الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرحبا نجاد...و لكن!

نجيب المدفعي

2008 / 2 / 29
السياسة والعلاقات الدولية


من المقرر أن يصل الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى بغداد في زيارة رسمية للعراق. و هي زيارة تاريخية بكل المقاييس، فالسيد نجاد هو أول مسؤول إيراني بهذا المستوى الرفيع يزور العراق منذ قيام الجمهورية الإسلامية في إيران. و هو أرفع مسؤول في دول الجوار العراقي يزور العراق منذ التغيير في نيسان 2003. و يُحسب لإيران أنها أول دولة من دول الجوار مدت يد التعاون (الرسمي) مع النظام الجديد في العراق. فمرحبا بالسيد نجاد في العراق، و لكن... تبقى هناك العديد من علامات الاستفهام حول السياسة الإيرانية تجاه العراق.

فإيران وضعت العراق و أفغانستان في سلة واحدة باستخدامهما كمصّد من بطش الولايات المتحدة التي قررت "الثأر" لأحداث أيلول 2001، فغضّت الطرف عن غزو البلدين لتحقق عدة أهداف، منها إزاحة أعداءها المحليين ـ طالبان و صدام ـ و تفريغ فورة الجهد العسكري الأمريكي في هذين البلدين، و إشغال الولايات المتحدة بهما بعيدا عن إيران. و من منظار المصالح الإيرانية يكون ما تقدم لا غبار عليه، خاصة و إن مصلحة إيران و العراق التقتا في نقطة إزاحة صدام. و السؤال الآن: ما هي الفلسفة التي تحكم سياسة إيران تجاه العراق بعد التغيير؟ هل سيبقى العراق، بالنسبة للإيرانيين، يمثل ورقة يتجاذبونها مع الولايات المتحدة في إطار اصطراعهما على النفوذ و المصالح في المنطقة؟

تؤكد العديد من الشواهد، التي مصدرها الجيش العراقي ـ و بشكل غير رسمي ـ أن هناك دعما لا تخطئه العين مصدره إيران، لقوى مسلحة لا تريد للوضع في العراق أن يستقر. و قد تكون إيران الرسمية لا تـُقر مثل هكذا سلوك، إلا أنها من المحتمل تغض الطرف عنه. لا يمكن أن تستمر الحالة على هذا المنوال، فمن غير المعقول أن تبقى العلاقة بين بلدين جارين محكومة بلغة السلاح، و التي خبرها الطرفان على مدى يزيد على الربع قرن، و التي لم تورثنا إلاّ الخراب و الدمار و تحقيق أهداف لأطراف دولية و إقليمية على حساب البلدين.

إن المتابع لشكل السياسات الإيرانية يجدها ذات طابع براغماتي، و هنا يصبح من غير المنطقي التحدث مع إيران ـ ممثلة بالرئيس نجاد ـ انطلاقا من فكرة الدين المشترك أو الجوار الجغرافي و المشتركات التاريخية. و على الحكومة العراقية ـ مع إدراك ضيق هامش مناورتهاـ إجتراح أفكار تحوّل العراق في نظر الإيرانيين من ساحة لمقاتلة الأمريكان إلى طرف ند يمكن أن يعود على إيران بمردودات و منافع أكبر و أوسع من مجرد ميدان للصراع المسلح. و دعوة موجهة للسيد نجاد لإبعاد الولايات المتحدة و ملف إيران النووي و سياسة ملء الفراغات عن الهيمنة على مباحثاته و تصريحاته في بغداد. و أن يعمل على توثيق أواصر الثقة و الاحترام المتبادل بين الشعبين الجارين، و إزالة بعضا من التشنج الذي تمتاز به العلاقة بين البلدين بسبب سياسات هوجاء سابقة.

المطلوب من الحكومتين ـ العراقية و الإيرانية ـ التأسيس لمنظومة تعاون وثيق على مختلف الصـُعد، قد يكون فاتحتها الاتفاق على اجتماعات دورية على أعلى المستويات تتناوب في الانعقاد بين بغداد و طهران. و هي ليست فكرة جديدة فالعديد من دول العالم قد سبقتنا بأشواط في هذا المضمار.

تبقى هناك المعاناة الآنية التي يئنّ ُ منها الشعب العراقي جرّاء الدعم الإيراني ـ الغير رسمي ـ للقوى المسلحة الناشطة في العراق تحت مختلف المسميات و الشعارات. و هنا نتوجه إلى سماحة السيد علي السيستاني، في حال موافقته على استقبال نجاد، و نرجوه أن يكون اللسان الناطق ـ كما عودنا ـ بأسم ألاف ثكالى و أيتام العراق بتوجيه رسالة صريحة للسيد نجاد بكف أيدي أولئك الذين يقدمون الدعم من إيران لشذاذ الآفاق في العراق. نريدها رسالة من سماحته (تضع الطينة بالكصة) كما يقول المثل الشعبي العراقي، و هي رسالة قد يصعب على الأطراف الحكومية العراقية تمريرها للسيد نجاد لاعتبارات دبلوماسية.

مرة أخرى، أهلا بالرئيس نجاد في العراق و لنأمل خيرا من هذه الزيارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترقب في إسرائيل لقرار محكمة العدل الدولية في قضية -الإبادة ا


.. أمير الكويت يصدر مرسوما بتشكيل حكومة جديدة برئاسة الشيخ أحمد




.. قوات النيتو تتدرب على الانتشار بالمظلات فوق إستونيا


.. مظاهرات في العاصمة الإيطالية للمطالبة بإنهاء الإبادة الجماعي




.. جامعة جونز هوبكنز الأمريكية تتعهد بقطع شراكاتها مع إسرائيل م