الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في المحرقة الفلسطينية كل هذه التضحيات ... ولا زلنا نردح لبعضنا أي عار سياسي في مواجهة الدم

سائد السويركي

2008 / 3 / 4
القضية الفلسطينية


في المحرقة الفلسطينية كل هذه التضحيات ... ولا زلنا نردح لبعضنا أي عار سياسي في مواجهة الدم / سائد السويركي
التاريخ: 1429-2-26 هـ الموافق: 2008-03-03 12:44:50
منذ بداية المحرقة الإسرائيلية التي صبت حممها على رؤوس المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة ، وبدرجة أقل في الضفة الفلسطينية ، اعتاد الفلسطينيون في روتينهم اليومي على مشهد الأشلاء والدم الذي توزع في جميع شوارع وأزقة الوطن المذبوح ، الأطفال كانوا هم أبطال المشهد الدامي ، العشرات منهم كانوا في عين الاستهداف ، ونجح الفلسطينيون في استرجاع الكوابيس الماضية من خلال استعادة مشهد إيمان حجو وجسدها الممزق ، محمد البرعي صورة جديدة لم تضف الكثير للصورة سوى رقم جديد جاء في ذات السياق الإسرائيلي المتوحش ، مدعوما بفتاوى الحاخامات الإسرائيليين المدججة بتكنولوجيا الموت الذكي ، غادرت الدبابات والطائرات الإسرائيلية الساحة الغزية مؤقتا إلى حين ، وتركت للفلسطينيين الزلزال الذي أطاح بعائلات بأكملها وبيوت كانت تحتضن أحلاما فلسطينية بسيطة ومتواضعة لا تتجاوز في طموحها سوى توفير اللقمة الناشفة لليوم التالي ، مئات الجرحى والشهداء ، الذين أحدثت هذه المحرقة في حياتهم تحولا جديدا ، وكثير من الصمود والصبر في انتظار ما يمكن أن يأتي

الشعب ذكي ومخلص ... القيادات غبية
حسنا في هذا السياق كانت هناك افتراضات دائمة تشبه المسلمات أن الدم الفلسطيني يوحد الجميع ، القيادات الفلسطينية كذبت طوال الوقت ، ووجد الشعب الفلسطيني نفسه مسحوقا بين مطرقة فتح وسندان حماس من جهة ومطعونا بوجوده من آلة القتل الإسرائيلية من جهة أخرى ، وانقسم الشعب المتحد على نفسه ، بين برنامجين وحكومتين ، ونظامين سياسيين ، ورؤيتين للصراع ، وما بين هذه المتناقضات كسرت المسلمات الأخلاقية في العلاقة بين الأخ والأخ ، الصديق والصديق . وصولا إلى هذه الإستباحة المجنونة للدم الفلسطيني في إطار صراع داخلي عبثي .

مختلف استطلاعات الرأي أشارت مؤخرا إلى رغبة شعبية عارمة في الرجوع إلى التوافق والوحدة ، وأن الشعب الفلسطيني بحكمته واستشعاره لخطورة المرحلة يعرف أن استمرار التناقض المركزي بين البرامج الفلسطينية المختلفة ما كان ولم يكن ولن يكون في مصلحة القضية الفلسطينية التي باتت ضعيفة جدا أكثر من أي وقت مضى
مشروع فتح ومشروع حماس ... أسئلة للطرفين لا يمكن الإجابة عليها
منذ بداية مشروع التسوية وبالتحديد في أوسلو ، كان هناك إيمان شعبي ورسمي لدى الشعب الفلسطيني في إمكانية الوصول إلى تسوية ما لحل الصراع مع الإسرائيليين ، اتجاه عالمي دفع بهذا الاتجاه ، محمولا على رؤية قيادات تاريخية في الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ، انتهت بمأزق اغتيال رابين على الطرف الإسرائيلي ، وياسر عرفات على الطرف الفلسطيني ، وتمزق عملية التسوية بنعال الجند التوراتيين الذين أدركوا أن إسرائيل لا يمكن لها أن تغادر جلدها ، إسرائيل كيان لا يؤمن بالسلام هكذا هم بالفطرة ، وعجز الفريق الرسمي المفاوض عن الإجابة على التساؤل المهم ، هل من خيارات أخرى للفلسطينيين سوى التفاوض ثم المزيد من التفاوض ، ثم الإصرار على التفاوض بعد كل تعثر للمفاوضات ، وهل من طرق أخرى يمكن للفلسطينيين أن يسلكوها بعد كل مجزرة وبعد كل اجتياح ، القيادة الفلسطينية لم تدرك عمق التحولات في بنية المجتمع الفلسطيني الذي فقد الأمل بعملية التسوية التي تدوسها إسرائيل ببساطير الجند المتعطشين لسفك المزيد من الدماء .

أثناء عملية التسوية عانى الرحل ياسر عرفات من إشكالات الأجندات الأخرى غير المؤمنة بمشروع التسوية ، عمليات الجهاد الإسلامي وحماس أربكت السياسة الفلسطينية الرسمية لسنوات طويلة .

