الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف مرائي من الإحتلال! (في الرد على بعض محاججات دعاة التطبيع والإعتراف بإسرائيل)

أحمد عثمان

2008 / 3 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


في كل مرة يرغب المهرولون للتطبيع مع الدولـــة العبريـــة في تبرير موقفهم من إسـرائيل الدولـــــة التي قامت على الإحتلال وجلب المهاجرين لأراضي تم تهجير أهلهـــا عنوة عبر الترهيب والمجــازر، يقذفون في وجه من يعارضهم الرأي مقـــولات يعتقدون أنهــا مفحمة لذا لايملون تكرارها. ولعلـــه آن الأوان لتفنيدها حتى يرحمنـــا قائلوها من هذا التكرار الممل، ونوجز تفنيدنا لها فيمايلي:-
1. إن الفلسطينيين أنفسهم إعترفوا بالكيان الصهيوني ووافقوا على أن تكون هناك دولتين فلماذا نصبح ملكيين أكثر من الملك؟
هذه المحاججة القائمة على منطق شكلي مستقيم في الظاهر، يعوزها في العمق مايلي من مشكلات:-
أ. القول بأن كل الفلسطينيين موافقون على قيام الدولــة العبرية وعلى قيام دولتين غير دقيق بالمرة، فتنظيم مثل حماس التي تمثل غالبيــة الفلسطينيين يصر على إستعادة كامل تراب فلسطين التاريخيــة ولايقبل الدولـــة في حدود ال67 إلا كمرحلـــة يعقبها التحرير الكامل، في حين أن حركة الجهاد مــثلا لاترضى بغير التحرير الكامل. ولانظن بأن وصف هذه المنظمــات التي أصبحت تمثل غالبيـــة الشعب الفلسطيني –شئنا أم أبينا، إتفقنــا معها أو إختلفنـــا- بالإرهــاب أو التطرف سيغير من الأمر شيئا. فهذه المنظمـات –وليس منظمــة التحرير الفلسطينيـــة- تمــثل الأغلبيـــة وفوز حماس بالإنتخابات شاهد على ذلك. وحتى لو إفترضنا أنها لاتمثل الأغلبيــــة، فإنها تمثل قطــاعا كبيرا من الشعب الفلسطيني لايصح مع وجوده القول بأن الفلسطينيين-كذا- إعترفوا بالكيان الصهيوني وطبعوا معه.
ب.بإفتراض-مجرد إفتراض لانسلم به- أن كل الشعب الفلسطيني قد وافق على الإعتراف بالكيـان الصهيوني والتطبيع معه، لانرى أن مثل هذا الإعتراف يشــكل مبررا قانونيا ولا أخلاقيـــا لغيرهم للإعتراف بالكيــان الصهيوني والتطبيع معه. وذلك لأن هذا الإعتراف أتى تحت الإكـراه المستمر والعنف غير المسبوق من هذا الكيان المدعوم من قبل القوى الإمبرياليــة المسنودة من قبل وكلائها من حكام المنطقــة. والدلالــة على ذلك هو قبول منظمـة التحرير بنذر يسير من الأراضي التي منحها قرار التقسيم الشهير للشعب الفلسطيني لإقامــة دولتــه. ولايعقل أن يوافق غير المكره على قبول جزء من كل كان يرفضــه. هذا فيما إذا ضربنــا صفحــا عن كل ماتم ويتم للشــعب الفلسطيني من مجــازر وقمع غير مسبوق. وشبهـة الإكــراه المذكــورة، تجعل من إعتراف وقبــول الفلسطينيين الذين قبلوا، قـبولا ورضا باطلا لايعطي أي شرعيـــة للإحتلال بل يكرس شرعيــة القوة والإستعمــار فقط لاغير. وبالطـبع على من يريد أن يعـتد بمثل هكــذا إعتراف أن يجوز رضا المكره بشكل عام وأن يقبل البينات المأخوذة تحت التعذيب أيضا.
ج. من يقارن نفسه بالفلسطينيين الذين قبلوا تحت الإكــراه والإحتلال العنصري البغيض ، عليـه أن يثبت بأنه في نفس حالتهم أو على الأقل يعاني من ضغوط مكافئــة تدفعـه للإعتراف بالكيان الصهيوني وليصبح قابلا بالأصالة، وبالعدم يكون رهن موقفــه بموقف الفلسطينيين مجرد محاولة للإلتحاق بموقف الآخر برغم إختلاف المواقع وعمق الضغوط.

2. إن الدول العربيــة نفسها إنقسمت مابين موقع لمعاهدات سلام مع إسرائيل وأخرى تقيم علاقات معها علنيـة وثالثـة علاقاتها سرية ولم يتبق غير سوريا في المواجهة وهي نفسها تبحث عن سلام مع إسرائيل.
مثل هذه المحاججة لاتصلح لتبرير الإعتراف بإسرائيل والتطبيع معها لمايلي من أسباب:
أ. الدول التي إعترفت وطبعت وعلى رأسها مصر لم ترهن موقفها بموقف الفلسطينيين بل غلبت مصالحها كما تراها النظم الحاكمــة فيهــا ووقعت معاهداتها دون الأخذ في الإعتبار الأثر المدمر لهذه الإتفاقيـات على قضيــة الفلسطينيين وحقوقهم، ومن يريد إستخدام هذه المحاججة عليه ألا يربطها برضا الفلسطينيين المزعوم المنوه عنه أعلاه.
ب. حقيقــة أن الدول العربيــة المذكورة قد بنت موقفهــا على مصالحهــا كما تراها النظم، تعطي للسـؤال عن مدى مشروعيـة إعترافها بإسرائيل الذي أدى إلى إطلاق يد الأخيرة في تشديد قمعها للشعب الفلسطيني والإجتهاد في تصفية قضيتــه العادلـة والتي تعترف بها كل شعوب الأرض، أهمية كبرى. وكذلك تعطي السؤال عن مدى إستفــــادة شعوب هذه الدول نفسها من مثل هكذا إعتراف وتطبيع رسمي، أهمية قصوى، ودون الجميع مصر والأردن.
ج. خضوع هذه الدول لميزان قوى يميل لصالح الدولــة العبريــة المدعومــة إمبرياليــا وإتخاذها لقـرار بالإنخراط في المشروع الإمبريالي العالمي بالمنطقة لايعني أن موقفها سليم ليتبع. فطالما أن مقاومة هذا المشروع ممكنة في ظل هذا التوازن المختل لميزان القوى، يصبح الإستسلام خيار من له مصلحة فيه وليس من ضمن هؤلاء شعوب المنطقة بحكم طبيعة إسرائيل كقلعة متقدمة للإمبريالية وسوط لقمع الشعوب.
د. بإفتراض- مجرد إفتراض لانسلم به- أن إتفاقيات السلام المبرمــة والعلاقات السريـة والعلنية مع الكيان الصهيوني العنصري في مصلحــة شعوب المنطقــة وأن هذه الشعوب قد قبلت بهــا، فمثل هذا القبول لايعني بأيـة حــال إعطـــاء مشروعية لإسرائيل لأنها دولة بنيت على الإحتلال، والإحتلال باطل ومابني عليه باطل. ولأن بطلانه أصلي، لاتلحقه المشروعيـــة بإجازة لاحقـة. فالقرار الذي أنشأ دولة إسرائيل تحت ضغط الإمبريالية في الأمم المتحدة، باطل لأنه قنن الإحتــلال الذي يخالف مبادئ الأمم المتحدة وميثــاقها، وهو لايكسب الكيان المغتصب أيـة مشروعيــة. وهذا يعني أنه حتى في حال صحــة فريـــة أن السلام مع الكيـان الصهيوني لمصلحـة الشعوب بالمنطقـة، فإن مثل هذا السلام يعيبــه الإعتراف بالإستعمار ويقوض أركانه.

ماتقدم أعلاه يؤكد حقيقــة أساسيـــة، هي أن من يدعون للإعتراف بالكيــان الصـهيوني والتطــبيع معـه عبر إتفاقيــات إسستسلام تسمى بغرض الدلع إتفاقيــات سلام، ليس لديهم موقفا مبدئيا ضد الإحتلال. إذ أن من يملك موقفا مبدئيا ضد الإحـتلال، عليـــه أن يرفض الإعتراف بالإحتلال حتى وإن إعترف به الخــــاضع للاحتلال عبر رضـا يعيبه ويمحوه الإكراه، وحتى وإن إعترفت به كل حكومــات العـالم تحت قهر الإمبرياليـــة أو ممالأة لها. فإنكسار حكومـات وقبولها بالإحتـلال حفاظــا على كراسيهــا تحت دعاوى التعـــاطي بعقلانيـــة مع توازن القـــوى ومعطيـــات الواقــع، لايبرر للفـــرد أيا كــان القبــول بالإنكسـار وشرعنــة الإحـتلال، ومن يقبل بذلك يكـــون موقفه مـــن الإحـتلال مرائيــا وغير مبدئي فيما إذا زعم أنــــه ضد الإحــتلال وقهـر الشعـوب. وبالطــبع أن الموقف المســتقيم والمــبدئي مــن الإحــتلال، يســتلزم رفــض حـل الدولتين بإعتباره شرعنـــة لإحتلال جزء من الإراضي الفلسطينيــــة وهي تلك التي احتلت قبل العــام 67. ولذلك تجــــدنا-مع إحــترامنــا للقوى الفلسطينيـــة التي ترى عكــس ذلك- ضد حــل الدولتين، ومع بقـــاء الدولـة موحـدة بشرط تحولها لدولــة ديمقراطيــة فعليــة يعـود إليها الفلسطينيين المهجرين وتلغى فيهــا كافــة القوانين العنصريــــة، وتزال آثــار الإحــتلال وتبنى الدولـــة على حق المواطنـــة لا الهويــة اليهوديـــة، بحيث يتاح للقــــوى الديمقراطية من الشعبين الإتحاد من أجل بناء وطن خير وديمقراطي تسوده العدالة الإجتماعية وينعم بالحرية والرفاه.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل