الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضايانا العربية في ضوء الانتخابات الاميركية

محمد بن سعيد الفطيسي

2008 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ملفات وقضايا كثيرة ومعقدة سيخلفها الرئيس الاميركي جورج بوش بعد رحيله عن البيت الأبيض , لخليفته القادم على مقعد الرئاسة , أبرزها على الإطلاق الملفين العربيين العراقي والفلسطيني والملف النووي الإيراني , هذا بخلاف قضايا أخرى عديدة لم تستطع الكوادر السياسية والعسكرية والدبلوماسية في حكومة الرئيس جورج بوش الابن , من حلحلتها بطريقة تمهد لاحتوائها ولو بشكل مبدئي على اقل تقدير خلال السنوات القادمة , كقضية علاقاتها الخارجية السيئة مع الإمبراطورية الروسية العائدة بقوة الى رقعة الشطرنج الدولية , او مع التنين الصيني المنافس الجيواستراتيجي الآخر عليها , وغيرها الكثير من القضايا الدولية الحساسة العالقة , والتي ستشكل ابرز التوجهات السياسة الخارجية الاميركية خلال السنوات الأربع القادمة 0
وبالطبع فإننا حين نبدأ بتحليل مستقبل جل تلك القضايا على ضوء المتغيرات الدولية الراهنة , وتجزئتها بطريقة تساعدنا على فهم أبعادها الاستثنائية الظاهرة والخفية , حينها سيكون أمامنا ملفات خارجية ستواجهها الولايات المتحدة الاميريكية , نستطيع أن نقول عنها بكل ثقة , بأنها ملفات ذات أبعاد تاريخية ثابتة في العقيدة السياسية الاميركية , تمحورت دائما وستظل تدور حول فلك الهيمنة الجيواستراتيجية الاميركية من جهة , وهيمنة القوى الصهيواميركية من جهة أخرى , فإذا ما كان يحرك الأولى ويسيرها بشكل مستمر , المصالح الاميركية الجيواستراتيجية والجيوبوليتيكية , فان امن المستعمرة الإسرائيلية الكبرى وضمان هيمنتها في الشرق الأوسط , هو محرك المحور الثاني في ثوابت السياسة الخارجية الاميركية , وبالتالي فإننا ومن خلال فهم هاذين البعدين الرئيسيين الثابتين للسياسة الخارجية الاميركية , نستطيع فهم وتحليل اغلب سياسات الولايات المتحدة الاميركية القادمة تجاه تلك القضايا , وعلى وجه التحديد ما يمس الشرق الأوسط منها , وخصوصا مستقبل القضية العربية الفلسطينية0
وكما هو معروف من خلال استقراء صفحات تاريخ الولايات المتحدة الاميركية القديم والحديث , فقد لوحظ استعدادها الدائم والمستمر للتضحية والتفريط بكل شي , بداية من أمنها القومي الى مصالحها الإستراتيجية , ولكنها أظهرت في الجهة المقابلة تمسكها المستمر والدائم بضمان امن المستعمرة الإسرائيلية الكبرى , وبمعنى آخر , فقد كانت هذه المستعمرة السرطانية المزروعة بالقوة والدم والإرهاب في الشرق الأوسط , فوق كل المصالح الاميركية الدولية والقومية , لدرجة أننا نستطيع أن نقول مؤكدين , بان الثابت التاريخي الوحيد في السياسة الخارجية الاميركية هو ضمان امن ومستقبل إسرائيل وشعبها , وهي حقيقة تؤكدها الأفعال والتوجهات الاميركية المستمرة والدائمة على مدى سنوات , لدرجة أن نجد ذلك في كل مسامات الحياة الاميركية الاقتصادية والسياسية والدينية والاجتماعية , وفي هذا السياق يقول قسيس كلينتون , موجه خطابه الى الرئيس الاميريكي السابق بيل كلينتون " انك إذا أهملت إسرائيل , فلن يغفر لك الله ذلك أبدا 000 فان الله يشاء أن تبقى إسرائيل لشعب الله , الى ابد الأبد " 0
بل أكثر من ذلك بكثير , فقد اثبت الأحداث والوقائع التاريخية , بان الولايات المتحدة الاميركية , قد تمسكت بهذا الابن الضال – أي- إسرائيل , بالرغم من أن هذه الأخيرة قد تسببت لها بكثير من المشاكل الداخلية والخارجية , ففي واقع الأمر كانت إسرائيل سبباً " لإثارة عدة حروب ضد الولايات المتحدة الاميركية , فتاريخ الإرهاب الإسرائيلي ضد أميركا يعود الى عام 1954، ففي ذلك العام قررت إسرائيل تفجير منشآت أميركية في القاهرة والإسكندرية وتحميل القوميين المصريين مسؤولية ذلك ، إلا أن الصدفة لعبت دوراً في كشف هذه المؤامرة و إحباطها، هذه الحادثة عرفت باسم قضية لافان- الشخص الذي خطط لهذه المؤامرة ", هذا بخلاف الزج بالولايات المتحدة نفسها في جرائم الإرهاب الصهيوني في العالم ككل , ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص , وفي هذا السياق يقول ديفيد ديوك وهو عضو سابق في الكونغرس الاميركي بان " العرب يدركون جيداً بان كل قنبلة تسقط عليهم إنما هي مصدرة من أميركا، وكل رصاصة وكل دبابة وكل طائرة حربية , إنما صنعت بدولارات أميركية ، او دفعت أميركا نفقاتها، فمليارات الدولارات الاميركية هي التي مكنت الحكومة الاسرئيلية من إرعاب واغتيال العرب على مدى نصف قرن من الزمن " 0
وهكذا نفهم بان محركات السياسة الخارجية الاميركية تجاه قضايا الشرق الأوسط بشكل عام , والقضايا العربية على وجه الخصوص , توجهها وتدفعها أسس ومفاهيم سياسية وتاريخية ودينية ثابتة ومعقدة , وخصوصا حينما تتقاطع والمصالح الإسرائيلية القومية , وبالتالي فأنها من الصعوبة أن تتغير في مضمونها بتبدل الكراسي الرئاسية , او تتأثر بتوجهات او أفكار السياسيين مع مرور الوقت , فالمصالح الإسرائيلية الاميركية أمر يعد من السهل إدراكه " فإسرائيل لا تتوقف عن لعب الدور الذي حدده لها مؤسسها الروحي ثيودور هرتزل , وهو أن تكون حصنا متقدما للحضارة الغربية في مواجهة بربرية الشرق , وبرنامج إسرائيل هو تفكيك الدول المجاورة من النيل الى الفرات بمقتضى ما جاء في نشرة كيفونيم , الصادرة عن المنظمة الصهيونية العالمية , وليس هناك أفضل من ذلك ليلتقي مع أطماع السيطرة العالمية للولايات المتحدة الاميركية , ولا سيما في النقطة الأكثر حساسية لحدود الإمبراطورية الاميريكية , وهي منطقة الخليج العربي , حيث توجد أغنى منابع النفط الذي سيظل عصب التنمية الغربية " قبل نفاده خلال السنوات القادمة 0
المهم في الأمر , بان ما أردنا أن نركز عليه من خلال هذا المقال , هو أن تلك الثوابت التي اشرنا إليها سابقا , ستظل كما كانت على مدى تاريخ الولايات المتحدة الاميركية في علاقتها مع إسرائيل , وبالتالي ستبقى المتحكم الرئيسي في مستقبل العلاقة بين العرب من جهة , وإسرائيل وأميركيا من جهة أخرى , وعليه فان نجاح أي من المرشحين للرئاسة الاميركية الراهنة – هيلاري كلينتون , باراك أوباما , جون ماكين – , لن يغير الكثير في مضمون مستقبل تلك القضايا العربية او الشرق أوسطية , وخصوصا تجاه القضايا التي تمس بشكل مباشر امن ومستقبل المستعمرة الإسرائيلية الكبرى , فكلهم في نهاية المطاف سيسعون لمغازلة إسرائيل والتقرب منها , وهو ما لاحظناه من خلال جولاتهم في الولايات الاميركية , خلال الانتخابات الراهنة , ففي هذا السياق " شدد باراك اوباما الطامح لنيل ترشيح الديمقراطيين في السباق الى البيت الأبيض بتاريخ 27 / فبراير / 2008 م على دعمه الثابت لإسرائيل والعلاقات مع المجموعة اليهودية , وتابع اوباما في مناظرة تليفزيونية مع منافسته هيلاري كلينتون قوله :- إنني احظي بتأييد كبير لدى المجموعة اليهودية , والسبب في ذلك إنني كنت صديقا ثابتا لإسرائيل , - لذا فأنني اعتقد بان إسرائيل ستظل - من أهم حلفائنا في المنطقة , واعتقد بان أمنها يحظى بأولوية قصوى , كما وان باراك أوباما في كلمته أمام منظمة ايباك (American Israel Public Affairs Committee ("AIPAC" والتي قال فيها بأنه :- يجب على المجتمع الدولي العمل على وقف امتلاك إيران تكنولوجيا نووية أو تخصيب اليورانيوم ، حيث أنه من الخطر امتلاك نظام ثيوقراطي أسلحة نووية، ووصف الرئيس الإيراني "أحمدي نجاد" في كلمته بأنه "غير مبالي" و"متهور" و"غافل" عن الحاجات اليومية للشعب الإيراني 0
أما هيلاري كلينتون وهي المرشح الآخر والأقرب لكرسي الرئاسة , وفي مقال نشر مؤخرا بمجلة " نيويورك ريفيو أوف بوكس الاميركية للكاتب مايكل ماسنج فقد أشار هذا الأخير الى أن " الديمقراطيين هم المستلمون الأوائل لتبرعات المؤيدين لإسرائيل , ويواصل قوله إن "اكبر مؤيدو ايباك في إسرائيل هم الليبراليون المعروفون مثل نانسي بيلوسي و هينري واكسمن و جيرولد نادلر وهاورد بيرمان وهيلاري كلنتون , ولا تزال هيلاري كلنتون تحاول التخلص من مشاكلها مع اللوبي الإسرائيلي بعد إعلانها تأييد قيام دولة فلسطينية عام 1998 ، حيث قامت هيلاري كلنتون بعد ذلك بالتصويت لصالح جميع التشريعات التي أيدتها ايباك في مجلس الشيوخ 0
وهكذا نلاحظ جميعا بان الفرق الوحيد الذي يمكن أن نستشعره ونشهده نحن كعرب ومسلمين , بين نجاح هذا المرشح او ذاك في الانتخابات الرئاسية الاميركية الحالية , وخصوصا تجاه قضايانا العربية المصيرية , كقضية الصراع العربي الإسرائيلي , هو في نوع وكم الدعم المادي والمعنوي الذي ستحظى به إسرائيل في المستقبل , فما " ما وصلت إليه العلاقة الإسرائيلية الأمريكية اليوم , ما هو إلا تتويج لتاريخ طويل ومتجذر يجدر بنا أن نبسطه لكل ذي نظر لعله يبصر ما وراء الستار, وبدون تحفظ – نستطيع القول - بأن رؤساء أمريكا الذين عاصروا الصهيونية من ويلسون إلى بوش الابن , كلهم جزء من منظومة صهيواميريكية متشعبة ، فما أشبه الليلة بالبارحة ، ولكن الليلة أشد حلكة وسواداً " 0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تقتحم جامعة كولومبيا لتفريق المحتجين| الأخبار


.. مؤشرات على اقتراب قيام الجيش الإسرائيلي بعملية برية في رفح




.. واشنطن تتهم الجيش الروسي باستخدام -سلاح كيميائي- ضد القوات ا


.. واشنطن.. روسيا استخدمت -سلاحا كيميائيا- ضد القوات الأوكرانية




.. بعد نحو 7 أشهر من الحرب.. ماذا يحدث في غزة؟| #الظهيرة