الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أشك في هوية وانتماء قادة فلسطينيين

عماد صلاح الدين

2008 / 3 / 4
القضية الفلسطينية


بينما غفر الناس وتحديدا النخب الوطنية والثقافية العارفة بعالم السياسة والاستراتيجيا لخطيئة الراحل عرفات في الدخول في ما يسمى بعملية سلمية دون مقومات وضمانات ، أدت في النهاية إلى نتائج كارثية على صعيد القضية الوطنية الفلسطينية في نواح عدة سياسية وقانونية وأخلاقية وعميقة في صلب وحدة النسيج الاجتماعي الفلسطيني . وكان ذلك "الغفر" والتجاوز عن تلك الخطيئة السياسية بامتياز من باب أن الراحل عرفات قد اتبعها كطريقة براغماتية بهدف الحصول على الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني من يدي محتله الإسرائيلي . ثم أن التبرير الأساس لهذا التجاوز عن تلك المرحلة " الاوسلوية " السيئة الصيت مردها التجريب لأول مرة ، رغم أن المعطيات والتوقعات المستقبلية بالاستناد إلى طبيعة الاحتلال والمعطيات على الأرض المحلية والدولية وملابسات ومقدمات وشروط عملية السلام ، كانت تشير وفقا لتحليلات العقلاء السياسية والوطنية والفكرية عموما إلى مصيبة وطنية فلسطينية مستقبلا . وهذا الذي جرى حقيقة في أوضح تجلياته الأولية في كامب ديفيد الثانية 2000.

لكن غير المفهوم أبدا ، هو أن هذه الجوقة الفلسطينية الجديدة التي تتخذ من المقاطعة في رام الله اليوم مقرا لها ، لم تبدل موقفها من منهج الفشل الذي ثبت فشله منذ أوسلو وحتى آخر محاولة عرفاتية لتجريب منهج التفاوض العقيم ؛ فلاهي طرحت بديلا لهذا المنهج الفاشل ، ولا حتى في حدود الأقل من التصور بطرح تصور تفاوضي جديد يتلافى الأخطاء والخطايا السابقة لعملية تفاوض قدم فيها كل تنازل من اعتراف بإسرائيل إلى تجريم مسبق للمقاومة إلى تعهد بحفظ امن العدو ، وكل ذلك كان ولا زال دون ثمن حقيقي مقابل .

ولقد كشفت الأيام بتواليها وتحديدا منذ استدراج هذه الجوقة التفاوضية لحماس بشأن التهدئة وإصلاح المنظمة وأخيرا وليس آخرا الاشتراك في العملية الديمقراطية فيما سمي في حينها باتفاق القاهرة عام 2005 ، بان جوقة التفاوض العبثية هذه وصلت إلى مرحلة من التسليم المطلق بالمطروح التسووي الأمريكي والإسرائيلي؛ بمعنى القبول بذلك المتاح أمريكيا وإسرائيليا في حدود كيان الممزقات جغرافيا وبشريا. وهذا المتاح الأمريكي والإسرائيلي يعرف كثيرون بمن فيهم دعاة التفاوض و"غصن السلام الاستراتيجي المقدس أبدا" إنما هو جزء من التكتيك العالي في جو الإستراتيجية الأم لترحيل وتهجير من تبقى من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة في الضفة والقدس ، لتتحقق للصهاينة دولة اليهود النقية التي يطالبون العرب وعباس وفياض بالاعتراف بها . وهم بالطبع بها معترفون ، وإلا كيف هم إلى انابوليس كانوا ذاهبين أو بعدها في القدس المحتلة في لقاءات ضمت أكابر القوم و"أصاغرهم" كانوا ولا زالوا يلتقون .

