الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جماعة إيمي ن تليت : هل نحن فعلا مغاربة ؟

الطيب أمكرود

2008 / 3 / 3
كتابات ساخرة


إن من كانوا سببا في موت ثمانية وثلاثين طفلا في أنفكو وتونفيت ، هم أنفسهم من يقتلوننا منذ 1956 إلى اليوم ، نحن طيور الدنيا ، لم نمت بعد ولكن حياتنا إلى الموت أقرب ، نحن سكان المناطق النائية ، سكان المغرب غير النافع ، نحيا كما فعل أجدادنا الأولون منذ عشرات آلاف السنين ، فبينما يعيش العالم القرن الواحد والعشرين ، تعيش مناطقنا العصر الحجري بكل تفاصيله ، رغم أن أولي الأمر منا يتبجحون بما تحقق من منجزات ليس على الأرض بل على الورق بملايير الدولارات لم يصلنا منها فلس بل انعطفت إلى جيوب أغنياء الحرب منا ، من استولوا على رقابنا ظلما منذ نصف قرن أو يزيد.
نحن سكان حاحا ، ولمن لا يعرف حاحا فهي الرقعة الممتدة بين أكاد ير جنوبا والصويرة شمالا ، وجدنا أنفسنا هاهنا منذ الأزمان الغابرة ، ننتمي إلى قبائل المصامدة الأمازيغ ، بصويرتنا التي شيدناها عند مصب واد القصب منذ آلاف السنين كنا أول من صنع الأصباغ الأرجوانية تحت قيادة زعيمنا يوبا الثاني ، شيدنا معاصر السكر مع المنصورقاهرداحر البرتغال ، أرضنا معطاء تجود بالخير العميم : أركان ، زيتون ، لوز ، خروب ، تين وعرعار .
.إيحاحان .رجال أشاوس أذاقوا المر للمستقدمة(بفتح الدال) فرنسا عندما اغتصبت أرضنا وخالتنا أنذالا جبناء ، ولمن لم يسمع بما فعلنا نظرا لتغييب ذكرنا مما يلقن لأبنائنا أن يسأل عن القائد أنفلوس ومعارك تيكمي ن لوضا وبوريقي وبوتازارت...
نحن الفقراء ، وفقرنا ليس قدرا لنا ولكنه مصير مرسوم ، نحن العطشى الجوعى وجوعنا وعطشنا مخطط أريد لنا لأسباب غير بادية كانت وأضحت للعيان ظاهرة، نحن المهمشون المنبوذون المقصيون المنسيون في هضابنا آخر ما بقي لنا، نحن الأميون المقموعون .
أيها المغاربة النافعون ، يا سكان مغرب يبيض ذهبا وألماسا :
إنكم لن تصدقوا أننا نركب دوابنا النحيلة المحملة بإيشواريين أو حاويات الزيوت والمواد الكيماوية التي نستخدمها خزانات ماء عشرات الكيلومترات من المسالك الوعرة للتسوق أو التزود ببضع عشرات لترات ماء لإرواء عطشنا وأنعامنالا لسقي حدائقنا وملاعب كولف حاكمينا ، اعلموا أننا لا نرى للدولة حضورا في مناطقنا إلا لاستخلاص المكوس والضرائب والإتاوات أيام الأسواق الأسبوعية ، فبيضة دجاجة حاحا تؤدي قبل ولوج السوق عشر سنتيمات ، وتدفع معزة حاحا خمسة عشر درهما أمام المدخل ونظيرتها قبل ولوج المجزرة ، والثور الحيحي يبتاع تذكرته بخمسين درهما عند ولوج السوق ومثلها قبل دبجه ...سلطات حاحا لا ترى في الحيحي إلا كائنا متخلفا لا يصلح إلا للحلب والاستغلال ، ففي أسواقنا يبتز الدركيون أهلنا وهم المفروض فيهم حمايتنا ، ويتقاسمون موادنا المدعمة الموجهة إلينا لتباع لنا بأثمنة السوق العادية...غاباتنا من أغنى غابات الوطن : أركان ، عرعار ...تستنزفها العصابات علانية وبتواطؤ علني مع رجالات المياه والغابات ...بمنطقتنا تستطيع أن تقتل أو تسرق أو تغتصب دون أن تسجن أو تحاسب ...شريطة أداء الحلاوة للمفترض فيهم حماية أمن الناس ومحاربة الجريمة فإذا بهم يغذون حماة المجرمين والمفسدين ...أرباب أسرنا يعيشون يوم القيامة كل أسبوع مرة ويزورون جهنم يوم السوق ، ستستغربون ، ولكن أخبركم أن دخلنا قذ لا يصل في الشهر إلى عتبة عشرين درهما ثمن بضع بيضات تجود بها بضع دجاجات تكيفت مع حياتنا البئيسة...فهل نحن فوق أم تحت عتبة الفقر إن كنتم تعدون ؟