وفي المقابل مشروع حماس بكل بساطة لم يجب على التساؤلات الهامة في بنية مشروعه ، حول ماهية هذا المشروع وهل هو مشروع وطني يسعى لتحرير فلسطين أو جزءا منها على الأقل ، أم أنه مشروع يأخذا بعدا أكبر ، يأتي في إطار إقليمي ، هل يمكن الجمع بين المقاومة والسياسة ؟ ، هل يمكن استخدام أدوات أخرى عدا عن الشكل المباشر الذي يعتمد البندقية والصاروخ ، هل هي بديل لمنظمة التحرير ؟ هل تؤمن بالتسويات السياسية مع إسرائيل _ الدعوة إلى هدنة طويلة الأمد _ ما هو شكل علاقتها مع الداخل الفلسطيني ، هل الإيمان بالتغيير المستند على العنف الداخلي هو جزء من طبيعتها ، أم أنها لجأت إليه اضطرارا ؟
مأزق للمشروعين بشقيهما التفاوضي والمقاوم
ما حدث ويحدث من نتائج كارثية في الوطن يؤشر على مأزق جميع الأطراف التي يبدو أنها لم تدرك بعد ، أن التوافق والوحدة ليست مجرد شعارات وخطابات لفظية يمكن استعاراتها من اللغة لاستخدامها متى شئنا ، علقت المفاوضات مع المفاوضين حتى وصلوا إلى قناعة متأخرة أن تعليق المفاوضات مع الإسرائيليين بات ضرورة وطنية ، وأن إسرائيل بتركيبتها الماضية والحاضرة والمستفبلية ، ليست مؤهلة لتكون جزءا من عملية سلام ، المقاومة في غزة أيضا تدرك أن الأوضاع على كل المستويات أكثر من سيئة ، وأن هذه المقاومة بأشكالها الحالية لا تستطيع أن تحسم الصراع مع إسرائيل بأي حال من الأحوال ، ويكفي مقارنة عدد الشهداء الفلسطينيين بالقتلى الإسرائيليين لنعرف أن معركة الاستنزاف التي تقودها إسرائيل ضد الفلسطينيين هي معركة صعبة طالما أنهم وحدهم على المذبح .

أحد المحللين السياسيين قال " أتخيل هل من الصواب استنزاف قوة الشعب الفلسطيني بهذا الشكل من قبل المقاومة إذا قدر الله لهذا الصراع أن يدوم مائة عام "

الإجابة مفزعة مع نشيد الفلسطينيين المتواصل آه يا وحدي .

حماس أعلنت مرارا أنها لا تعاني من عقدة التسويات مع العدو ضمن مشاريع سياسية تصل إلى هدنة 50 عاما ، وفتح تعلن أنها لا مشكلة معها مع المقاومة وتستند إلى إحصائيات فعلية مثل ، أعداد العمليات الاستشهادية التي نفذتها فتح ، أعداد الأسرى الفتحاويين والذي يصل إلى أكثر من النصف ، وأعداد القتلى الإسرائيليين الذين سقطوا على أيدي جنودها ، إذا أين المشكلة ؟
الرغبة في الهيمنة والقيادة

ربما يكون هذا هو جوهر الصراع الذي يدفع الفلسطينيون ثمنه ، المحاصصة الدائمة ، هذا لك ، هذا لي ، والسؤال السخيف هو أين حصة الوطن من كل ما يجري .

كان الأطفال الرضع في غزة يموتون فيما الناطقون الرسميون للطرفين يردحون على الفضائيات ، وكأن الشعب الفلسطيني لا يكفيه موته ، إسرائيل تضرب حماس في غزة ، فترد حماس على المالكي والرئيس في الضفة ، تضرب إسرائيل السلطة في الضفة فترد على حماس في غزة ، هناك أمر غير مفهوم في السياسة الفلسطينية ، وكأنما الإيغال في حالة الانشقاق الفلسطيني الفلسطيني وتكريسها هو أسلوب النضال الأسهل لتحقيق إنجازات على الأرض ، فيما الإسرائيليون يتلاعبون بالطرفين ، وكأن إسرائيل تستثني أحدا في هذا الاستهداف .

ما يجب أن يدركه الأطراف جميعا ، أن لغة الردح لا تعيد وطنا ولا تزيل جدارا ، وأن دم الأطفال الذين تم استهدافهم هي أغلى من كل الرايات الموتورة التي تسقط العلم الفلسطيني علم الجميع لصالح هذا الطرف أو ذاك ، الردح على الفضائيات لا يصنع أبطالا بل يصنع مجرمين لا زالوا يعملون سكاكينهم في الجسد الفلسطيني المتعب ، دم الأطفال يقول أن ما يحدث هو عار على الجميع ، وأن نقاط الإلتقاء لا زالت كثيرة فيما لو خلصت النية ، ولكن حتى ذلك الوقت لن نكف عن الاعتقاد أن هذا الشعب ذكي ومخلص وأن هذه القيادات غبية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اليمن.. حملة لإنقاذ سمعة -المانجو-! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ردا على الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين: مجلس النواب الأمريكي




.. -العملاق الجديد-.. الصين تقتحم السوق العالمية للسيارات الكهر


.. عائلات الرهائن تمارس مزيدا من الضغط على نتنياهو وحكومته لإبر




.. أقمار صناعية تكشف.. الحوثيون يحفرون منشآت عسكرية جديدة وكبير