته تصدح في دواخلي:
"كالي تريد الصحيح
كوم سد بابك اللي تجيك منها الريح
تخلص.. تستريح.
واسكتت لحظة
وكلت مابين روحي وبيني:
برة.. وجوة ريح
لو أسد البرة يمكن أستريح
لكن الباب اللي جوة، اشلون اسدهة
وهي باب.. وهي ريح".

مسائل كثيرة أثرتها متعلقة بعلم الجمال.. فما مفهومك له؟ اوكيف تفسره؟
أن الصعوبة كل الصعوبة في أن نجد خيطاً عاماً يسمح لنا أن نشمل في مفهوم واحد هو المفهوم "الجمالي" للظواهر المعقدة في الحياة الاجتماعية والإدراك الأول للأشكال والأشياء ومحتوى الإنسان الأخلاقي والخصائص الأولية البسيطة للأشياء (جاذبية غيمة جميلة، أو نبتة رشيقة، أو عصفور مثلاً). غير أن هذه ليست الصعوبة الوحيدة التي تنشأ أمامنا في تحديد موضوع علم الجمال. فالأمر لا يقتصر على القول بان "الجمالي" مرتبط بهذه المظاهر المختلفة شكلاً ونوعاً.. وإنما ينبغي أن نوضح: كيف يشمل موضوع علم واحد "علم الجمال"، الفن إلى جانب علاقات الإنسان الجمالية بالواقع والتي تتحقق خارج نطاق النشاط الفني.
ماهي أمنياتك الشخصية؟
مااصعبه من سؤال. والإجابة عليه تحتاج لساعات طوال.. أمنياتي الشخصية بسيطة جداً، ولكن مااصعب تحقيقها. الوطن، ياعزيزي، الذي ينسج في وجداني وإحساسي معادلة الحب التي رسمتها في لوحاتي وعبرت عنها في مقالاتي وأعمالي المسرحية. فهو ينام معي ويحتضن أحلامي المفرحة والمرعبة.. أمنيتي أن ارجع أليه وامشي في شوارعه وأتسلق جباله وأجوب بساتينه واهواره، ليحتضن حزني وكابتي ويواسيني حين التقي أهلي وأصدقائي . لا أريد شئ آخر مطلقاً.. أريد له المعافاة وكل الخير.
قاسم الخضر - كييف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي