الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طابور كوميونيتى

كرم حليم

2008 / 2 / 29
الادب والفن


- صباح الخير يا عم محمود , بقى لك كتير هنا ؟

( رجل فى الخمسينات كنت قد تعرفت عليه من قبل و يرتدى ( عفريته و بنطلون ) مما جعلنى أعتقد إنه من عمال شركات النظافة أو محطة البنزين

- بقالى ساعة مش عارف الطابور ده مش عايز يمشى ليه

- هى الست مفتشة التموين هنا؟

- الطبيعى من الصبح موجودة لكنها لا بتهش و لا بتنش تلاقيها قابضة

- أمال إنت شغال فى البنزينة و لا البلدية , كل ما أجى ألاقيك واقف هنا أو فى الفرن اللى فى الشارع اللى جوة

- أنا أمن فى عمارة

- لسه بتتبنى و لا ساكنة ؟

- ساكنة

- بواب يعنى؟

- لا يا باشا سيكيوريتى !!!

- مراتك و أولادك معاك ؟

- ( بفخر ) أه بس ما بشغلهمش معايا أنا اللى بعمل الشغل كله و العيال فى المدارس

- طب كتر خيرك , هى دى المرة نمرة كام ليك هنا

- دى المرة التانية , ما هو أنا بأخد مرتين من هنا و مرتين من هناك

- إنت بتاكل باربعة جنيه عيش فى اليوم ؟؟

- لأ ده ليا و لجماعة طيبين ساكنين فى العمارة

يلفت إنتباهى صبى يعبر الشارع بقفص عيش يهويه على رصيف الجانب الأخر من الشارع و يعود ليأخذ غيره من داخل الفرن و يفرشه بجوار ما سبق و أخذه على الرصيف و يتركهم و يذهب لفرن أخر ليحصل على عيش أخر , كل ده بيروح فين !!

يمر الوقت و أنا أرى كمية كبيرة من العيش على الرصيف المجاور للفرن مباشرة و رجل يبصق بجواره و هو مار و أخر يدوس عليه بطرف شبشبه

- يا أخواننا عيش مين ده ؟؟

تكرر النداء حتى رد على شاب لم يكمل العشرين , ده عيشى أنا

- أمال واقف فى الطابور تانى ليه ؟

هنا إنبرى طفلان يقفان وراءه : أيوه ما هو كل يوم بيعمل كده

يرد الشاب - و إنتوا مالكو ماهى دى رابع مرة ليكم هنا

- أنا بأكلمك إنت , ليه رامى العيش فى الأرض كده

- أصلى بأخد ليا و لبيت خالتى

- ماتخلى خالتك تيجى تجيب لنفسها

- أصل أنا جاى من ( ......... ) منطقة بعيدة و ما ينفعش خالتى تيجى

و تركنى و عاد للتشاجر مع الصبيان الذان وراءه

تعرفت بالرجل الذى يقف ورائى

إسمه ي . س . عمره 47 سنه و مظهره الحليق الطفولى لا يتجاوز الخامسة و الثلاثين حاصل على مؤهل تعليمى فوق المتوسط و لديه إبن فى الجيش و إبنته فى كليه الأداب و إبن فى إعدادى و يعمل فى محل ملابس بعشرة جنيهات فى اليوم ( مازال هناك ملايين يحصلون على نفس الراتب حتى اليوم )

إشترى سيارة تاكسى من نوع ستروين بالتقسيط من البنك منذ عشر سنوات بثمن 60 ألف جنيه و طبعا كلها مشاكل و ركنها فى الجراج لأنه لا يقدر على شراء بطارية لتشغيلها و مديون و هارب من سداد الديون و من تجديد الرخص للسيارة و لنفسه بمبلغ يتجاوز ال3000 جنيه ( أرانى ورقه مهترئة فيها حساباته ) و لا يستطيع بيع هذة السيارة الورقية ( كطبيعة كل سيارات الستروين ) بعد أن تدمرت و لم تعد تساوى تكاليف نقلها و رفض عرضى لمساعدته و قال – ربنا يتكفل بينا

الطابور منقسم لأربعة أقسام , طابور بجنيه للرجال و أخر بجنيه للنساء و ثالث بربع جنيه للرجال و رابع بربع جنيه للنساء

من يملك الذكاء و إنعدام الإحساس يأخذ خمسه أرغفة ليفترش بها الأرض و يعود ليقف فى الطابور مرة أخرى ليأخذ ما يريده بدون أن يجهد نفسه بالوقوف فى الطابور الطويل

حان دورى لأخذ العيش

سألت البائع – مش المفروض تكون عارف اللى بييجى أكتر من مرة ؟

- يوووه هو أنا مخى دفتر , يا عم خد عيشك و هوينا

أنسحبت من الفرن و يداى ملتهبتان من سخونة العيش و كدت ان أصاب بحجر طائش قذفه صبى لثته مصابه و ينزف منها الدم , على إمرأتين يدل مظهرهما و تكاتفهما على إنهما من عائلة واحدة و كانتا تضربان الصبى لتحرشه بأحدهما

و لايزال فى جبعتى قصص و قصص من هذا المجتمع الغريب – مجتمع الطابور

سمعت إشاعة بأن القوات المسلحة ستدخل فى مجال إنتاج الخبز

و أتمنى حدوث هذا لأن ذكرياتى مع تدخل الجيش عقب أحداث الأمن المركزى عام 1986 و تعامله المتحضر مع المدنيين

يعطينا صورة طيبة تشجعنا على طلب تدخله فى الأمر

إلا إذا كان و هذا ما أخشى منه و هو وصول الفساد و التطرف للجيش أيضا

سيادة رئيس الوزراء المحترم أحمد نظيف

هل هذا هو الطابور الذى قلت من قبل إنك تقف فيه أم أن طابورك مختلف ؟؟؟

الإنسان هو الحل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل


.. كل يوم - رمز للثقافة المصرية ومؤثر في كل بيت عربي.. خالد أبو




.. كل يوم - الفنانة إلهام شاهين : مفيش نجم في تاريخ مصر حقق هذا