لن تصدقوا أن منا من يكتفي يوم السوق بجلب بضع كيلوغرامات دقيقاو نصف كيلوغرامسكرا ويستغني عن البقية ليس تقشفاأو احترازا ولكن لنوع من الفقرشديد ينذر أن تجده إلا في مناطقنا...
أبناؤنا يغادرون الحجرة الدراسية الوحيدة بمنطقتنا- الآيلة للسقوط- قبل تسخين أماكنهم نظرا لانعدام الجدوى من تعليم لا يسعى إلا إلى تغيير أسماء الأشياء والكائنات فتصبح تافوناست بقرة وأغيول حمارا وأغروم خبزا ، مع الجهد المضاعف الذي يبذله معلمنا القادم من عوالم أخرى يرى في كلامنا لغوا وفي عالمنا منفى وفي خبزنا الفقير الذي لا يستطيع الاستغناء عنه إلا بالسليت أكثر من الحضور امراضا ، مما يحيله إلى كوميسير في دار المقري يسب البربر وبلاد البربر وينكل بفلذات أكباد البربر ، مما يعجل غالبا بهروب أكثرنا ، ومقاومة أقوانا تحملا وجلدا إلى حين...
أمراضنا تغادرنا بعد أن تيأس من تسفيرنا ، وعندما نفكر في الاستشفاء نركب حميرنا ونضع صغارنا في سيارة الإسعاف الوحيدة في منطقتنا التي اخترعناها دون أن تسجل باسمنا وصنعناها بأيدينا من الدوم (أشواري) ، فنقطع الكيلومترات نحو ممرض قاعة علاج مركز جماعتنا الوحيد الذي ينتظر بضع دراهمنا ليمنحنا أقراص الجبس التي تزيدعللا وإسقاما...
قبل شهور زارنا الملك ، فتحايل عليه الحاكمون منا ، فصيروا قاعة العلاج مستشفى بأطقم طبية وأكثر التجهيزات تطورا ، وأحضروا بضع معزات من حظائر من اغتنوا من المتسلطين على مراكز القراربمنطقتنا ، أحيطت بسياج وقدمت له على أنها أوراش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي لم تدع بيننا فقيرا ، وقدم له مبنى تعاونية لأركان شيدت منذ عشر سنين ببضع آلاف من الدراهم على أن بناءه انتهى للتو من مال وهو من ثمرات المبادرة التي زرعت البهجة فينا ، وما تعرض الملك إلا لعملية تمثيل أو مسرحية أتقن إخراجها لصوص المال العام منا ، انتهت بانصرافه ليعود كل شيء إلى حاله ونعود إلى دواويرنا النائية بعد أن فهمنا أو نكاد...
ولمن أراد عين اليقين أن يزورنا حيث نعيش ليرى أن ما قلناه حقيقة وواقع حتى لا نتهم بالكذب والافتراء من قبل من ظنوا أننا غافلون ، وعلى رأسهم رئيس جماعتنا الذي تسلط علينا منذ اثنين وتسعين ولم تظهر منذ مقدمه بجماعتنا إلا الاختلاسات ولم يوسع إلا ممتلكاته التي تضاعفت عشرات المرات ، ولم يبن إلا خزان ماء على بئر جافة داخل الملك المسمى إيمي ن العرباء- الذي تحايل لشرائه من وارثته- والذي يقف مستعدا لفضح بانيه في موضع لا يسكنه إنس ولا جان...
زورونا تروا عجبا ونحكي لكم غريبا ، نحن سكان الدواوير الشمالية من جماعة ايمنتليت : أكرام ، أيت حماد ، بوزرو ، أيت واسيف ، إد عثمان ، تيمسوريين ، إدلحرش...
دواويرنا جحيم لا نملك عنه مهربا ، آبارنا جفت ، ماشيتنا هلكت ، أبناؤنا ضاع يومهم ، ماضيهم ومستقبلهم ، بضع حجرات درس ، ومعلمون غيابهم أكثر من حضورهم ، ممرض وحيد في قاعة علاج بئيسة، غياب تام للطرق ، غياب كلي لأي تدخل للدولة لإنقاذنا قبل فوات الأوان ...
إمضاء : إداوخلف – جماعة إمنتليت –إقليم الصويرة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض


.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل




.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو


.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : أول مشهد في حياتي الفنية كان