الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألخلفية الحقيقية لانتخاب الشيوعي كريستوفياس رئيسا لقبرص!

احمد سعد

2008 / 3 / 3
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


لم يكتسب الحزب الشيوعي القبرصي مصداقيته من جراء صحة منهجه ونهجه السياسي الكفاحي فحسب، بل كذلك اكتسبت المصداقية ايضا سياسته الاقتصادية الحكيمة، فللكفاح ثمن وتكلفة لتغطية العديد من النفقات الضرورية
الانتصار الذي حققه الشيوعيون والشعب القبرصي في مطلع هذا الاسبوع بانتخاب القائد الشيوعي ديمتريس كريستوفياس رئيسا لجمهورية قبرص، يعتبر مكسبا سياسيا هاما له مدلولاته السياسية الهامة على النطاق الوطني المحلي القبرصي وعالميا بالنسبة لجميع القوى الثورية والتقدمية التحررية المناضلة ضد الامبريالية والرجعية ومن اجل التحرر والتقدم والدمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وبصراحة فان انتخاب الشيوعي كريستوفياس رئيسا للدولة رغم "فقعان" مدبرة دبابير قوى اليمين وارباب الاحتكارات المحليين والاجانب وقوى الامبريالية واعلامها الذين ركزوا على تصعيد حملة تخويف من ان انتخاب شيوعي سيخلق مصاعب بالنسبة لموقع قبرص في اطار الاتحاد الاوروبي وللاستثمارات الاجنبية المرتقبة في الاقتصاد الاوروبي وبالنسبة لقضية قبرص الكبرى، قضية الوحدة الاقليمية والوطنية للشعب القبرصي ومواجهة انقسام الجزيرة من جراء الاحتلال التركي لحوالي ثلث مساحة الجزيرة حيث تسكن الاغلبية التركية القبرصية.
رغم كل ذلك، لم افاجأ من انتخاب الرفيق الشيوعي كريستوفياس رئيسا، فهذا الحدث الهام لم يكن حادثا طارئا او وليد الصدفة، وقد استمعت شخصيا الى احتمال ترشيح كريستوفياس لرئاسة الجمهورية من فم عدد من المسؤولين الحزبيين القبارصة، وذلك اثناء مشاركتي قبل سنتين في مؤتمر حزب اكيل (الحزب الشيوعي القبرصي) الذي اعاد انتخاب رئيس البرلمان القبرصي امينا عاما للحزب، وتقدير الرفاق حول الاحتمال المرتقب كان مبنيا على وقائع ومعطيات تشير مدلولاتها ان الحزب الشيوعي القبرصي اصبح بمصداقية منهجه ونهجه الكفاحي عبر عشرات من السنين القوة الاكبر جماهيريا، والمؤهلة لقيادة مسيرة التطور. والحقيقة هي ان الحزب الشيوعي القبرصي (أكيل) من الاحزاب الشيوعية والعمالية الثورية القليلة نسبيا في عالمنا التي لم تهتز قوائمها وركائزها الفكرية والسياسية والتنظيمية والجماهيرية من جراء العاصفة المدمرة التي ادت الى انهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي والانظمة الاشتراكية في اوروبا الشرقية. الحزب الشيوعي القبرصي من الاحزاب الشيوعية القليلة نسبيا التي لم تضعف قوتها بسبب الزلزال الذي اصاب الحركة الثورية العالمية من جراء انهيار نظام سند الشعوب المناضلة الاتحاد السوفييتي وحلفائه، بل العكس هو الصحيح ازدادت قوة هذا الحزب بزيادة عدد رفاقه واتساع دائرة نفوذه بين جماهير الشعب القبرصي، والسر في زيادة قوة ونفوذ الحزب الشيوعي القبرصي يعود الى عدة عوامل واسباب في مقدمتها تمسك الحزب وقيادته الحكيمة، بمبادئه كحزب ثوري ماركسي – لينيني يناضل ويسعى لتغيير الواقع في جزيرة قبرص انطلاقا من الواقع القبرصي ومعالجة قضاياه بشكل يخدم المصالح الحقيقية للشعب القبرصي وتطوره باتجاه خلق الظروف المؤاتية لبناء مجتمع العدالة الاجتماعية. بهداية المنهج الجدلي الماركسي على ساحة التطور والصراع، اتقن الحزب الشيوعي القبرصي وظيفته الاساسية كحزب ثوري عليه الالتصاق بالجماهير، بمختلف الفئات الاجتماعية المظلومة، بالعمال والفلاحين ومختلف الكادحين وغيرهم، التعرف على قضاياهم وهمومهم والدفاع عنها، ان يبني الحزب برنامجه الكفاحي، استراتيجيته وتكتيكه، انطلاقا من معطيات الواقع المتغير وما يفرز من مستجدات وظواهر وقضايا تحتاج الى بلورة الموقف من الحزب الشيوعي. فالحزب الشيوعي القبرصي له تاريخه النضالي المجيد، ففي معركة التحرر الوطني لتحرير قبرص من براثن الاستعمار البريطاني كان الشيوعيون القبارصة في طليعة المناضلين من اجل الاستقلال الوطني وفي حركة الجبهة الوطنية للتحرر برئاسة خالد الذكر الاسقف مكاريوس اول رئيس لقبرص المستقلة. وللشيوعيين القبارصة دور ريادي في بلورة واقامة العديد من النقابات العمالية والطلابية والفلاحية.
