الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام الرسمي العربي

معتز حيسو

2008 / 3 / 5
الصحافة والاعلام


يعمل المسؤولين عن إدارة وتسيير أجهزة الإعلام الرسمي العربي على ضبط وسائل الاتصال في سياق يتضح فيه الترابط بين أجهزة الإعلام الرسمية والحكومات جراء جملة من العوامل والأسباب التي يتم من خلالها ولأجلها تحويل الوسائل الإعلامية إلى أبواق أيديولوجية تبرر الميول والتوجهات السياسية والاقتصادية للحكومات السائدة ، لتساهم بشكل فاعل في دعم استمرار السيطرة السياسية للحكومات وفق آليات عمل إعلامية محددة ، ووفق أطر ومعايير منمطة تترافق مع تزايد الحد من حرية التعبير والنشر و حجب المواقع الكترونية و التضييق على حرية الإعلام الفضائي وتحديداً المحطات السياسية والإخبارية .
في اللحظة الأولى وعلى المستوى الظاهري يبدو أن السعي الحكومي الرسمي لضبط البث الإعلامي الفضائي والوسائل الإعلامية الأخرى ، مبرراً في سبيل الحفاظ على الهوية الثقافة والتراث والمنظومة القيمية الأخلاقية والدينية ..... لكن في الحقيقة ، فإن سياق تطور الواقع المادي الملموس يتناقض مع هذه التوجهات ، ويتضح هذا التناقض من خلال الممارسة الرسمية لمعظم الحكومات التي ساهمت بأشكال مختلفة ومتباينة في تنامي ظواهر الفساد الاجتماعي والتخلف التعليمي والتسيب الأخلاقي وتنامي المد الديني الأصولي السلفي بأشكاله العصابية والعنفية ... ويعود جذر الإشكالية إلى أزمة النظام العربي الرسمي الذي يعتمد القمع والاضطهاد والتمييز ... بأشكال ومستويات متباينة كشكل لممارسة سيطرته السياسية التي أدت موضوعياً من خلال الاستئثار بالسلطة و تغييب الفاعلية المجتمعية إلى انحسار الممارسة السياسية المعارضة على مستوى نخب سياسية محدودة التواجد الاجتماعي والفاعلية مشكلة جراء ذلك فقاعة سياسية سرعان ما تتلاشي بفعل أزماتها الذاتية والموضوعية , إضافة إلى أن السياسات الرسمية كانت السبب في تزايد معدلات الفقر والبطالة... مما أدى وفق ترابط جدلي ديناميكي إلى تنامي الإشكاليات والأزمات الاجتماعية المتجلية في تزايد معدلات التحلل القيمي والثقافي والنكوص في بعض الأوساط الاجتماعية إلى التمسك بالأشكال الطائفية والعائلية والعشائرية والغيبية ... كأشكال وآليات دفاعية عن الذات ، ويتجلى هذا بوضوح في الأوساط الشبابية لما تعانيه من انعكاس آثار التناقضات السياسية والاقتصادية والأيديولوجية على سيرورة حياتها اليومية .
وهذا يحيلنا إلى ضرورة التنويه بأن المواطن العربي عموماً فقد المصداقية بالإعلام الرسمي بسبب محدودية تأثيره و لممارسته سياسة التعتيم و التضليل وتحجيب المواقع الكترونية السياسية بشكل خاص . ولهذا فقد أصبح المواطن العربي والإعلام الرسمي في مواجهة مكشوفة وحاسمة في ظل ثورة المعلومات والاتصالات الرقمية والفضاء الإعلامي المفتوح مع مؤسسات إعلامية عالية التقانة و موجهة أيديولوجياً لتفتيت وخلخلة بنية الإنسان عموماً ، ويتجلى هذا من خلال الوسائل الإعلامية التي تروج لوعي استهلاكي مبتذل يعتمد تسليع الإنسان وتضليله ، والتركيز على الإباحية و الشذوذ الجنسي و المثلية و الترويج للتعصب السلفي والشعوذة والتدجيل والترويج لمفاهيم وآليات ممارسة تساهم في تكريس وتنامي ظواهر الفساد والتحلل القيمي .. والتي لم تعد تجدي في مواجهتها تزايد معدلات الرقابة والمنع بالأشكال الرسمية المتبعة ، وكما نعلم بأن من يرخص للكثير من الوسائل الإعلامية الاستهلاكية هي الجهات الرسمية ، لنرى بالمقابل بأن السواد الأعظم من الجهات الرسمية تسعي إلى تحجيم وتحديد الفضاء الإعلامي السياسي والمدني المعارض لتوجهاتها السياسية .
إن ما يسود المجتمعات العربية عموماً من فساد وتحلل قيمي واجتماعي وأخلاقي نسبي ، ومن تردي للمستويات العلمية والتعليمية ، ومن تخلع وتخلف اقتصادي ، و احتكار للسلطة السياسية ... يستدعي من المعنيين التأكيد على إبراز أهمية قراءة الواقع من جديد وفق آليات معرفية وعلمية تمتلك الإمكانية على إدراك الواقع وتحليله وتحديد آليات الخروج من الأزمات الراهنة .
لكن في ظل استمرار هيمنة أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية مركبة تشكل السبب في ما آلت إليه حال الإنسان العربي ، فإن الخروج من دائرة الأوضاع الراهنة لا يتحدد في الأشكال الرسمية المطروحة مع أهمية ما قد يطرح من بعض آليات وأهداف . ويترابط هذا مع إشكالية اعتماد مبدأ الوصاية من قبل بعض الجهات الرسمية على مصير و مستقبل و أشكال تفكير الفرد ، مما يؤكد بأن الجهات الرسمية ما زلت ترى حتى اللحظة بأن الإنسان قاصراً وغير مدرك لحقائق الأمور ، وبالتالي فإنها الأقدر على التعبير عن مصالحه وميوله... في لحظة لم تعد فيها هذه المفاهيم تعبر عن الميول الموضوعية للتطور المادي الملموس للواقع الذي يفترض حرية الإنسان الفكرية والسياسية .. وفي لحظة لم تعد فيها الوصاية والاستتباع القسري أو التعتيم الإعلامي يجدي نفعاً في ظل الفضاء الإعلامي المفتوح على تناقضاته السلبية والإيجابية .
وهنا يجب التأكيد على أن أحد السبل إلى الحل تتمثل في دعم تماسك الأسرة و تكريس دورها الإيجابي ، و التركيز على ضرورة وأهمية تنمية وعي وثقافة الإنسان الحر والمبدع في سياق تجاوز آليات التفكير القائمة على التسليم والقدرية والجبرية والولاء والطاعة والسلفية .. وفق الأشكال السلطوية القائمة على تغييب حرية التفكير والتعبير .
ــ إتاحة المجال للإبداع الفردي ، والعمل على تطوير الذهنيات والمدارك العلمية ، والتربوية و الأخلاقية الداعمة للتماسك الاجتماعي بأشكال ومستويات تتجاوز التفكير العائلي /الطائفي / العشائري ...
ــ تحرير الإرادة العقلية و إطلاق حرية التفكير والتحليل والإدراك العلمي والإبداع الإنساني الذي تقوم على أساسه نهضة المجتمعات ورقيها الحضاري في مواجهة المؤثرات السلبية الداخلية منها والخارجية .
ـــ حرية العمل السياسي القائم على تكريس وتفعيل المفاهيم الديمقراطية على المستويين النظري والعملي ، والقائمة أيضا على المنظومات المعرفية العلمانية في سياق تجاوز المفاهيم الغيبية و الأشكال والآليات السياسية التي تساهم في إشاعة الفساد وتقييد الحريات .
== إذاً فــــــــي ظروف عالمية تقوم على عولمة الثقافة وثقافة العولمة الاستهلاكية المبتذلة في الكثير من جوانبها ومستوياتها ، فإن ما يشكل أساس النهوض الحضاري والتنمية الإنسانية هو وعي الإنسان لذاته ولمهماته التي يقوم عليها تطور البنى الاجتماعية ، ولكون الإنسان الفرد / الاجتماعي يشكل الأساس الموضوعي للبناء الاجتماعي ، ولكون تجاوز الأوضاع الراهنة يشكل الخطوة الأولى في سياق البناء الاجتماعي الحضاري الإنساني ، فإن إعادة الاعتبار والاحترام لذات الإنسان يشكل الخطوة الأولي في سياق التطور الإنساني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكومة المصرية الجديدة تؤدي اليمين الدستورية | #عاجل


.. إسرائيل تعرض خطة لإدارة قطاع غزة بالتعاون مع عشائرَ محلية |




.. أصوات ديمقراطية تطالب الرئيس بايدن بالانسحاب من السباق الانت


.. انتهاء مهلة تسجيل أسماء المرشحين للجولة الثانية من الانتخابا




.. إيلي كوهين: الوقت قد حان لتدفيع لبنان الثمن كي تتمكن إسرائيل