الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بورتريه الخطر

عبد العظيم فنجان

2008 / 2 / 29
الادب والفن


الخطرُ في كل مكان لكن الأمكنة لاتعبأ ، لأن الخطر لم يكن طرفا في وجودها ، لذلك تمنيتُ أن
أكون مكانا لأنجو من ثقل وجودي في خطر دائم ، وقد تحقق لي ذلك مرة عندما صرتُ شجرة باسقة ، لكن ما حصل بعد ذلك كان يبعث على القلق حقا ، لأنني لم أجد لي مكانا في الشجرة لشدة الزحام ، فالطيور ، العشاق ، الريح ، وأشياء اخرى كانت قد نقلتْ ثيابها ، عاداتها ، مخيلتها ، ونواحها ، وبنتْ ملاجئها بين الأوراق ، على الاغصان ، وحفرتْ عميقا ، ثم تشعبتْ مع نهايات جذوري ، لأن الخطر كان قد اشتد اكثر ، حتى أنه لم يعد في كل مكان فقط ، بل تعدى الى اللامكان ، ففي الاحلام خطر ، في الحب خطر ، في الشِعر خطر ، في ..
لم يكن ثمة مخرج من هذا المأزق : لايمكن أن أترك عزلتي مجروحة على هذا النحو ، كما لا يمكن أن أطرد ضيوفي ، لأنني انسان علاقته بالطبيعة مثالية جدا ، بدليل ان فاكهة ما – تشبه التفاح تقريبا – بدأت تنمو وتظهر على سطح بَشَرتي ، ممّا كان يجذب لسعات ، عضات ، وسهاما غير متوقعة ، يزرعها الضيوف على جسدي ، حتى صرتُ شبيها بالقنفذ .

بعد تأمل عميق وجدتُ من الحكمة أن اقابل الخطرَ شخصيا ، وجها لوجه ، من أجل أن نعقد صفقة بيننا ، غير ان ذلك كان من دون فائدة ، فقد فات الأوان ، إذ لم يعد ثمة خطر حتى في نشرات الأخبار ، بل تلاشى تماما ، وحين بحثتُ عنه في سجلات الماضي كانوا يضحكون مني ،
ويسخرون كلما سكرتُ ، وترنحتُ في الشوارع ، في الاسواق ، أو في الأزقة ، مناديا :
اظهرْ أيها الخطر ، أين تواريتَ ، أيها الجبان ؟

طبعا كان ذلك في طَور الشجرة ، قبل أن أتحول ، أنا نفسي ، وأصير خطرا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?


.. لعبة الافلام الأليفة مع أبطال فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد




.. إيه الدرس المستفاد من فيلم البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو ب