والواقع يؤكد ان الحزب الشيوعي القبرصي تحول الى عنوان الجماهير الشعبية الواسعة التي يدافع عن قضاياها المطلبية والمعيشية ومواجهة مختلف اشكال التمييز والاضطهاد والقهر الرأسمالي الاستغلالي. ويمتاز الحزب الشيوعي القبرصي بهويته وسياسته الاممية التي تدافع عن المصالح الوطنية الحقيقية للشعب القبرصي بيونانييه القبارصة واتراكه القبارصة. ويقف الحزب الشيوعي القبرصي في الصف الامامي للقوى القبرصية المناضلة لاعادة وحدة الجزيرة وانهاء الاحتلال التركي الغاشم لشمال قبرص حيث تقطن الغالبية التركية القبرصية.
ان التصاق الحزب الشيوعي القبرصي بقضايا الجماهير الشعبية جعله اهلا لثقتها وتأييدها، ولهذا ليس من وليد الصدفة انه في الانتخابات البرلمانية يزداد طرديا في كل معركة انتخابية التأييد للحزب حيث اصبح يشغل المكان الاول في عدد الاصوات التي يحصل عليها، اكثر من ثلث عدد المصوتين يمنحون اصواتهم للحزب الشيوعي. وفي الدورتين السابقتين للدورة الحالية كان الشيوعيون في مركز التحالف السلطوي الائتلافي مع احزاب دمقراطية وليبرالية ضد قوى اليمين واشغل الشيوعيون مسؤوليات هامة في الحكومة، فالرفيق كريستوفياس شغل مسؤولية وزير الخارجية قبل دورتين ورئيس البرلمان في الدورة المنتهية ورفاقه وزارتي الداخلية والعمل والرفاه الاجتماعي، وما يعكس اتساع دائرة الحزب الشيوعي جماهيريا ان اكثر من ستين في المئة من ادارات البلديات والمجالس المحلية في قبرص برئاسة الشيوعيين وتحالفاتهم الدمقراطية. ولهذا ليس صدفة ان يقود هذا الارث الكفاحي المتراكم والمتواصل الى تقديم ثقة الشعب القبرصي للحزب الشيوعي وقائده باعتلاء كرسي رئاسة الدولة.
ولم يكتسب الحزب الشيوعي القبرصي مصداقيته من جراء صحة منهجه ونهجه السياسي الكفاحي فحسب، بل كذلك اكتسبت المصداقية ايضا سياسته الاقتصادية الحكيمة، فللكفاح ثمن وتكلفة لتغطية العديد من النفقات الضرورية، تغطية نفقات الاعلام والمحترفين الثوريين وتنظيم النشاطات الجماهيرية من مظاهرات وغيرها، والاعتماد فقط على اشتراكات العضوية وحده لا يكفي. كما لم يعد كافيا في ظل سوق المنافسة الرأسمالية، الاعتماد فقط على الحملات المالية من التبرعات الجماهيرية. وللحزب الشيوعي القبرصي تقليد نموذجي يعكس مدى علاقته الوثيقة بالجماهير الواسعة عن طريق الحملات المالية من التبرعات. ففي كل سنة تخصص نقابة الصيادين عددا من الايام، حيث تقدم ما تصطاده من اسماك في هذه الايام "اثمانها"، تبرعا للحزب الشيوعي القبرصي. ولكن اضافة الى تلك فقد انشأ الحزب الشيوعي شبكة اقتصادية لتمويل نشاطه واعالة آلاف العائلات القبرصية، انشأ العديد من المجمعات التجارية (سوبرماركيتات) والفنادق والمشاركة في شركات مساهمة صناعية (صناعة البيرة وغيرها) ووكالات تأمين وشركات سياحة اضافة الى عقارات تابعة للحزب من مقرات ونواد وحتى فرق رياضية.
ويشغل الحزب الشيوعي القبرصي (أكيل) مكانة محترمة ومرموقة داخل الحركة الشيوعية العالمية وحركة التحرر القومي العالمية. فمعروف عنه انه حزب مبادر ونشيط في مساعيه ومبادراته الخلاقة لوحدة وتضامن وتصاعد عمليات الكفاح التضامني المشترك للقوى الثورية في عالمنا، من اجل وحدتها النضالية ضد الامبريالية العالمية ووحشية الطابع الهمجي للعولمة الرأسمالية، وخاصة للامبريالية الامريكية. فبمبادرة الحزب الشيوعي القبرصي وبتنسيقه مع الحزب الشيوعي اليوناني عقدت منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عدة لقاءات دولية على الارض القبرصية بمشاركة احزاب شيوعية وعمالية وحركات تحرر وطني بهدف رص الوحدة الكفاحية ضد اعداء الشعوب والانسانية. واذكر انه في العشر سنوات الاخيرة شاركت شخصيا في ثلاثة لقاءات دولية في قبرص حول "ظواهر ومعالم العولمة والنضال ضدها" و"منطقة حوض البحر الابيض والنضال لجعلها منطقة مجردة من السلاح النووي ومن سباق التسلح" وطاولة مستديرة حول "التضامن مع الشعب الفلسطيني – حقه في التحرر من الاحتلال واقامة دولته المستقلة" والتي اختتمت بمظاهرة شعبية نظمها الحزب في نيقوسيا العاصمة. ومعروف عن مواقف الحزب الشيوعي القبرصي والشعب القبرصي في تعاطفهم وتضامنهم مع الكفاح العادل للشعب العربي الفلسطيني من اجل انجاز حقه الوطني في الحرية والاستقلال الوطني.
ومن كل ما تقدم فاننا لا نبالغ في تقييمنا ان انتخاب الشيوعي كريستوفياس رئيس لجمهورية قبرص العضو في الاتحاد الاوروبي يعتبر مكسبا لجميع القوى التقدمية في عالمنا و"خازوقا" في نعش دعاة "الشيوعية ماتت".









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو