الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الفائدة بعد ان يوضع كل البيض في السلة الامريكية

عزيز العراقي

2008 / 3 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


الكثيرون يحملون المسؤولية فقط على الاداء البائس للحكومة العراقية في تفاقم الازمات , ويتسترون على الاسباب التي جاءت بها, ويطالبونها بخطوات اكثر جرءة ووضوح في حل هذه الاشكالات , والوقوف بوجه سلطات الاحتلال التي تريد تحديد المسارات العراقية وفق التوجهات الامريكية , مثل تحديد فترة وجود الجيش الامريكي , وتحديد صلاحياته التي تفوق صلاحيات الحكومة العراقية , وما يجب ان يكون عليه العراق في اقليمه , او في الشبكة الدولية التي تضفرها اميركا بعد انفرادها بزعامة العالم , والاهم ما ستثبته من بنود في الاتفاقية المنوي عقدها مع العراق . ولاشك ان هذه الاتفاقية ستكون الاهم في تاريخ العراق , وستتحكم بمصيره ومصير ابنائه لعدة عقود اخرى , وقد جاء الاعلان عن البدء بوضع اسسها عبر دائرة فيديو لغرض تصوير ( قلة اهميتها ) , واعتبارها حدث يومي عادي , لاتستحق مناقشته اكثر من دردشة على فنجان قهوة عبر دائرة فيديو بين ( صديقين حميمين ) بوش والمالكي . واذا كانت هذه البداية , فما الذي سيثبته الامريكان في هذه الوثيقة التي سيوقعها العراقيون بأيديهم ؟!

ما من شك ان الادارة الامريكية حددت توجهاتها في العراق قبل البدء بأجتياحه , واصرارها على عدم مشاركة الاطراف الوطنية في عملية اسقاط النظام الصدامي - رغم وجود الامكانيات الجيدة مثل قوات البيشمركة - التي تستطيع ان تساهم بشكل فعال وتوفر بعض الجهد للجيش الامريكي . الا ان اصرار الامريكان كان لمنع القيادات السياسية العراقية من التحكم بالمسارات الكبيرة لتوجه لعراق , واشغال هذه القيادات بالصراعات على السلطة , بعد ان تؤجج اكثر نوازعها القومية والطائفية . والاهم , هو ابعادها عن الاعمال التي تحفز الانتماء للمشروع الوطني المشترك , والمشاركة في اسقاط النظام سيدفع الكثير من هذه المكونات لممارسة عراقيتها , والمشروع الامريكي يرفض ممارسة القيادات العراقية ل(عراقيتها ) حتى ولو بدافع انتهازي . ويحاول بقدر المستطاع ان يبقيها داخل قفص السلطة, المحاك بالانتخابات , وكتابة الدستور , والسكوت عن الفساد والسرقات , والانشغال بكسب النفوذ عبر الصراع على صلاحيات الاقاليم والمحافظات , ويعدم او لايعدم علي كيمياوي وجماعته ...الخ .

كان يمكن للامريكان ان يوضحوا رغبتهم للقيادة القومية الكردية بعدم الاندفاع في تأجيج المشاعر القومية التي تغذي نزعة الاستقلال , وتخلق اختلالات لكيانات حلفائها في المنطقة , ولنفس السبب عدم موافقتها بضم كركوك لاقليم كردستان . الا ان هذا التوضيح لو حدث بشكل مباشر فأنه سيحفز القيادة الكردية لايجاد بديل تستند عليه لتحقيق بعض طموحاتها القومية , ولايوجد مثل هذا البديل في دول الاقليم , بل في المشروع الوطني وهو ( اضعف الايمان ) . واكتفت اميركا كما ظهر لاحقاً بتحريك الحليف التركي , لمنع فيض التطلع الكردي خارج ضفاف المصلحة الامريكية . ومن جهة اخرى , كان يمكن لللامريكان ان يستفيدوا من فضيحة سرقة النفط العراقي من قبل النظام الايراني , وتحويله الى مشكلة جديدة يمكن عرضها على مجلس الامن لزيادة تكبيل النظام الايراني بأتهامات دولية , ووضعه في خانة تزيد من ضعفه . الا ان تأجيج هذه المشكلة سيرفع المناسيب الوطنية للجماهير العراقية , وستكون القيادات السياسية مجبرة على الاصطفاف في المشروع الوطني , وهذا ما لايريده الامريكان .

ان التعويل على الحكومة العراقية وقيادات الاحزاب السياسية , او الامل في اشراك هيئة الامم المتحدة , في انصاف واقرار الحقوق العراقية عند التوقيع على الاتفاقية المزمع عقدها بين امريكا والعراق , سيبقى مجرد امل ما لم يتم النهوض بالمشروع الوطني الذي ينظم ويحفز العمل لانصاف حقوق العراق , في هذه الاتفاقية او في غيرها من المسارات العامة . والمشكلة هي في كيفية النهوض بالقيادات السياسية العراقية الفاعلة بعد ان انحدرت من طابق الوطنية التي كانت تدعيه قبل سقوط النظام , وتمترست في دهاليز منجزاتها القومية والطائفية .

ان الامريكان لن يسمحوا بأعادة بناء المشروع الوطني العراقي قبل ان يتم لهم توقيع الاتفاقية بالشكل الذي يريدونه . وبعدها , سوف لن يكون للمشروع الوطني ذات القيمة , ولن يحقق اكثر من المحافظة على وحدة عراقية شكليةهشة , لاتمتلك ادوات تنشيط انتمائها الوطني , ولاتجد ضرورة في ذلك , بعد ان يوضع كل بيضها في السلة الامريكية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اطفال الشطرة يرسمون لغزة


.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا




.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ


.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت




.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا