الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ثقافة الكراهية 00 البعد الاخر
فاضل عباس
(Fadhel Abbas Mahdi)
2008 / 2 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
نتفق تماماً مع ما جاء في محاضرة د. عبدالحميد الانصاري تحت عنوان »المفاهيم الدينية ومستقبل التسامح الانساني« من تحليل وتشخيص لظاهرة الإرهاب والتطرف، والتي نظمتها جمعية المنتدى البحرينية ، ولكن في تقديري أن د. الانصاري قد ذكر في محاضرته نصف الحقيقة وتجاهل النصف الآخر بقصد أو بدون قصد، وكذلك أورد العديد من المصطلحات التي وضع لها مفاهيم ناقصة تحتاج إلى إكمال، ومن هنا يمكن لنا أن نورد بعض الملاحظات على ما جاء في المحاضرة:
أولاً: يقول د. الانصاري بان ثقافة الكراهية هي توليفه من عنصرين، هما: »التكفير والتخوين« فإذا كان التيار الديني يكفر، فان التيار القومي يخون في ادعائه الشمولي، وهنا يجب علينا ملاحظة أن د. الانصاري قد ظلم التيار القومي وحمله مسؤولية الفشل السابق بأكمله، وكذلك وضع مفهوماً للتخوين مجتزأ ومبتوراً، حيث إن ثقافة التخوين ليست حكراً على التيار القومي، ولم يبتدعها القوميون العرب، فجميع التيارات والأحزاب السياسية في الوطن العربي مارست التخوين، فالشيوعيون قد انقسموا نتيجة التخوين إلى بلشفيك ومنشفك وتروتسكيين وستالينين وغيرها، وكذلك الآن التيار الليبرالي يعيش انقساما بين الليبراليين المفرطين في موالاة الأنظمة العربية والليبراليين المعارضين للأنظمة العربية، وقد وصلت الأمور إلى حد التخوين. ففي كل تنظيم وفكر ودين يوجد تخوين ومن ثم فان ربط التخوين بالتيار القومي ومن ثم ربطه بثقافة الكراهية هو تحليل غير كامل.
ثانياً: بخصوص ما ذكره د. الانصاري حول ثقافة الكراهية من كونها نتاج التخوين والتكفير، وتركيزه خلال المحاضرة على دور الأحزاب العربية، وهو ما يعني أن تتحمل التنظيمات والأحزاب القومية والدينية المسؤولية عن هذه الثقافة، فهذا يمثل في الحقيقة تشخيصاً لطرف واحد من المعادلة أو ما يمكن أن نطلق عليه تحليلاً أحادياً لثنائية الهزيمة في المشروع العربي، فبالإضافة إلى دور ومسؤولية هذه الأحزاب والحركات يوجد أيضا وبنفس القدر من المسؤولية - إن لم يكن اكبر - دور لعدد من الانظمة العربية، وهنا يجب ان نوضح أن مسؤولية الأحزاب الشمولية في انتشار الإرهاب والتطرف لا تقتصر على القوميين - كما يذكر الانصاري - بل تتعداها إلى جميع التنظيمات الشمولية ، واما بالنسبة للطرف الآخر من المعادلة وهو دور الأنظمة المستبدة والشمولية والتي تسيطر على كل شيء في العالم العربي من إعلام وتربية وتعليم، فهي تعتبر عاملا مهما في ترسيخ ثقافة الكراهية أو تغذية التطرف داخل المجتمع العربي، وذلك عن طريق قيام هذه الأنظمة بتغذية المشاعر الطائفية، بل ودعم الحركات الإسلامية المتطرفة والطائفية التي تحدث عنها الانصاري وتسليمها مقاليد وزارات مهمة كالتربية والتعليم والاعلام ومؤسسات مجتمعية، بل وحتى السلاح في بعض الأقطار العربية، كما أن هناك مسؤولين ووزراء يحملون ثقافة الكراهية.
ثالثاً: إن العوامل التي ذكرها الانصاري حول أسباب نشوء الفكر المتطرف في الساحة العربية وبخاصة الخليجية وهي التيار التكفيري وتيار الإسلام السياسي والتيار القومي هي عوامل لا خلاف عليها، ولكن السؤال كيف نشأت التيارات التكفيرية في الساحة الخليجية؟ أليس الجزء الأكبر من هذه التنظيمات التكفيرية تعمل بدعم من بعض الأنظمة، بل وتستخدمها هذه الأنظمة في صراعاتها المختلفة والصراعات السياسية وتستخدمها في تحقيق مصالحها، وفي محاربة المعارضين لها خصوصاً وأن هذه الأنظمة تملك الأموال، وهي من تمنع أو تسهل الأمور.. فإذا كنا مقتنعين بان أفغانستان كانت واحدة من أهم البيئات التي زرعت الإرهاب في العالم، أليست أنظمة عربية عديدة ومشايخ دين روجوا لذلك وأصدروا الفتاوى بمباركة بعض الأنظمة، ومن هنا فان التغافل عن هذا العامل الرئيسي يضيع الجزء الأكبر من الحقيقة.
لذلك أقول للدكتور الانصاري إن الشعب العربي في مختلف الأقطار العربية، قد ابتلي بثنائية القمع والكراهية والإرهاب والقتل خارج القانون، وهي هذه الأحزاب والحركات التكفيرية وبعض الأنظمة العربية التي حولت دولها إلى سجون كبيرة، تمارس فيها كافة أنواع الإرهاب والقتل وتضيع فيها الحريات وحقوق الإنسان، لذلك فمشكلتنا مع هذه الثنائية وليس مع هذه الأحزاب التكفيرية فقط. ومن هنا فان التيار الليبرالي العربي بحاجة إلى أن يحفظ توازنه بمواقف تعبر عن جوانب فكرية وسياسية صحيحة كما هي مبادئ الليبرالية في الغرب، ولذلك فليس مقبولاً أن تكون أطراف في التيار الليبرالي موالية للأنظمة على الرغم من الكوارث التي تقوم بها تلك الأنظمة ومصادرتها للحريات، مما يفقد هذا التيار البعد الشعبي في عمله السياسي، فنحن بحاجة إلى تيار ليبرالي يحقق أيضا البعد الآخر، وهو مواجهة هذه الثنائية الخطيرة على المجتمعات العربية وهي الأحزاب والحركات المتطرفة والأنظمة الشمولية والفاسدة في الوطن العربي.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح
.. طفل فلسطيني ولد في الحرب بغزة واستشهد فيها
.. متظاهرون يقطعون طريق -أيالون- في تل أبيب للمطالبة الحكومة بإ
.. الطيران الإسرائيلي يقصف محيط معبر رفح الحدودي
.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية