الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقلال كوسوفو قنبلة أمريكية في البلقان وليست له علاقة برفع الظلم القومي

طه معروف

2008 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



التحريض على تقسيم المجتمعات الإنسانية على أسس الهويات القومية والطائفية والدينية للتغطية على التقسيمات الطبقية ،يشكل أحد أركان النظام الرأسمالي الدولي الجديد الذي تقودها أمريكا وبعض الدول الغربية بعد حقبة انهيار الكتلة السوفيتية .نحن شاهدنا تلك الحروب والويلات والمآسي التي حلت بالجماهير في هذه المنطقة ومن ضمنهم جماهير كوسوفو نتيجة التدخلات الأمريكية الغربية الرجعية بهدف صنع الطوائف والقوميات في منطقة البلقان.
إن عملية استقلال كوسوفو ليست لها أية علاقة برفع الظلم القومي، لا من قريب ولا من بعيد، ولا تشكل بأي حال من الأحوال خطوة نحو استتباب الأمن والاستقرار في هذه المنطقة، بل هي بداية لصراع دموي يفتح الباب على مصراعيه أمام تدخل الدول الرأسمالية الأخرى، لتجعل حياة الجماهير في كوسوفو رهينة الصراعات الدائرة بين هذه الدول الرأسمالية..
ومن جانب آخر ،تم تشكيل هذا الكيان على أسس الهوية القومية والدينية أ وتشكيل دولة قومية –إسلامية ألبانية . ولم تمضي على إعلانها إلا لحظات حتى سارع رئيس هذا الكيان إلى تحديد طبيعة علاقاتها القادمة مع" أقلية الصرب". أي تبني وإتباع نفس السبيل الذي سلكها القوميون الشوفينيون الصرب الذين كانوا يصفون دائما جماهير الألبان في صربيا ب "أقلية ألبانية". المظاهرات التي اندلعت في كوسوفو ضد العملية الأمريكية والغربية لاستقلال كوسوفو رافقتها تهديدات الحكومة الروسية التي أعلنت عن عزمها على التدخل العسكري واستخدام حق النقض (الفيتو) لمنع عملية الاستقلال. وهذا ينذر بالعديد من المخاطر السياسية والأمنية على مستقبل الجماهير الألبانية والصربية معا في تلك المنطقة.
فإذا كانت أمريكا والغرب جادة حقا لوضع حد للظلم القومي في العالم ،فلماذا يؤججون الصراع القومي في منطقة الشرق الأوسط بشتى الوسائل ويدعمون القوميين الشوفينيين في تركيا وإيران والعراق وإسرائيل لإدامة الظلم القومي!!! وإذا كانوا مصممين لإخماد بؤر التوتر وخلق الأمن والاستقرار في العالم فلماذا لا يستجيبون إلى المطالب التاريخية لجماهير فلسطين وكردستان لنيل حقهم في ألاستقلال لكي تتخلص الجماهير من بلاء هذا الصراع القومي المزمن في تلك المنطقة الملتهبة ؟إن الموديل الأمريكي للاستقلال على طريقة استقلال كوسوفو أو وفق مشروع الكونغرس الأمريكي لتقسيم العراق على الأسس العرقية والطائفية ،لا يهدف إلى رفع الظلم القومي ولن يؤدي إلى استتباب الأمن والاستقرار بل يساهم في خلق كيانات قومية أ و دينية عدوانية تنتهك أبسط حقوق الإنسان وتغرق المجتمع في الخرافات القومية والدينية ناهيك عن الحروب القومية.
ففي الوقت الذي ترفض الدولة القومية-الإسلامية الفاشية التركية رفضا قاطعا حتى ذكر اسم الكورد في الدستور التركي ولا تعترف حتى بالحقوق الثقافية لجماهير كردستان ،هرعت إلى الاعتراف بكوسوفو كدولة مستقلة، ودولة قومية –إسلامية في أوروبا .كما رحبت منظمة المؤتمر الإسلامي (بالنيابة عن حركة الإسلام السياسي) بإعلان كوسوفو الاستقلال وبعثت وفدا إلى كوسوفو لمطالبتها بالانضمام إلى المؤتمر الإسلامي الرجعي. .إن تقرير مصير الجماهير في إطار كيان قومي-إسلامي محاولة رجعية ولا يعكس الإرادة الحرة للجماهير. إن الاستقلال بهذه الطريقة الرجعية ،محاولة أمريكية تهدف إلى عسكرة حياة الجماهير في إطار صراع رجعي ليضعهم كوسيلة بأيديها لتنفيذ مخططاتها الرجعية في هذه المنطقة وبالتالي ربط مصير الألبانيين بسياستها العسكرتارية في البلقان.
مثلما تدفع جماهير العراق ثمن الديمقراطية الأمريكية لمدة خمس السنوات ،ستدفع جماهير ألألبان أيضا في كوسوفو ثمن هذا الاستقلال الذي يخدم المشروع الأمريكي وحلف الناتو في البلقان في ظل تهديدات الحكومة الصربية والروسية لهذه العملية.
إن عملية تشكيل الكيانات السياسية وفق الهوية القومية والدينية تشكل تحديا سافرا للحقوق المدنية والإنسانية للجماهير وليست لها أية علاقة برفع الظلم القومي، و هي عمل مناف ٍ لمبادئ العلاقات الإنسانية بين مختلف المجتمعات للعيش في أمن وسلام معا.
طه معروف
26-2-2008











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جنوب لبنان يترقب الأسوأ مع توسيع إسرائيل عملياتها براً


.. الأمل فى عودة الاستقرار بين إسرائيل ولبنان.. ما هو القرار170




.. إير فرانس تفتح تحقيقاً بعد تحليق طائرتها فوق العراق أثناء ال


.. ساعة حوار | تطورات الأحداث في سوريا ولبنان.. لقاء مع محمد عل




.. تفاعلكم | منشورات تحذيرية بإخلاء المنازل دعما للقضية الفلسطي