الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خصخصة الرياضة وهروب عصام الحضري

إلهامى الميرغنى

2008 / 3 / 3
عالم الرياضة


منذ اتخذت الدولة المصرية من الخصخصة سياسة وتوجه اقتصادي وجموع المصريين تعاني في كافة المجالات والرياضة تجسيد حي لهذه السياسة ، فبعد أن كانت الرياضة تعتمد علي الهواية بشكل رئيسي تحولنا إلي الاحتراف وبالتالي لم يصبح لدينا مفهوم انتماء لنادي محدد ولكن الانتماء للنادي الذي يدفع أكثر ، لذلك رأينا حسام حسن ينتقل من الأهلي للزمالك ورأينا عصام الحضري يهرب للبحث عن فرصة لمن يدفع أكثر وضاع الانتماء والروح الرياضية أمام اقتصاديات السوق الحرة المتوحشة التي يسيطر فيها الجنيه والدولار علي كل قيم المجتمع.

لقد تحولت الأندية الرياضية إلي بوتيكات وشركات وارتفع مقدم الاشتراك من 35 ألف جنيه في بعض الأندية ليتجاوز 100 ألف جنيه وكله عرض وطلب ومن لا يملك هذه المبالغ من أبناء الطبقة الوسطي فليس أمامه سوي الشارع ليمارس أولاده الرياضة فهذه هي قيم السوق الحرة.

بالغت الحكومة في التضخيم من قيمة انتصار الفريق القومي في غانا والمشكلة أكبر وأعمق ففي ظل اقتصاد السوق الرأسمالي انخفض الإنفاق علي الرياضة وتحولت ملاعب المدارس إلي فصول وانتهي عصر الرياضة في التعليم ومن يريد ملاعب يبحث عن مدرسة من التي تصل مصاريفها إلي عشرات الآلاف سنوياً وبها حمام سباحة ومضمار خيول.

من المؤكد أن كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبية والأكثر جماهيرية في العالم كله وليس في مصر فقط ولكن كم من الشباب الموهوب لايجد طريقه للشهرة والأضواء وكم عدد اللاعبين المشهورين بالنسبة لعدد اللاعبين المغمورين ؟! لقد تحولت ملاعب كرة القدم إلي معارض للتسويق حوائط الملعب والاستاد وفانلات اللاعبين وحتى أحذيتهم الرياضية. ولعلنا نذكر ما فعله زيدان بحذائه وما أتضح من أن ذلك جزء من اتفاقه مع الشركة المنتجة لهذه الأحذية فهذه هي قيم السوق الرأسمالي.

رغم ما تحظي به كرة القدم إلا أنها لعبة من عشرات اللعبات الرياضية التي تعاني من غياب الاهتمام الإعلامي والنجومية ، واتحدي أن نجد من يعرف أسماء فريق الكرة الطائرة في الزمالك أو فريق كرة السلة في الأهلي ولن أتحدث عن الأندية الأقل شعبية. ثم متي شاهدنا بطولات لألعاب القوي أو السباحة أو المصارعة؟!

هل يمكن أن تزدهر الرياضة في ظل اقتصاد السوق الرأسمالي ؟! قديماً تعلمنا أن العقل السليم في الجسم السليم ولكن مع خصخصة الرياضة والبشر أصبحنا نتحدث عن انتشار التقزم بين الأطفال المصريين وانتشار الأنيميا وسوء التغذية وعودة السل والملاريا وفق إحصاءات منظمة الصحة العالمية.كيف ننشئ جيل رياضي في ظل وصول سعر البيضة إلي 60 قرش وكيلو اللبن إلي 4 جنيهات وغياب الوجبات المدرسية وحد أدني للأجور ثابت منذ عام 1984.

