الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أس البلاء

جمال كريم

2008 / 3 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


لاكثر من خمسة وثلاثين عاما، تعرض خلالها خطاب الفكر والعلم والمعرفة في العراق الى عملية تصفية منظمة من خلال التخريب والتدمير والتهجير القسري للعقول الفكرية والمعرفية والابداعية العراقية الخلاقة ، بل مازال هذا الخطاب يعاني الملاحقة والتصفية مما جعل غالبية كبيرة من منتجيه تعبر حدود الوطن لائذة بدول الجوار أو بدول غربية اخرى، ذلك لما يمثله هذا المعطى الفكري والعلمي والمديني الحضاري المتنوع من فاعلية وقدرة على التغيير والتحديث في مختلف مستويات بنى المجتمع على اختلاف انواعها، فلهذا السبب واسباب اخرى تم اشاعة وترسيخ ثقافة العنف والاستبداد والقمع والبطش ومصادرة الرأي والغاء الاخر بكل الوسائل اللاانسانية، وهيمنة مضامين "الحزب الواحد، السلطة الواحدة، فضلا عن الخطابات القومية الزائفة عن وحدة وهمية، وعدالة اجتماعية ادعائية، وتحرر وطني مزعوم.. الخ"،هيمنة مطلقة على حساب الخطاب الوطني الحقيقي و الثقافي والمعرفي التحليلي البناء.
اذ غالبا ما تدرك السلطة الواحدة للنظام الشمولي ذي الحزب الواحد خطورة تطور مثل هذا الخطاب وما يشكله من انتاج في الزخم المعرفي المتنوع والمنفتح على الاخر، الذي يعطل منظومة المشاريع الفكرية ذات النزعة الايديولوجية التسلطية.
لا شك ان الشكل الابرز الذي يظهر في مثل هكذا انظمة سياسية ، هو النموذج الانحرافي في مسارات البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، الذي يؤدي بالفرد الانتفاعي، تحديدا، ان يكون داعية لثقافة العنف وبربرية الاحتراب سواء كان ذلك بين النظام القمعي وبقية شرائح المجتمع المختلفة او بين النظام ودول أخرى مجاورة، بمعنى اخر، ان أي نظام دكتاتوري مع نمو برامجه الشمولية بموازاة القمع واتساع مساحاته، سيصبح اكثر شراسة، معتمدا على مؤسساته الامنية ومعسكرات الاعتقال التي تطول أبناء البلد ، وهذاما سيجعل الخطاب المتسيد أوالمتسلط يقف، جنبا الى جنب، مع اطروحات وبرامج وشعارات النظام، لا بل مؤيدا له في كل الجوانب والاتجاهات، لذلك تجده لن يكتفي ان يكون انتفاعيا، بوقويا، بل سيسمح لنفسه ان يكون جزءا من مكونات ومتغيرات النظام، مما سيملى عليه ان يلتزم مروجا مفهوم العنف في الفكر والمعرفة والثقافة بل الحياة، متماهيا وراء ذرائع وادعاءات زائفة وباطلة تروج لها، شعارات النظام السياسي ذي السلطة الواحدة.
اننا غالبا ما نلاحظ أن هؤلاء المتماهين سيمتلكون قدرات تنقيبية من نوع خاص عن سمات وخصوصيات "السلطة الواحدة" مانحين اياها بعدا استثنائيا في ماضي الوطن او حاضره على حد سواء، ليس هذا فحسب، بل ستجدهم في المقام الاول في الدفاع عن برامج النظام الفاشية، منظرين لافكاره ومعرضين الاخر للتصفية والقمع.
لقد انتجت المراحل الافلة في الكثير من بلدان الانظمة الشمولية تحالفا من نوع ردىء جدا بين انموذج انتفاعي اضاع بوصلته الانسانية ،ودولة امنية، قمعية، ارهابية، حيث يتفق الاثنان على مصالح مشتركة، الاول يبتلع طعم الثاني والثاني يبتلع حقوق وحريات المجتمع من خلال القمع والقتل والحروب الدموية ،وايضا من خلال تعطيل مؤسسات المجتمع المدني وتطبيق قوانينه الدستورية، وبهذا يتم تفكيك بنى المجتمع، ليسهل من بعد ذلك الحاقه باوهام النظام الايديولوجية التي تتحدث كثيرا عن تنميات اقتصادية واجتماعية وسياسية وفكرية ثقافية! .
اخيرا قد تكون مقولة الدكتور زكي نجيب محمود اكثر تعبيرية عن محنتنا الكارثية :"أس البلاء في مجال الفكر، هو ان يجتمع السيف والرأي الذي لا رأي غيره في يد واحدة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا