الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول التوجه لأستصدار قانون للنفط والغاز في العراق

اكرم سالم
(Akram Salim Hasan Al-janabi)

2008 / 2 / 29
دراسات وابحاث قانونية


سربت خلال كانون الثاني من العام الماضي 2007 مسودة قانون النفط والغاز مترجمة للعربية عن النسخة الأصلية الانكليزية ، وكما هو واضح ان هذه المسودة تختلف ولا تتطابق مع النسخة الأصلية في بعض الجوانب التي تفيد الدقة وترقيم المواد والفقرات ، وهي جوانب لايستهان بها . كذلك تبين من خلال السياق وكما اكد بعض المطلعين ان هنالك ثلاثة ملاحق اشارت اليها مسودة القانون عرضا ولكنها لم تكشف ، عدا عن ان النسخة الانكليزية لاتتضمن تلك الملاحق .
من الغريب ان يتم التعامل مع مشروع هذا القانون وكأنه قانون اعتيادي بالرغم من ان النفط يشكل اكثر من 90% من واردات العراق المالية ، وهو عصب حياة العراقيين وحياة ابنائهم ومصير اجيالهم المقبلة ، اذ هو المادة الاستراتيجية الاولى التي لاتعادلها مادة او سلعة اخرى ولا توازيها اهمية وحيوية من جميع الوجوه وعلى جميع الصعد . ولذلك يتطلب التعامل مع هذه الثروة النفطية بصيغة استراتيجية تخص المصالح العليا الوطنية للشعب العراقي ، من خلال خطة مدروسة شاملة ذات غايات واهداف تاريخية على الأمد البعيد وضمن رؤية مستقبلية تلتقي مع حلم اجياله وبخاصة الشباب المتطلعين لغد أفضل .
لذلك فأية مقاربة مع موضوع من هذا النوع والأهمية لابد ان يتجاوز تلك العشوائية التي قد تؤول الى نوع من العبثية والاضرار الفادحة . ويعني ايضا انه لابد من الغاء أي نص يتعارض مع الصيغة القانونية الوطنية الخاصة بالثروات النفطية ، منعا للفوضى والمنازعات التي تشق الصف الوطني ، وضمانا للتكافؤ في توزيع الثروة بشكل عادل على كل الشعب العراقي . وان ذلك ينطلق من مبدأ دستوري للدول البسيطة والاتحادية على الســــــواء ، وهو ( مركزية الثروة الوطنية ) ، وهو ومبدأ معروف عالميا .
لكن هذه المسودة من خلال نصوصها مثلا " الفصل الثاني ، المادة 5 ت : المجلس الاتحادي للنفط والغاز ،
اولا ... ويضم في عضويته :
4 . ممثل عن كل محافظة منتجة غير منتظمة في اقليم .
6 . ... ويراعى في تشكيل المجلس الاتحادي للنفط والغاز تمثيله للمكونات الأساسية للشعب العراقي . "
وما يهمنا هنا اقحام المكونات الاساسية للشعب العراقي في ثناياه . وذلك أمر يشجع على الفرقة والانقسام والمحاصصة ، وانه يؤكد على لامركزية التعامل مع الثروة النفطية العراقية حتى على مستوى محافظات منتجة ، من قبل جهات اشرافية فرعية غير فنية وغير خبيرة ، وهذه مســألة اخرى تؤول الى اضعاف المفاوض العراقي والحكومة المركزية . وبخاصة حينما تكون الكلمة النهائية في ذلك لهذه الجهات الاقليمية وليس للحكومة المركزية . وهو أمر يدعو للفوضى والإرباك والفساد الاداري وضياع ثروة العراق الاولى . هذه الثروة التي لاتقدر بثمن ولايؤطرها رقم ، اذ ان احتياطي العراق الثابت المكتشف حاليا حوالي 115 مليار برميل في 71 حقلا ، مستغل منها 24 بئرا ، وقد يصل الاحتياطي بعد اكمال التحريات الى 250 مليار برميل .
• ان الشعب العراقي لاينظر للنفط كسلعة اقتصادية وحسب انما كمستقبل ومصير وحياة وتاريخ وأرث كفاحي من خلال نضالات عظيمة خاضها ضد الاحتكارات النفطية وشركاتها الاجنبية وامتيازاتها الجائرة .. فأذا اراد أي طرف دولي التعاون والعمل المشترك من منطلق الشراكة البناءة مع الشعب العراقي ، فعليه ان يدخل من الابواب وإلا فأن الذاكرة الجمعية للعراقيين وما تحمله من صور بشعة للممارسات الاحتكارية النفطية في القرن الماضي ستوخز ويكون رد الفعل بشكل مكلف ومؤذ لأصحاب الامتيازات الجديدة . وكلنا يتذكر كيف وقع القانون رقم 80 لسنة 1961 الذي أمم جميع الاراضي غير المستغلة من قبل الشركات النفطية الاحتكارية في حينه ، وما هي ظروف توقيعه من قبل الزعيم عبد الكريم قاسم الذي أبى الا ان يوقعه بالرغم من التهديدات الحمقاء من تلك الاحتكارات ومن السفارة البريطانية وشروعها بالأعمال الانقلابية . فمن منا لايتذكر ذلك القانون والتظاهرات الدموية والشهداء الذين سقطوا من اجل اتمام هذا القانون الخالد ومن ثم منع الالتفاف عليه والاجهاز على مضامينه الوطنية .
