الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَنْ لا يَحْضُرُهُ الفَقيهُ

حكمت الحاج

2008 / 3 / 6
الادب والفن


لماذا تفكر؟
إنها سفينة شاردة من عُباب دجلة، ولكن دجلة هي مُقلةُ حسناء تفترش رَمْلَةَ الجانب الغربي من دجلة، والى جوارها حديقة مليئة بالمسرات ينبع منها طريق متعرج يسير عليه بساط يسابق الريح. أنت ذو حماس وحمية وإخلاصك موظف لخدمة أصحاب الفضل عليك في عملك. نعم أنت تعمل بالريح اللطيفة، وها أنت ذا تصل الصفر بسرعة.

الأم : ـ ما هذه النتيجة؟
الابن : ـ صفر في الإنشاء..

فَكِّرْ في هـــذا..

ها نحن قد وصلنا نهاية مسيرنا، وضميرنا يقودنا ليذهب بنا بعيدا. هل أنت أيضا؟
كم يوجد منا هناك؟
لا أحد.
وماذا يوجد هناك؟
لا شيء.

هذا كلام عام. والأحسن أن نتحدث عن ظرف طارئ يتحكم بالمصائر. ولكن هؤلاء القادة لهم وجهات نظر مختلفة بعض الشيء. هل تقول أنها مُخْتَلَقَة؟ حسن، لا فرق. سنضيف نقطة وحسب إلى الفاء فتصير قافا. هل أصبحتْ لك نظرة مختلقة للحضارة وللعواطف السامية؟ أنا لا ألعب بالكلمات. هناك أشياء سامية لا أنكر هذا وهنالك رأي قُلتهُ البارحة في اللغات العامية أنت تسميها "الدَّارِجات"، ليكنْ فالدَّرَّاجات تسلك نفس الطرق الموحلة المؤدية الى الحديقة الوارد ذكرها أعلاه مع الصبية إياها وكل هذا يسبب إساءة إلى السيد يوسف (اقرأ: جوزيف) جارنا المصاب بمرض وحيد القرن، ووحيد القرن حيوان يطلع في التلفزيون وليس فرنا وحيدا لصنع الكعك، وهذا المرض لا شفاء منه. كل مساء يطل علينا على مَدِّ البصر ذلك السيد يوسف الى درجة أننا لم نعد نعرف له شكلا ثابتا من الناحية الأخلاقية. ذات يوم جاءني مبتهجا وأقنعني بالانضمام إليه في رحلة سياحية في القطار وطوال الطريق بالقطار البطيء كان لا يتكلم قال يريد أن يركز على الطريق. وفي الوقت الذي قدم لي فيه كوبا من الشاي الساخن على حسابه في عربة الطعام غزا ملك الأحباش جزيرة في دلتا مصر كثيرا ما دَلَّ اسمها على صيغة التصغير. قال انه يسافر دائما بالطائرة وهذه أول مرة يركب فيها القطار ولكن "إيشْ نْسَوِّيْ للظروفْ"، قال.

وأخيرا ينزل المسافرون، فنركب سيارة أجرة تدفع بنا الى فندقٍ مع حمام زاجلٍ زاهٍ لونه وحروف ساكنة في صندوق موحد مع أحذية قديمة على سبيل الاستعارة. هل هذا صحيح؟

إنه مَاْسٌ حقيقي يستطيع الإنسان على ضوئه تمييز الحق من الباطل حتى وإن كان الحق غير محتمل الوقوع أو مشابها للباطل في أحيان كثيرة. هكذا يفعل الناس: يسيئون الظن بك على مرأى من الجميع، نظرك ضيق ،كذلك سمعك، رغم أنك من مواليد 1957 ،وقد كرست نفسك للأبحاث الصخرية تريد الساعة تغيير الضمائر في الحفلات والمباريات وما شَاكَلَ ذلك.

عذرا، لقد وصلْنَا ضَميرَنَا.

فَكِّرْ في هذا: الفتاة فمها كبير. قارنهُ بشيء آخر واضحك. الكلاب في الصيف تفتح فمها من شدة الحر لأنها لا تملك مسامات في جلدها كي يتبخر العرق منها فيكون اللعاب نازلا، واللسان نازلا، والحَرُّ كذلك. وهكذا ترى ان المسألة باتت جد مفهومة، عدا عن كونك بريئا بعض الشيء وهذا ناتج عن تربيتك المنزلية المرشوشة بالمبيدات.

أنا: كم تريد ثمنا لهذا الرأس؟

البائع: هذا رأس صديقك؟

أنا: كلا، إنه جاري.

البائع: إنه ناقم عليك.

أنا: كذلك أنا ناقم عليه.

البائع: أوووووووووووووه أنتَ لا تعجل بالسفر إلى السعادة.

ويكتفي البائع، بعدما أتيتَ أنتَ ووبخته توبيخا شديدا. أمامنا قبة مذهبة فدع البائع وشأنه انه شيخ محنيّ الظهر قام برحلة ذات مرة الى تركيا بالقطار ولما عاد من الرحلة لم يكن هو هو. لقد ضاعت روحه في القطار. وعندما احتفل أهله بعودته وسألوه أن يحدثهم عما شاهده هناك، راحَ يحدثهم عن القرن الثامن عشر وقال أنه عصر العقل والأنوار أما القرن التاسع عشر فإِنه "ما يسوى عندي فلسين". هكذا قال. أما أنا فلا أفهم في التاريخ أي شيء. قرأتُ فقط قصة من جزأين كانت كبيرة الحجم وبطلها اسمه "الكيخوتي" أو ما شابه ذلك. لا أتذكر بالضبط. وكان "الكيخوتي" هذا عنده خادم أمين اسمه "السمبازا". وقد سافرا كثيرا متلازمين. يقولون أن الذي يموت ولا أحد خلفه، تدفنهُ البلدية على حسابها. ألا ترى معي أننا مقصرون بحق البلدية من ناحية الفلوس؟ بالله عليك إذا مُتْنَاْ وصرنا ترابا، فبأيّ وجهٍ سنلقاهم؟

حسنا يا صاحبي خذ كتابي، الجزء الثاني منه، وارتكب سرقة بحقّ سرب عصافير قد أُوْسِعَ ضربا. لقد كانت الأجراس كلها تدقّ بعنف وهي طائرة. يطير النسر عاليا كما تعلم وينقضُّ على الفريسة بلمح البصر حينما يكون السكون شاملا أشاهد فيلما عن خادمة تسرق مال سيدها ولكون هذا العمل حراما فإنه لا يدوم تفتح الشباكَ وتصرخ "حرامي.. حرامي" وهي تقصد حرامياً جاء برغبته الى السلطة ذا شكيمة صعبة ولكن مالنا ولهذا كله. نرجع الى حكايتنا أقصد حكاية صاحبنا قلنا إنه رجل لا إرادة له وقد أخبرته برغبتي العنيدة في شراء مركب شراعي يسير بقوة الغيوم والسحب ولا أقول السحب فهذه بالفتح وتلك بالضمّ. هل ترى المنارة الملوية؟ لِمَ لا تذهب لملاقاة الطبيب؟ إنه رجل طيب، وقد أخذني إلى المتحف وأراني بنفسه ما كان يحدث كل يوم في بلاد "سومر" و"أوروك" و"أَكَدْ". ولكن الطبيب صار يتحدث مع المرشد الآثاري بصوت خافت عن حبال الإنعاش وكيف أن النسر لكي يعيش طويلا عليه أن يقيم في الريف حيث الهواء الفصيح ولكن كيف يعيش نسر من دخله فقط؟ إنه لا يكاد يملك قوت يومه ليعيش على مؤن الحرية؟ وإذا شَحَّتْ الأضاحي والنذور فهل سيقسم انه سيثأر لنفسه؟ لا يسعنا إلا أن نتمنى له الشفاء العاجل. خذْ باقي نقودك. لقد وَصَلْنَا ضَميرَنا.

كان هذا هو جوابي على سؤالك: كيف ستقضي الوقت على هذه السكك الحديدية؟ أما موظف الكمارك فلا أعرف ماذا أقول له. لقد جلبت معك أغراضا كثيرة قلت لك رَكِّزْ على الصغائر و الغوالي وأنت كنت تقرأ في كتاب لم أستطع أنا إنهاء جزئه الأول في خمس سنين. أنت تسرع في طلب العلم يا صديق.

لقد لَوَّحَ لنا رجل في سطح إحدى البيوت في قرية حدودية. كنا في القطار ولم نفهم الرسالة. ولكنني اليوم أستطيع أن أنقل لك فحواها ببساطة رغم انك منزعج ووقتك ضيق: باختصار قال لنا الرجل الملوح ان هذا كتابٌ غير مُنْتَهٍ. فقلت لنفسي بعد إطلاعي على هذه الشفرة ولا أُخفي عليك أنني الآن فرحان كمن ينزاح عنه واجب ثقيل، قلت لنفسي يا رجل، توقفْ عن القراءة فورا. وهكذا توقفت عن القراءة.

هذا ما أحببت أن أوضحهُ لك حتى لا تشعر انك متخلف عن غيرك من ناحية الثقافة العامة المطلوبة جدا هذه الأيام خاصة وانك مزمع على ارتكاب حالة ترق وظيفي عما قريب. هلْ وصلْنـَــا ضميرَنـــا؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -شد طلوع-... لوحة راقصة تعيدنا إلى الزمن الجميل والذكريات مع


.. بعثة الاتحاد الأوروبي بالجزائر تنظم مهرجانا دوليا للموسيقى ت




.. الكاتب في التاريخ نايف الجعويني يوضح أسباب اختلاف الروايات ا


.. محامية ومحبة للثقافة والدين.. زوجة ستارمر تخرج للضوء بعد انت




.. الكينج والهضبة والقيصر أبرز نجوم الغناء.. 8 أسابيع من البهجة