لدينا نحو 4.549 مركزا شبابيا يعاني الكثير منها من نقص الموارد والإهمال وتخصص لهم الدولة 37.5 مليون جنيه كإعانات بواقع 8.2 ألف جنيه لكل مركز أي 687 جنيه شهرياً هل تكفي مكافآت أم شراء أجهزة ؟!! وأي رياضة يمكن أن تزدهر في ظل هذه المعاناة؟! لقد عرض فيلم التجربة الدانماركية بشكل كوميدي لمركز شباب في قرية من ريف مصر ورغم المبالغة إلا أن الوقع مؤلم ومرير أكثر.

إن الخصخصة لم تحدث انتعاش رياضي وتفريخ للاعبين في مختلف اللعبات والنجاح الذي حدث هو نجاح جزئي نتيجة وجود فريق توفرت له الإمكانيات واستطاع تحقيق النجاح ولكن كم من فريق رياضي لايجد ملاعب للتمرين ، وكم من موهبة رياضية لا تملك ثمن الملابس الرياضية والأحذية ذات الماركات العالمية. في زماننا القديم كنا نشتري حذاء رياضي من باتا سعره 19 قرش والآن يتجاوز سعر الحذاء الرياضي سعر سيارة في الستينات. هل يمكن لهذا المناخ أن يؤدي لتنمية الرياضة ؟!

لقد سبق ورأينا البطل الأوليميى كرم جابر وهو يمر بتجربة مشابهة لما فعله عصام الحضري وهو ليس بمستغرب في ظل السوق الرأسمالي وخصخصة الرياضة وإعلاء قيم الدولار علي أي قيم أخري.

يوجد تنظيم للسوق الرياضي العالمي من خلال الاتحاد الدولي لكرة القدم ، الذي ينظم انتقال اللاعبين كما تنظم منظمة التجارة العالمية انتقال البضائع وكلها تجارة!!.يتهم النادي الأهلي وجمهوره وهم جزء كبير من المصريين عصام الحضري بالطمع ونكران الجميل ،بينما يتهم الحضري الأهلي بأنه يتاجر به رغم كل ما قدمه للنادي ولا يبحث عن مصلحة اللاعب ولكن يبحث عن مكاسب النادي ، ويستمر الجدل في ظل خصخصة الرياضة.

رحم الله أيام عادل هيكل وطه إسماعيل وحمادة أمام وعلي أبو جريشة والشاذلي والسياجي وعشرات اللاعبين المتميزين الذين ضحوا من أجل الرياضة التي يحبونها ولم يكسبوا شئ سوى الحب والاحترام والتي هي قيم لا معني لها في زمن الدولار والدينار، في زمن تتسول فيه مصر بفريق رياضي ويهرول المسئولين عن الرياضة للحصول علي صناديق العطايا!!

لا يمكن أن تنتعش لعبة بمعزل عن تطوير مجمل المنظومة الرياضية وعن الاهتمام بالمواهب الحقيقية في مختلف شوارع وقري ونجوع مصر، عندما تعود الرياضة للمدارس ونهتم بمراكز الشباب كمفرخة للأبطال،عندما نهتم بتقديم غذاء صحي لأطفالنا الذين أصبحوا مثل منتفشات الذرة من أكياس الطعام الجاف والوجبات السريعة.

لم يخطئ الحضري حين غلب مصلحته علي مصلحة الأهلي فهذه هي القيم التي تربي عليها.وإذا أردنا الإصلاح علينا مراجعة هذه السياسات الفاسدة من اجل عودة الانتماء الرياضي ومن أجل التنمية الرياضية بمعناها الحقيقي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس أوروبا لكرة القدم: رهان ألمانيا للخروج من أزماتها؟ | بتو


.. -الرياضة والأكل المناسب والنية الصافية-.. سامو زين يتحدث عن




.. الشرطة الإسبانية تلقي القبض على إسكتلندي أثناء ممارسته الريا


.. موعد وتفاصيل تقديم مبابي مع ريال مدريد بحضور 80 ألف مشجع




.. حملة أمريكية لإقناع كلوب بتدريب الولايات المتحدة فى كأس العا