• لذا لا نستطيع التصور ان هناك من يستطيع ادامة ما يســــــمى بقانون النفط والغاز وتفعيله فيما لو تم اقراره من قبل السلطات التشريعية بشكل او آخر . فهذا الأمر سيعني طمس تلك التضحيات وشطبها وارجاع العراق الى المربع الاول من خلال ارجاع تلك الامتيازات التي ستكون مساحتها كل اراضي العراق وبضمنها هذه المرة 71 بئرا قائما حاليا ، لتقديمها من جديد الى الشركات الاحتكارية ، عدا الغاء قرارات التأميم التي تخص جميع العراقيين ومن جميع القوميات والطوائف والاحزاب والشرائح الاجتماعية ، بشكل يسمو على الايديولوجيات والمعتقدات والسياسات والخلافات ، فقرار التأميم ملك للشعب العراقي كله وهو تتويج حقيقي وتاريخي لمسيرته الكفاحية المديدة .
• نريد ان نتساءل ما هي الذرائع والمسوغات الحقيقية التي تمنح فيها بشكل مجاني ولمدة عقود عديدة توازي نضوب النفط في باطن الارض ، حقول مثل مجنون ، وغرب القرنة ، وشرق بغداد ، وابن عمر ، والحلفاية ، والرطاوي ، والناصرية ، وطوبا ، والغراف ، والأحدب ؟
مجنون ذو 21 مليار برميل ، الذي تقدر قيمته بسعر 50 دولار للبرميل فقط حوالي 1250 مليار دولار !!! . ان كل الحقول العراقية النفطية هي حقول بكر ونفوطها لا تضاهيها النفوط الأخرى ، وكلف استخراجها مضرب للأمثال ، فهي حتى لاتحتاج الى المزيد من التطوير الاجنبي ، اذ تكفيها شركة النفط الوطنية العراقية ، وخبرات وجهود الجيولوجيين والمهندسين العراقيين .. مع اضافات مقدور عليها غالبا ، أما الهامش المتبقي فيمكن تطويره بالاســـــتعانة مع بعض الشركات العالمية بصيغ تجارية تعاقدية متكافئة ، وصيغ المقاولات الفنية ، دونما ( صيغ المشاركة في الانتاج ) سيئة الصيت ، ومنح الامتيازات التي ذقنا منها الويلات في القرن الماضي .. و الحليم لايلدغ من جحر مرتين .
ان العائد السنوي لتلك الحقول المذكورة فقط بحساب سعر 75 دولار / برميل سيكون حوالي 83 مليار دولار . هذا العائد القطاعي الثابت ، الا يستحق منا رعاية حقيقية واهتماما يتوازى مع مدلولاته الاستراتيجية والمستقبلية ؟ . فكيف نرضى اذن بأرتهانه مجددا للشركات الاحتكارية .. بل كيف نرضى لأنفسنا التعاطي العجول في هذه الظروف القاسية التي يمر بها العراق وهو يرزح في ظل وجود اجنبي ، مع مسودة قانون ملتبسة وغير متطابقة وذات ملاحق سرية مريبة .
• ان الحاجة الى مليار او مليارين او ثلاثة كل سنتين او اكثر لايسوغ ابدا ارتهان كامل الثروة النفطية وبعثرتها او وهبها للكونسرتيوم المتعدد الجنسية ، فذلك غير منطقي وغير معقول ، فماذا تشكل هذه المليارات البائسة نسبة لحقول مثل مجنون او الأحدب وغيرهما وغيرهما ؟
• ان تصريحات مدراء شركات نفطية عملاقة مثل هاليبورتن وكونكوفيليبس وشيل وغيرها كانت وما تزال تهدف الى الاستحواذ على النفط العراقي وعلى مقدراته وبأي شكل ويمكن الرجوع لتلك التصريحات المتكررة منذ سنوات حتى الوقت الراهن . فمن ذلك ما قاله آر . جي . دنهام مدير الشركة النفطية الاميركية العملاقة كونكوفيلبس عام 2002 على ما اتذكر " نحن نعرف اين تقع افضل الحقول النفطية العراقية وننتهز الفرص للحصول عليها " وكذلك تصريح مدير شركة شيل " اننا نهدف الى وضع وحضور مادي في العراق " .. الا يدعونا ذلك الى أخذ العبرة واستخلاص الدروس والتحوط من اجل مصالح العراق الوطنية العليا ومصالح اجياله .. كل اجياله ؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمين العام للأمم المتحدة: نحث الأطراف بقوة على التوصل لاتف


.. اعتقال مرشحة للرئاسة الأمريكية في احتجاجات داعمة لغزة




.. نشرة الرابعة | اتفاقيات سعودية أميركية -قريبا-.. وعمليات -سع


.. سيناريو إصدار مذكرة اعتقال دولية بحق نتنياهو




.. سباق مع الزمن لتفادي المجاعة في قطاع غزة • فرانس 24