هذا ليس تبليا على قيادة فتح ومن يعملون ويأتمرون بأمرها من اللواحق والزوائد وحتى النواقص ، إنما هي الحقيقة وان كانت مرة . هذا هو مشروعهم الذي لا استطيع أن اسميه سياسيا ولا وطنيا ، لان السياسة والوطنية تحكمها علوم وأصول ، وإلا فلماذا رفض المتواجدون في رام الله النهج العقلاني الوطني في إطار الاتعاظ مما هو مجرب ، "والذي يجرب المجرب عقله مخرب كما يقولون" ، لماذا رفضوا كل وثيقة أو سياق وحدة يتحدث عن أن : الشعب الفلسطيني من حقه أن يُعترف أولا بحقوقه الدنيا المتمثلة بالدولة المستقلة على جميع الأراضي المحتلة عام 67، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين ، دون أن يكون هناك تنازلات مسبقة ومن جديد حول الاعتراف بالعدو وتحقيق شرط ضمان أمنه ، والامتثال له بتجريم الذات مسبقا ومنعها من الدفاع الطبيعي عن نفسها في وجه اعتداءات محتلها الإجرامية . وثيقة أو سياق ممر الوحدة الوطنية في الحدود الدنيا المشتركة آنفا ، أمر معقول ومقبول بل هو الموقف المطلوب وفقا للمنطق الطبيعي ومنطق العلاقات الدولية والقانون الدولي ، لا بل إن من الصهاينة الإعلاميين والمفكرين من كان أكثر وضوحا من بعض فلسطينيين وعرب حينما استنكروا واستغربوا تقديم الاعتراف من جديد بإسرائيل وهي التي اعترفت بها فتح والمنظمة " منظمة التحرير " والنتيجة كانت صفر على مستوى الانجاز الوطني الفلسطيني ، و خطير جدا على مستوى الدمار الذي لحق بشعبية حركة فتح ( مضمون الكلام يعود للصحفي الإسرائيلي"داني روبنشتاين" في مقال كتبه قبل سنتين من الآن بعنوان لماذا الاعتراف بإسرائيل، هآرتس 25-9 – 2006 ؟)

ولان جوقة المستثمِرين في القضية والمستثمَرين ضدها " بفتح الميم للأخيرة " من قبل أمريكا وإسرائيل لا يسلمون إلا بما تجود به إستراتيجية التفاوض الأزلية المطلقة، فإنهم رفضوا نتائج انتخابات لا تمرر منهج وهدف هذه الإستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية الأم والمحضن ، ورفضوا كل اتفاق نظريا أو عمليا: من اتفاق الأسرى وحتى اتفاق مكة بشأن حكومة الوحدة الوطنية ، وظل شغلهم الشاغل هو كيفية التخلص من العقبة الكأداء( بنظرهم) والمتمثلة بالشرعية الفلسطينية المنتخبة في كانون الثاني 2006، باعتبارها مانعا للتقدم على خط التفاوض المشروط بالشروط الأمريكية والإسرائيلية ، حتى دخلوا في طريق إعلان الحرب على حماس في غزة في إطار الخطة الدايتونية التي أدت بهم في نهاية المطاف إلى حسم الأمر معهم وهروبهم من قطاع غزة على أيدي مقاتلي ومناصري حركة حماس .

واليوم تحاول إسرائيل تنفيذ مهمة القضاء على المقاومة التي تقودها حماس في غزة، وقد بدأت أولى فصولها منذ 27 – 2- 2008 ، وقد أدت حتى لحظة كتابة هذا المقال إلى استشهاد ما يزيد عن المائة وستة عشرة شهيدا معظمهم من الأطفال والنساء وجرح المئات مثلهم مدنيين عزل لا حول ولا قوة لهم إلا بالله ، ويأتيك رغم فظاعة هذه الجرائم وتسبب الاحتلال بها من يحمل المسؤولية لحماس أو الصواريخ ، وقبلها يطلع علينا الرئيس عباس بالإعلان بان تنظيم القاعدة في غزة يعمل جنبا إلى جنب مع حماس ، وينسى هؤلاء جميعا ، وكيف ينسون أو يجهلون، بان الاحتلال هو السبب وانه الأولى بان يزول أولا قبل كل حديث عن صواريخ أو مقاومة هي مشروعة ومباحة بموجب الشرعية الدولية التي يتغنون بها . لا يعفي الرئيس عباس وغيره في رام الله من المسئولية قولهم: أن ما يحدث في غزة فوق محرقة أو بإعلانهم عن تعليق المفاوضات مع الاحتلال ، فهذا لا يكفي ، وإنما بات مطلوبا منهم العودة إلى مطلب ضمير الشعب الفلسطيني الذي يقول لا اعتراف ولا تنازل للاحتلال أولا قبل ضمان حصولنا على الاعتراف بحقوقنا الشرعية وصيرورة ذلك واقعا وحقيقة . وهذا المطلب يجد مرجعيته في ما هو مقبول فلسطينيا في سياق الحد الأدنى من الحقوق الوطنية ، وإلا من حقي كمواطن فلسطيني ومن حق الشعب الفلسطيني كله أن يسأل عن هوية وانتماء قادة تقول معطيات سياستهم على الأرض بان القضية الوطنية تسير بسببها من سيء إلى أسوأ.

كاتب فلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل