الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكابدات المواطن العراقي وعوامل نجاح وتحديات العملية السياسية

طالب الوحيلي

2008 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


السنين العجاف التي عاشها المواطن العراقي على مختلف مستويات ثقافته،في لعقود المنصرمة،في زمن شحبت ألوانه السياسية والايديلوجية واتخذت الصبغة الزيتونية ،استطاعت إفراغ محتوياتها في الكثير من التقاليد الاجتماعية والسياسية المستفزة بالخوف اليومي الذي اختبأت وراءه سيادة نظام مرغم على التمادي في التصفية الجسدية وتسويغ لغة العنف المستتر او العلني دون ان تحده حدود القانون الإنساني او تلجمه سلطة المجتمع الدولي المنقاد الى مصالحه المطلقة ،كحال التعامل مع كافة ألازمات الدولية التي تكون الشعوب المضطهدة طرفا فيها ،لذا فقد تنازعت المواطن العراقي إشكاليات عديدة مثل التعاطي مع العمل السياسي الصرف تحت إرهاب سياسات الماضي ،مع ان لدى الأكثرية رؤية واضحة للواقع من خلال تحليله من وجهة نظر عقائدية ،مادامت لديه منهجية الالتزام بالتكليف الشرعي ،ويقينه بمصداقية المدرسة الإسلامية التي أخذت أصولها من التراث الفكري للعترة الطاهرة،لاسيما وان المثال الحي لها يحيط بنا من خلال واقعة الطف الخالدة ومسيرة الأربعين التي نعيش أجواءها، والقدرة الفائقة في تطبيق قواعدة على الواقع الملائم كثيرا لها في ظل انهيار الكثير من الايديلوجيات وهزيمتها المادية والمعنوية.
نحن الآن امام عدة مستويات من نماذج الصراع ،أمام حزب منحل قانونا ولديه قواعد مازالت ترفض هذا القانون ،وتحاول استغلال التطبيق غير الدقيق لقانون اجتثاث البعث او قانون المساءلة والعدالة ،وتستقتل من اجل استعادة حضورها ،واثبات جدارتها في استخدام اهم مفردات صيرورتها وهي الإفراط في العنف والقسوة ،واستثمار مبدا الغاية تبرر الوسيلة ،مع استحضارها لكل وسائل القتل التي تعلمتها في دهاليز ذلك النظام ومؤسساته ،وقد استفاد هؤلاء كثيرا من الولوج في صلب المؤسسة الحكومية الحالية عبر خبراتها وما عرفت به من مسلكية وطمعها في الاستحواذ على قمم الهيكل الإداري ،إضافة الى تراخي الحكومة في تطبيق قوانين الحد من القوانين العقابية ذات الصلة بالفساد الاداري والمالي الذي .وأمام حركات إسلامية تبنت اسلوبها الإنساني و الحضاري ونبذ العنف منذ سقوط الطاغية ،محاولة فرض نظام قانوني يؤسس لدولة المؤسسات وقد اجتمعت عليها كلمة الأغلبية التي توحدت عبر نسق متجانس بين تأريخ جهادي وتضحوي وحرص على إشاعة حياة هانئة لشعب مل الفقر والحرمان ،وقد افلح هذا التوحد في قطع أهم مراحل الطريق الى الهدف عبر معارك الانتخابات وعبر الصبر المر على تحمل أقسى الظروف الاقتصادية والأمنية التي شهدها العراق ،وذلك محل اختبار واختيار الجميع ،لاسيما الشعب الذي وضع كامل ثقته بقواه السياسية ،والقوى التي وجدت كينونتها من خلال مظلومية هذا الشعب .
وامام قوى دولية ،لابد لها ان تختلق مناخات لذلك الرهان، محاولة فرض أنموذجها الذي قدمت فيه الى الشرق الأوسط بعد ان لوحت به كثيرا ،وهي بذلك تكفر عن آثامها في الوقوف وراء الانظمة الاستبدادية التي حكمت او تحكم العالم العربي او غيره،فيما تتخذ هيئة المتصاغر بإزاء مشاكل لا يمكن ان تعجزها عن إيجاد الحلول السهلة لها لما اشتهرت به من قدرات اقتصادية وتقنية أوقفتها في قمة العالم السياسي وأهلتها لرسم خرائط الأرض كيفما تشاء ،وذلك كله اثر على مصداقيتها منذ الصفحات الأولى لتدمير البنى التحتية للدولة العراقية ،واستصدار القرارات الدولية امتدادا للفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، لتضع المواطن وقواه السياسية امام خضم كبير من صراع مع معسكر الإرهاب المحلي والدولي ،بعد الاستقطاب الكبير للإرهاب العالمي لوادي الرافدين ..
ما هو موقف المواطن العراقي اليوم،بعد ان تحقق حيز كبير من الأمن اثر التنامي المستمر لقوات الأمن وانتشار اللجان الشعبية وظهور الصحوات، لاسيما أبناء المحافظات الوسطى والجنوبية التي تشكل أصل وادي الرافدين،وهي اكثر استقرار من غيرها خصوصا اذا ما استتب القانون فيها ولاحق كل خارج عنه ،وكيف يتسنى لها إدارة نفسها ذاتيا عبر تشكيل صدور قانون المحافظات الذي يعتبر دستورا عاما لكل محافظة ،ذلك يشكل تمرينا عمليا لتنظيم اوسع حين تعلن تلك المحافظات عن قيام إقليمها الفيدرالي الكبير، وهي تعد ذلك ملاذا لها من عودة النظم الانقلابية الاستبدادية ،آملة التمتع بثرواتها الطبيعية الهائلة التي طالما حرمت منها كما العيس في الصحراء يقتلها الضما... والماء فوق ظهورها محمول .
دعوات المرجعية الدينية العليا وبعض القوى السياسية تصر على اهمية استكمال كافة المراحل التي أنجزت ،وهي تعد المرحلة الأصعب بعد التغيرات الموضوعية والذاتية التي يعيشها المواطن العراقي ،كالإسراع في أكمال التشكيلة الوزارية، واعتماد الكفاءة والخبرة في اختيار الوزراء والمسؤولين، والتهيؤ لإقامة الأقاليم في العراق بعد انتهاء الفترة القانونية.فيما يعد ملف البناء والاعمار وتقديم الخدمات، والالتفات الى مصالح المواطنين، ومنح الصلاحيات الى المحافظات وفق ما اقرّه الدستور، ومحاربة الفساد المالي والاداري، وتفعيل دور النزاهة، والقضاء المستقّل، وتفعيل القوانين والتشريعات التي اصدرها مجلس النواب العراقي، يجب ان تتحرك بخط مواز للجهود المبذولة على الصعيد الأمني، لأنها تساهم بدورها في ارساء دولة القانون، ومحاربة الإرهاب،من الاستحقاقات المهمة التي يمكنها ان تميز المرحلة القادمة عن سابقتها ،فيما تبقى الدعوات الى الحكومة العراقية في مراجعة برامجها الخاصة بالشرائح الاجتماعية الفقيرة، والمعلمين، وعوائل الشهداء، والسجناء، وإرجاع المهجرين إلى أماكن سكناهم وإطلاق سراح من لم تثبت إدانته من المعتقلين، ومراجعة سلالم الرواتب ووضع معايير عادلة لها، وتوفير مستلزمات العيش الكريم لجميع ابناء شعبنا.
هذه الدعوات تصب في صميم المصلحة الوطنية للشعب العراقي وهي ان تحققت سوف تكون معيار النجاحات المستقبلية وبوابة لها ،وقد يكون العكس هو الصحيح..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة