الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الاتجاه المعاكس والعلاقة بأميركا

أسامة عثمان

2008 / 2 / 29
الصحافة والاعلام


تناولت حلقة الاتجاه المعاكس لهذا الأسبوع موضوع العلاقة بين الإسلام وأميركا, وهو, وإن لم يكن جديدا, لكنه لا يفقد خطورته وأهميته؛ لذا أود أن أؤكد بعض الأفكار تعليقا على ما تضمنته الحلقة.
ولعل أولاها بالتعليق مجافاة البرنامج الحقيقة, حين طابق بين الإسلام والإسلاميين, وهي مسألة في غاية الوضوح, نربأ بالدكتور فيصل القاسم أن يتورط فيها, وقد نطق بأوصاف لا تليق بالإسلام حين وصف الإسلام بالذليل الذي يستجدي أميركا ويتقرب لها!!! وقد يَدْفع؛ بأنه يقصد الإسلاميين, أو بعضهم, وقد كان في سَعَة من ذكر الإسلام, إذا أراد من يرفع شعاره. وقد يقول إن هذا لا يعدو كونه تقمصا لرأيٍ, لا يراه, وقد كان الأَوْلى به_ والتوصيف بهذه الخطورة_ أن يحترس, كعادته, عندما يراعي مشاعر جهة رسمية, أو غيرها؛ بأن يُتبع, بالقول: هذا ما يراه البعض, أو ما شاكلها.
المسألة الثانية: التعميم والأحكام الشمولية التي تبتعد عن الإنصاف والمهنية, وتطمس الحقائق لصالح نظرة مسبقة غير بريئة من الانحياز الفكري, فلا يصح وضع الإسلاميين في سلة واحدة, وتطويقهم بحكم واحد, بالرغم من وجود حركات واتجاهات وشخصيات" إسلامية" تقترب من أميركا, وتقبل التقاطع مع مشاريعها, أو الانصياع لشروطها في المشاركة السياسية.

المسألة الثالثة: لا بد من الاعتراف بوجود اتجاهات متباينة في التعاطي مع الإسلام وفي النظرة إلى أميركا بناء على ذلك. ومنها :
1- اتجاه يناقض أميركا بوصفها رائدة المشروع الحضاري الغربي الرأسمالي الديمقراطي الذي يتصادم مع الحضارة الإسلامية والنظام الإسلامي. ومن هؤلاء من يخوض مع أميركا حربا دموية مفتوحة كما القاعدة, ومنهم من يقاوم احتلالها, كما تفعل المقاومة العراقية وطالبان. ومنهم من يناقضها فكريا وسياسيا كبعض الحركات الإسلامية الأخرى, كحزب التحرير, وجمعيات وهيئات علمية إسلامية.
2- اتجاه يرى في أميركا دولة عظيمة, بل العظمى, ويعترف لها ضمنا بدور عالمي, ومنه في العالم العربي والإسلامي, ويقبل بناء على ذلك بالتحاور معها؛ ليتسنى له قدر من المشاركة السياسية, ضمن الشروط, والسقف السياسي الواقعي المتاح. وهذ الفريق يسمح لنفسه أن يغض الطرف والعقل عن العداوة الفعلية التي تتورط بها السياسية الأميركية في العراق وأفغانستان والنوايا والمخططات التي تعلنها, غير بعيدة عن وجهة النظر الإسرائيلية والأهداف الخبيثة لها. كما هو حال بعض الإسلاميين في مصر والعراق وسوريا.
3- اتجاه ثالث يعادي أميركا فكريا وثقافيا, ولكنه يمارس ذلك في هامش لا يثير حكاما يعقدون مع الإدارة الأميركية تحالفات وصداقات, كما هو الحال في السعودية ودول الخليج.
4- ثم هناك اتجاه تقليدي يمثله علماء السلطة الرسميون, والسائرون على نهجهم, وهم الذين يعطلون في الإسلام مضامينه السياسية, وأفكاره التغييرية, ويتعاملون معه بانتقائية مُدَجَّنة.
وأميركا نفسها ليست سواء في نظرتها للإسلام, وإن كان الحديث الآن عن المحافظين الجدد الذين يستحوذون على القرار السياسي, فإن ثمة مؤسسات بحثية, ومنها "راند" التي أوصت دراستها الشهيرة بأن تشرع الولايات المتحدة في بناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين, وأن يكون ذلك جزءا من الاستراتيجية الأميركية الشاملة حول هذا الملف.
كما أوصت ببناء شبكة دولية لربط اللبراليين والمعتدلين الإسلاميين حول العالم, ووضع برنامج محدد لتطوير أدواتهم وإمكاناتهم.

وقد بدأت فعاليات أميركية السير نحو التقارب مع هذا النوع من " الإسلاميين" الذين يتبنون" الخطاب الإسلامي الديمقراطي المدني" الذي يعمل ضمن الدولة القطرية؛ ما يعني نزع الصفة الإسلامية عن الحكم, وإقامة حكم مدني يتم فيه التداول للسلطة بين جميع الأحزاب والقوى السياسية, تحت سقف الدولة المدنية, والمؤسسات الديمقراطية التي تستند إلى سلطة الشعب, لا إلى سلطة النص الشرعي, أو الأحكام الفقهية التي يستنبطها العلماء من مصادر التشريع في الإسلام؛ ما يفضي ببساطة إلى إفراغ الإسلام من مضمونه.

فكان المفترض في المُحاور الذي أنكر وجود صدام بين أميركا والإسلاميين أن لا يتجاهل هذه الحقائق؛ كما أقر الزعاترة بوجود حركات وأحزاب من المحسوبين على العمل الإسلامي متورطة في العمالة لأميركا, وما كان من اللائق به أن يسمح لفكره الخاص, أن يؤثر في توصيف الظاهرة.

هذا, ولا يُسوَّغ الطابعُ التثويري في البرنامج أن يوضع الإسلام بصراحة, أو بمواربة موضع المحاكمة, أو الاتهام, كما ليس من الإنصاف, ولا الحياد, فضلا عن مراعاة مشاعر جماهير واسعة من المسلمين أن يتم تعميم الوصف عليهم بالتملق لأميركا, أو الاستخذاء لها, وهم الذين يواجهون حربا معلنة على دينهم, ومقدساتهم ورموزهم, تقوده أميركا, أو تمثل داعما له, وغطاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية